«تمت المهمة بنجاح».. «راية الإمارات على المريخ»، كلمات أثلجت الصدور، في مشهد مهيب، اختلطت فيه لحظات الترقب بدموع الفرح، وارتفعت القامات عالياً في سماء الفخر والاعتزاز، بالتاريخ الجديد الذي يكتبه «عيال زايد» لإمارات الرفعة والشموخ، ولأمة العرب، باستعادة أمجادهم، وصناعة قفزة غير مسبوقة في تاريخهم، وفتح فضاءات مستقبل جديد أمامهم لم تكن تصله حتى الأحلام.
تاريخ جديد للعرب
«عيال زايد» اليوم، حققوا أحلام أجيال كاملة، وأثبتوا للعالم أجمع، أنه لا شيء مستحيل في طريقهم، وأن تفوقهم ونجاحاتهم المستحقة أهل لأن تثري الحضارة البشرية بإسهامات كبرى، لا تحصرها المكاسب العلمية والمعرفية، بل تتعدى ذلك إلى قيم إيجابية تقف الإنسانية بأشد الحاجة لها اليوم، فما أرسله مسبار الإمارات أمس، من مداره حول المريخ، ليس مجرد إِشارة، وإنما رسالة أمل عظيمة تلقاها العالم أجمع لتضيء له نفق الظروف المظلمة التي ألمت به بشعلة تفاؤل لا تنطفئ.
عربياً، ما تحقق لا يقاس بأي إنجاز في تاريخنا قديمه وحديثه، فهو كما يقول رئيس الدولة نشأ من رؤية طموحة تلبي آمال الملايين من العرب بأن تكون لهم قدم راسخة في استكشاف الفضاء. وهذا الإنجاز هو إيذان ببدء مرحلة جديدة من تاريخ العرب، مرحلة يعنونها محمد بن راشد بـ«الثقة.. الثقة بأنفسنا وبشبابنا وبشعوبنا العربية.. الثقة بأننا نستطيع أن ننافس بقية الأمم والشعوب»، ووطنياً، كان يوم أمس بحق، يوماً وطنياً ثانياً في الإمارات، كما وصفه محمد بن زايد، فهو يوم للتاريخ، تتعزز فيه الإرادة السياسية القوية للإمارات، بإنجاز صادقت فيه على أحلام التأسيس بتحقيق طموح زايد، لتتوج به إنجازات الخمسين عاماً الماضية، وتبدأ احتفالاتها بيوبيلها الذهبي بفكر مختلف، ونموذج متفوق، ومسار نوعي جديد تثبت فيه أننا أهل حضارة وعلم ومعرفة وقادرون على استعادة حضارتنا.
المنعطف التاريخي الذي تحدثه الإمارات على كل هذه المستويات، يصنع أثراً عميقاً، نفسياً وفكرياً، لدى شبابنا العربي وأجيالنا، في تحول نوعي يقود توجهاتهم نحو المستقبل، وعلى المستوى العالمي، فإن هذا النصر والفتح العلمي، الذي يجعل من دبي نقطة الاتصال بين الأرض وأبعد نقطة في الفضاء وصلها البشر، يحدث تأثيراً غير محدود على مستقبل البعثات العلمية للدول الأخرى، ويحفز الشراكات الدولية في هذا المجال، ويحرك مزيداً من الدافعية لاستكشاف هذا الكون الذي نعيش فيه.
الفرحة الأكبر التي نجدها الآن عند المجتمع العلمي العالمي، لها مبرراتها القوية، فما ستبدأ الإمارات بتوفيره للعالم من معرفة غير مسبوقة عبر «مسبار الأمل»، سيصنع فارقاً مهماً تنظره الأوساط العلمية لتطوير قدراتها في سبر هذا الكون الشاسع.
التاسع من فبراير، يوم للتاريخ، لأن الإمارات، بإرادتها الصلبة وبقوة «الأمل»، قادت فيه تحولاً جذرياً في تاريخها، وفي تاريخ أمتها، وفي تاريخ العالم أيضاً، لتثبت أنها شريك فاعل ومؤثر في صناعة مستقبل البشرية.
بقلم: منى بوسمرة