|  آخر تحديث أغسطس 27, 2021 , 0:54 ص

المرأة الإماراتية


المرأة الإماراتية



 

 

كلما مرّ الثامن والعشرون من أغسطس في ذاكرتي شعرت أنني أعيش في المدينة الفاضلة الخيالية التي أرادها أفلاطون في فلسفته الخاصة،  أمسك  بقلمي لأكتب عنها ، تزاحمت الأفكار، وغالبتني الحيرة ، من أين أبدأ؟ وكيف انتهي ؟

 

إنها أصل البشرية ، ومنبت الحياة وجمالها ، كَتب عنها المجلدات ، ومازال في الجعبة الكثير، فهي الجدة والأم والأخت والإبنة والحفيدة ، لا تصلح الأمور إلا بها ، الحضن الدافئء ، ملتقى الضائع ، مرسى الحيران واستراحة المتعب ، منبع الأحاسيس، قست عليها الأيام وظلمتها القوانين، وأنصفها الإسلام وحصّنها، ذكرها الله في مواضع عدة بالقرآن الكريم ، وخصّها بسورة باسمها، واصطفى الله منهن رموزا للعفة والطهارة، وما مريم العذراء إلا معجزة حيّرت كلّ من يسمعها، فقد أوحى الله لرضيعها للدفاع عنها، وهذه زوجة النبي صلّى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها تنزل الآيات من علي السماء تحمل شهادة براءتها من حديث الإفك، أوصى بها رسول الله صلوات الله عليه بها، في الحديث الشريف الذي نعرفه جميعاً.

 

وعلى مرّ التاريخ حظيت المرأة باهتمام الدارسين،والخنساء وبنت الأزوروزرقاء اليمامة، ماهي إلا شواهد على أهمية المرأة في كتابة التاريخ، عانت المرأة العربية ما عانت، لكنّها ناضلت من أجل حقوقها، تميّزت في صبرها، وتألّقت في عبقريتها، نالت بعضًا من حقوقها، ولكنّها في دولة الإمارات حظيت باهتمام مؤسس دولتنا الشيخ زايد بن سلطان – رحمه الله واسكنه فسيح جناته – الذي أولى المرأة اهتماماً ملحوظًا، إذ لم تمض أربعة أعوام على تأسيس الدولة حتى تمّ تشكيل أول اتحاد نسائي عام 1975 بمساهمة رائدة العمل النسائي الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات – أطال الله عمرها – لتضع اللبنة الأولى في الصرح النسائي الذي صار مثالًا يحتذى على كلّ لسان، فأصبحت الوزيرة والسفيرة والمديرة والشاعرة والكاتبة ، القاضية والطبيبة، خاضت مجال السياسة ، نافست الرجال في عالم الاقتصاد والتجارة، حتى بلغ عدد سيدات الأعمال 22 الفاً منذ سنوات قليلة.

 

 

 

وما أدهشني في المرأة الإماراتية أنّها خاضت مجالات لم تكن المرأة تتجرأ في الخوض  وأخصّ بالذكر مجال القضاء، الذي كان حكراً على الرجل لاتلج المرأة فيه حتى عتبة بابه ، ناهيك عن المجالات الأخرى من علوم البيئة والفضاء والأبحاث الطبية والمعرفية، بل الإحصائيات الجديدة تشير إلى تجاوز المرأة الرجل وخاصة التعليم الجامعي، وهذه اشارة واضحة إلى المكانة التي حظيت فيها المرأة الإماراتية في ظل دولة سعى حكامها جاهدين للسير على خطى والدهم الشيخ زايد رحمه الله – فقد تمّ سنّ القوانين التي تحفظ حق المرأة لتحصينها وجعلها فاعلة ومتفاعلة في كافة جوانب الحياة.

ففي عام 2015 حلّت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في مؤسسة احترام المرأة، ثم راحت المرأة الإماراتية تنافس الرجل في مجال السياسة حتى نالت مايقارب خمسين بالمئة من مقاعد المجلس الوطني وهذه نسبة ليست بالقليلة، مهدت الطريق لتكون المرأة قائدة سياسية أو ممثلة لدولتها في الخارج كسفيرة، حتى صارت الأرقام خيالية فهي تشكل 66% من الوظائف الحكومية، و33% من الوظائف القيادية المؤثرة.

هذه الأرقام ماهي إلا غيض من فيض، وربما لانجده في العديد من الدول المتقدمة والمتطورة.

ولم تكن المرأة الإماراتية غائبة عن مجال الأدب والشعر، لقد عرفت الشاعرة الإماراتية عوشة بنت خليفة السويدي والملقبة ب ( فتاة العرب ) في سبعينيات القرن الماضي إذ العشرات من الشاعرات والأديبات التي لايسمح المقال لذكرهن جميعا.

ولم يكن الاهتمام بالمرأة الإماراتية من فئة الشباب فحسب، فقد حرصت قوانين الدولة على تسليط الضوء على المرأة فوق الخمسين، إذ هيأت لها المجال لتترك بصاتها الطيبة في مجال الأسرة، حتى غدت الأسرة الإماراتية أسرة فيها الأم المتعلمة والحكيمة، حتى غدت أسرة مطمئنة فيها الآمان والرضا، تحرص على أبنائها تؤمن لهم مستقبلا واعداً تسهر الليالي لرعايتهم وحمايتهم.

 

 

 

وقد كان لجمعية النهضة الظبيانيّة والتي أنشأت في عام 1975 كأول جمعية نسائية في الإمارات لها الدور البارز في مجال بناء أركان الأسرة الإماراتية الفاعلة ، بعدها راحت الجمعيات تنتشرعلى أرض الوطن، حتى غدت الجمعيات في كل المدن والقرى، تواكب دور المرأة في كل المجالات التي سبق ذكرها، وقد ركزت في نشاطاتها المختلفة على المهارات التي تؤكد هوية الإمارات التراثية، وابدعت في هذا المجال أيما إبداع، وغدت تشارك في المحافل الدولية والعربية والمحلية، إذ اعتمدت دولة الإمارات في استراتيجيتها على الدخول في عالم الاستدامة لما بعد بعد اليوبيل الفضي، العام الذي تحتفل فيه دولتنا العزيزة بمرور خمسين عاماّ على تأسيسها.

 

 

لم يكن دور المرأة الإماراتية حبيس المظاهرواستخدامها كأداة لتحقيق المآرب، بل صار حقيقة لا رجعة فيه، اثبتت المرأة أنها قادرة لتكون فاعلة في كل المجالات التي سبق ذكرها.

 

 

وسنسمع قريباً أنّها ستكون رائدة فضاء، أو قائدة غوّاصة أوما إلى ذلك من المجالات التي لم تتجرأ المرأة سابقاً.

هنيئا لك أيتها المرأة الإماراتية احتفالك السنوي، وإلى مزيد من التقدّم والرفعة ليكون الجميع مسؤولا في دولة العزّ والحضارة دولة التعايش والتسامح مع كافة الشعوب والجنسيات.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com