|  آخر تحديث أغسطس 17, 2021 , 0:51 ص

النور .. بداخلك ولا تشعر!


النور .. بداخلك ولا تشعر!



لبي نداء روحك ..
إلي هؤلاء من يخوضون معركة الحياة بمفردهم عابرين في طريقهم إلي النور ويعيشون مخاض ولادة جديدة لوعيهم وإلي من يشعرون بالفراغ والثقل الداخلي لأن لا أحدا يقدر أو يستشعر حجم الإنهاك النفسي الذي يعيشونه إلا القلة القلية في عالم مكتز بالأقنعة التي تتغير مع تغير المصالح الشخصية ومع تخلي الإنسانية في طموحها الدؤوب للتقدم عن أثمن هدية طبيعية لها وهي أن “الشفاء من الداخل إلى الخارج هو المفتاح” فلاتجعل ضجيج الأخرين يحجب النور بداخلك ولا تحاول أن تثبت لأحد البعد الذي تعيش فيه فهو بعدك انت واللغة التي تتحدثها هي لغتك انت مع الكون والذات العليا..
ليس من السهل أن تستمر في رحلتك إلي النور دون أن تخلق بداخلك نظرة سوداوية للحياة ومن عليها من تناقض فكري  يزعزع امان رحلتك مرورا بالضبابية الفكرية ومشاعر الإحباط وسيكولجية مجتمع أصبح يستشعر قيمته من الأمان المادي البحت الملئ بالدونية ،ويليهم مستنزفي الطاقات من أجل اللاشئ فقط ليضعك في موقف الدفاع عن النفس والجدال بل ويعين نفسه قاضي علي أفكارك وتجاربك التي مررت بها وتأملتها قبل أن تنير عتمتك الداخلية.
جميعنا نقع تحت ضغوط مجتمعية فارضة للأفكار والمعتقدات والتجارب الذاتية ومؤخرا (اللعنة التريندية) إذا صح القول، ولكل منا تجربته الفردية التي تختلف عن غيره في خصوصيتها ومشاعرها، وتوكيداتها التي ولدت لديه قناعات وأفكار تختلف عن تلك التي توصل إليها الآخر، والفيصل الحقيقي في صحة هذه الأفكار هو تجربتك الشخصية في حد ذاتها، فأثناء مرورك بالصحوة الروحية أنت لم تجلس في معملك الكيميائي لإعداد التجارب والمعادلات أو النظريات الناتجة عن بحث علمي يساعدك علي إكتشاف الذرة أو ابحاث عن ثقب الأوزون إعتمادا علي دراسة إستقصائية، مع العلم ان معظم نظريات اينشتاين العلمية بدأت كتخيل حدسي، ثم تحولت لفكرة عقلية ونظرية مثبتة علي أرض الواقع، ولكن أثناء الصحوة انت تلبي نداء روحك بتجارب روحية ترفع وعيك وترتقي به لتدرك الكثير عن ذاتك بالأتصال بصوتك الداخلي. وحدسك لصناعة فارق في رحلتك الأرضية فالعقل هو الخادم وانت سيده.
الصحوة من الهدم إلي البناء
ستعيش عاصفة يجتاحها الخوف والفزع الحقيقين، وفقدان لمعالم الإتجاه أثناء هذه المرحلة الإنتقالية من الظلام إلي النور لهدم كل ما توارثناه منذ ولادتنا وتعايشنا معه طوال اعمارنا من أفكارنا عن انفسنا وما هية الوجود ومفاهيم حياتية مكتسبة لتطفو علي السطح اثناء التخلي عنها رغبة منا في إعادة صياغتها وبناء هوية جديدة و قوة فكرية خلاقة إبداعية تاركين تلك المنظومة الفكرية بنسختها القديمة وهويتها المزيفة ،ستعيش حالة داخلية بمثابة الحياة بعد الموت ..في البداية سيحدث الصدام مع منظومتك الإجتماعية والمقربين فمنهم المجادلون من أجل الجدال ومنهم من يجادل رغبة منه أن يثبت انه علي صواب وتغيير رأي الأخر متناسيا الهدف الحقيقي من الحوار الفعال وهو الوصول لوضوح الرسالة من الأفكار أو المعتقدات وإلقاء الضؤ عليها بناء علي التجارب الذاتية وهذا النوع من الجدال دائما ما يكون المتحكم به هي (الأنا) والرغبة في إفتعال الخلاف وإستنزافك طاقيا ومحاصرتك بالصراع النفسي لمجرد أن من يمتهن الجدال يتكاسل عن البحث وتقصي الحقيقة بالنظر إلي داخله ومحاولة التأمل والبحث في عالم زاخر بالتبادل المعلوماتي المرئي والمقرؤ والمسموع أو بالإستعانة بروح كاتب صادق عاش نفس التجربة وتحدث عنها بقلبه وقلمه معا ومثالاعلي ذلك الخلاف علي فكرة ما إذا كانت المشاعر تبدأ من (القلب أم العقل ) أي من هو القائد الحقيقي للمشاعر؟
أوفكرة التبادل الطاقي الروحاني فكل تلك القناعات اصبحت تطفو علي السطح الأن لأننا نعيش في مرحلة إنتقالية بالوعي ..
