تستند الإمارات وحكومتها في قراراتها، على الدوام، إلى نهج مدروس بعناية دقيقة، تنظر بشمولية إلى جميع الإيجابيات والآثار المترتبة على هذه القرارات، سواء على المدى القصير أو الطويل، وأيضاً في امتداد هذه التأثيرات على كافة الجوانب الاقتصادية والمجتمعية للناس وحياتهم، وهي أولوية كل القرارات والسياسات التي تهدف باستمرار إلى رفع جودة هذه الحياة.
أخذ النظام الجديد للعمل الأسبوعي في الدولة، الذي تم اعتماده أمس، نصيبه الكبير من الدراسة والمراجعة، ليأتي ملبياً لكل التطلعات، ويحدث تأثيراً فاعلاً وإيجابياً من جميع النواحي، وعلى كافة الأهداف والأولويات التي تمضي الدولة بتسريع إنجازها، وفي مقدمتها مضاعفة مسارات التنمية وخلق مزيد من الفرص للجميع في كل قطاعات العمل.
تعكس النظرة المتفحصة للنظام الجديد الذي يعتمد 4 أيام ونصف يوم عمل لتصبح عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد، والجمعة نصف يوم عمل، آثاراً إيجابية لا تحصى، ومع ما يتيحه من وقت إضافي في العطلة التي ارتفع نصيبها، لتعزيز الترابط الأسري والتلاحم المجتمعي، وتحقيق مزيد من التوازن بين الحياة الشخصية والعملية، فإنه لا يتعارض بأي حال مع التشريع الديني أو الثقافة المجتمعية، إذ لا تنص شريعتنا الإسلامية على أن يوم الجمعة هو يوم تعطيل عن العمل، بل جاءت كل النصوص على العكس من ذلك، مع مراعاة وقت الصلاة المفروضة، وهو ما وجد حرصاً واهتماماً كبيرين في القرار الذي نص على توحيد موعد إقامة خطبة وصلاة الجمعة، لتكون الساعة 1:15 ظهراً على مستوى الدولة طوال العام.
في ضوء سعة الشريعة وسماحتها، فإن تغليب المصالح الوطنية العليا يقتضي إحداث نقلة شاملة في تنافسية الإمارات التنموية والاقتصادية، وهو ما يخدمه القرار بعوامل كثيرة مؤثرة، إذ يعزز لاقتصادنا مزيداً من الاندماج في الاقتصاد العالمي، ويرسخ الدولة محوراً للربط بين الشرق والغرب، ويؤمّن تطابق أيام التبادلات والتعاملات التجارية والاقتصادية والمالية مع دول العالم، حيث يكون قطاعا المال والتجارة، إضافة إلى قطاع الطاقة، في صدارة المستفيدين من القرار، ما يوفر بالتالي مليارات الدولارات سنوياً على الدولة.
تمتد الإيجابيات الاقتصادية أيضاً إلى جميع المؤسسات والشركات التجارية التي تتخذ من الدولة مقراً لها، بما يوفره لها القرار من مزيد من وقت العمل المشترك مع الشركات حول العالم، وهذا ينعكس بالتالي على تقوية قاعدة استقطاب الشركات العالمية التي ترى في الإمارات البيئة الأفضل والوجهة الأولى لاستثماراتها.
وسيكون هناك أثر بالغ لرفع نصيب عطلة نهاية الأسبوع على تنشيط حركة الاقتصاد محلياً في جميع القطاعات، وخصوصاً في قطاعات حيوية مثل التجزئة، والضيافة والسياحة والترفيه، وهو ما سيجني الجميع نتائجه المباشرة من خلال توليد الفرص في هذه القطاعات.
الإيجابيات لا يمكن حصرها، ولا تحتاج إلا إلى وقت قصير لتظهر نتائجها الملموسة، وإذا أخذنا بالاعتبار حقيقة أن القرار لا يمس أي واجب ديني، بل واجب النهوض بالإنسان واحتياجاته، نستطيع أن ندرك أنه قرار استثنائي وجريء سيحقق نقلة في الحياة وجودتها، وازدهارنا الاقتصادي والاجتماعي.
بقلم: منى بوسمرة