(عصر الصحوة والإشارات الكونية)إنتقالا لبعد أعلي من البعد الثالث أو الأرضي وهناك الملايين من البشر ممن يعيشون نفس المشاعر فأنت لست وحدك.. وما علينا إلا أن نتوقف عن الرغبة في إقناع الآخر أو صناعة حالة من الجدال والتبرير مع هؤلاء وليس لأنهم مخطئين تماما ولكن لأن كلا منا له تجربته الذاتية وتدرجه في المعرفة الإلهية الذي يعيشها أثناء رحلة إرتقاء وعيه فأنت لست مضطرا أن تعيش في إستنزاف طاقي ولا مطالب بإصدارالحكم علي وعي غيرك أو إقناعه مالم تكن صانع لمحتوي إرشادي فيتوجب عليك في هذه الحالة تبادل الأراء والقناعات والرد علي التساؤلات ووضع حدود صحية أثناء الحوار لأن كلا منا يتوصل للفكرة تبعا لإختلاف ثقافته وبيئته وتعليمه ووظيفته ودينه وحدسه ووعيه الحالي وإستيعابه للإشارات والأجراس الكونية، فالفكر هو الشك والرفض والظن الذي يشتت ويفرق، أما القلب فهو المرشد والدليل الذي يجمع ويوحد ويرتب ومعظم من هم علي طريق الصحوة (Emotional empath) أي اشخاص لديهم إستشعار طاقي للهالات المحيطة بهم والجدال العبثي الغير مجدي يستنزف أرواحهم وطاقتهم ويضيع أوقاتهم وذلك بناء علي تجربتي الشخصية مرورا برحلة نور الصحوة وموت الأنا الزائفة المبرمجة من البيئة الخارجية فلتضع دائما نفسك الأولوية في الوصول للسلام النفسي وإستثمارك لطاقتك وإبداعك فيما يضيف إلي رحلة وعيك ولا يعطلك عن إستمرارية تطورك وإرشادك لمن يحتاج لذلك بتوظيف ما مر بك من ألالام ومتاعب وإرتقاء لوعيك كهدفا لإرشاد الأخرين بأن لا يخوضو تلك المآسي وتعليمهم من خبراتك وما مررت به من دروس وكانت هي  معلمك للمضي قدما كالمحارب ،ولنتحرر من ظلام الأنا فأكثر من نصف أمراضنا الجسدية والنفسية والعقلية. تأتي إلينا عن طريق الأنا المتعالية وقد سبقنا في الصحوة العديد من المؤثرين والمفكرين بخبراتهم الحياتية والروحية في هذا الكون مثل أوشو ونيلسون مانديلا وغاندي وغيرهم ممن أفادونا بخبراتهم الذاتية في رحلة الوعي والإرتقاء بالنفس وكانو خير دليل وعونا للبشرية ،فلتبتعد عن الضوضاء والصخب (التريندي)، وتعيش حالة من الصمت لبعض الوقت تنفرد فيها بروحك لتستمع إليها ولحدسك جيدا فهما المعلم الأول والأخير ومرشدك إلي النور حين توازن بين العقل والروح والجسد ..
التنقيب عن بصيرتك 
خلق الله سبحانه وتعالي غريزة بشرية في كل البشر وهناك من نقب عنها ليجدها وهناك من اهملها فاهملته وهي البصيرة والحدس الذي يصنع الشفافية بداخلك، ليرفع وعيك ويساعدك علي إدراك ذاتك الحقيقة وكلما طورت هذه الغريزة وعملت علي إظهارها للنور كلما كانت سببا في خدمة ذاتك ومن حولك بتوجهيها في الطرق السليمة وكلما طمست صوتها هربا منها فأنت تحكم علي نفسك بالضياع النفسي لإننا هنا  في هذه الحياة في مهمتين هما عبادة الله سبحانه وتعالي كأننا نراه أمام أعيننا ونستشعره في كل تفاصيل يومنا وأفعالنا قبل أداء الشعائر الظاهرية أو العبادات الأساسية كالصلاة والصيام والزكاة وثاني هدف هو تعمير الأرض بالخير والسلام بإيجاد القيمة والمعني الذي يخدم أرواحنا ومن حولنا، ونقوم بها عن قناعة وبحب وعندما تحيد عن تلك المهام ستفقد الطريق ومهما اغتنيت. فأنت تريد المزيد دائما ولم ولن تشبع لأنك قد هجرت ذاتك منذ البداية فكيف ستجدها !
يقول د. هاوكينز أن ‏الأشخاص المتقدمين روحياً، لا يهم سواء اتفق معهم الآخرون أم لم يتفقوا، لأنهم لم يعودوا بحاجة الى البحث عن التأييد والقبول خارج أنفسهم.
إسأل نفسك هل تشعر بأنك حقيقي أم أنت القناع الذي ترتديه لترضي من حولك ؟
 المعقول للعقل محدود للروح..
وفي الأخير أود أن أذكرك أن الهدف من الصحوة هو الوصول لتجلي الحب الذاتي الإلهي اللامشروط وليس ربط حبك لذاتك بالعالم الخارجي والتعلق بالأشياء والأشخاص، لتتجرد من كل الشروط والمعاني المقنعة للحياة والتي تعطي لنفسك قيمة زائفة، من خلالها فهنيئا لك مقدما علي عبورك من النفق المظلم إلي النور وليكن همك هو عبور آمن بسلام وولادة قمر جديد من عتمتك.
بقلم: رشا أبو العز 
باحثة وإعلامية

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com