بدأ قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أمس، أعمال القمة السادسة والثلاثين في الرياض، بمشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على رأس وفد دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتبحث «قمة الرياض» التي تنعقد على مدى يومين في ظل مرحلة تاريخية تمر بها المنطقة والعالم، أبرز القضايا والموضوعات المتصلة بتعزيز وتعميق التكامل والتعاون بين دول المجلس في مختلف المجالات، ومناقشة أهم التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة قال فيها إن منطقتنا مع ما تنعم به دولنا من أمن واستقرار وازدهار تمر بظروف وتحديات وأطماع بالغة التعقيد، تستدعي منا التكاتف والعمل معاً للاستمرار في تحصين دولنا من الأخطار الخارجية ومد يد العون لأشقائنا لاستعادة أمنهم واستقرارهم. ومواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من تحديات وحل قضاياها، وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأضاف إنه بالنسبة إلى اليمن فإن دول التحالف حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق تحت قيادة حكومته الشرعية، ونحن في دول المجلس ندعم الحل السلمي ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية، مشيراً إلى أن السعودية تستضيف المعارضة السورية دعماً منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية ووفقاً لمقررات «جنيف1».
وأكد خادم الحرمين الشريفين أن على دول العالم أجمع مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره، حيث بذلت المملكة الكثير في سبيل ذلك، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، مؤكدين أن الإرهاب لا دين له، وأن ديننا الحنيف يرفضه ويمقته، فهو دين الوسطية والاعتدال.
وقال خادم الحرمين الشريفين: «يأتي لقاؤنا اليوم بعد مرور خمسة وثلاثين عاماً من عمر مجلس التعاون، وهو وقت مناسب لتقييم الإنجازات والتطلع إلى المستقبل، ومع ما حققه المجلس فإن مواطنينا يتطلعون إلى إنجازات أكثر تمس حياتهم اليومية وترقى إلى مستوى طموحاتهم. وتحقيقاً لذلك فإننا على ثقة أننا سنبذل جميعاً – بحول الله – قصارى الجهد للعمل لتحقيق نتائج ملموسة لتعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دولنا، ورفعة مكانة المجلس الدولية، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاه المواطنين، والعمل وفق سياسية خارجية فاعلة تجنب دولنا الصراعات الإقليمية، وتساعد على استعادة الأمن والاستقرار لدول الجوار، واستكمال ما بدأناه من بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة بما يحمي مصالح دولنا وشعوبنا ومكتسباتها.
ثم ألقى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر رئيس الدورة الخامسة والثلاثين للقمة كلمة قال فيها:»إنه لمن دواعي الاعتزاز والسرور أن نلتقي اليوم في بلدنا الثاني المملكة العربية السعودية الشقيقة لمواصلة المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويسرني أن أتوجه إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة وشعبها بجزيل الشكر والامتنان على ما أحاطونا به من حسن وفادة وكرم ضيافة”.
وتابع قائلاً: نجتمع اليوم في ظل الظروف الدقيقة والمتغيرات المتسارعة والتحديات الجسيمة التي يواجهها العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، الأمر الذي يلقي بمزيد من المسؤوليات علينا، وإنني على ثقة بأن مجلسنا قادر – بعون الله – على التعامل مع هذه التحديات بفضل تضامننا وتعاوننا المشترك في جميع المجالات.
وقال أمير قطر: أصبح الإرهاب من أخطر التحديات التي تواجه عالمنا المعاصر وتهدد الأمن والسلم الدوليين، وقد تصاعدت وتيرته مؤخراً تحت ذرائع وشعارات زائفة، فالعمليات الإجرامية التي استهدفت بلدانا عدة تقدم الدليل على أن هذه الآفة المقيتة عابرة للحدود.
وأضاف: في هذا الصدد فإن المجتمع الدولي مطالب بمضاعفة الجهود لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، والقضاء على أسبابه الحقيقية، مع الأخذ بعين الاعتبار التمييز بين الإرهاب والحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي والإرهاب. وأكد أمير قطر أن من يتربص بالإسلام يتخذ مما تقوم به الجماعات الإرهابية ذريعة لمهاجمته وتشويه صورته وتحميل عموم المسلمين وزر أفعال لا يد لهم فيها، بل هم أول ضحاياها، وهو ما يستدعي منا التصدي لهذه المغالطات وإبراز حقيقة الإسلام وتسامحه واحترامه للآخر.
وقال: على الرغم من المساعي الحثيثة التي تبذلها دول المجلس وجهود المجتمع الدولي لإحلال السلام العادل في الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، ولا تزال آفاق الحل العادل مسدودة تماماً بسبب التعنت الإسرائيلي واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية، مضيفاً أنه ليس من المقبول أن تظل القضية الفلسطينية دون حل.
وتابع أمير قطر يقول: إن استمرار الأزمة السورية يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية، لقد تجاوزت تداعيات هذه الأزمة الحدود السورية والإقليمية لتهدد الأمن والاستقرار في العالم، لذا يتعين علينا كعرب وكجزء من المجتمع الدولي العمل على وضع حد لهذه الكارثة، واتخاذ التدابير التي تحقن دماء السوريين والسعي الجاد إلى تنفيذ مقررات جنيف1.
المعارضة السورية
وأشاد أمير قطر بدعوة المملكة العربية السعودية أطراف المعارضة السورية السياسية والمسلّحة كافة إلى الرياض للتشاور حول الوفد الذي يمثل الشعب السوري في مفاوضات فيينا.
وأضاف: بالنسبة إلى الشأن اليمني نؤكد مجدداً حرصنا على استقرار اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، كما نؤكد دعمنا للشرعية، ورفضنا لكل المحاولات لفرض سيطرة فريق على اليمن بالقوة وإدانتنا لهذه المحاولات الفاشلة، مؤكداً ضرورة استكمال العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني.
وأكد أن أمن العراق واستقراره ووحدته الوطنية وسلامة أراضيه أمور بالغة الأهمية لنا في دول مجلس التعاون ولأمتنا العربية بشكل عام، داعياً إلى دعمه ومساندته في حربه على الإرهاب. وقال: وفي الشأن الليبي فإننا نتطلع إلى أن يتمكن الأشقاء في ليبيا من تجاوز الصعوبات الراهنة وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
وألقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د.عبد اللطيف بن راشد الزياني كلمة رفع فيها التهاني لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لترؤسه الدورة الحالية للمجلس الأعلى.
ورفع التهنئة لقادة وشعوب دول المجلس بمناسبة احتفالات كل من سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة قطر بأيامها الوطنية المجيدة، داعياً الله العلي القدير أن يحفظ لدولنا أمنها وعزها ورخاءها.
وأضاف إن هذه الدورة تنعقد في ظل أوضاع إقليمية مضطربة وتحديات بالغة الأهمية تتطلب اليقظة والعمل الجاد والحثيث حفاظاً على مكتسبات وإنجازات هذه المنظومة الشامخة، وتطلعاً إلى المزيد من التكامل والتضامن والتلاحم لتحقيق آمال وتطلعات مواطني دول المجلس.
وبعد أن أعلن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية انتهاء الجلسة الافتتاحية، بدأت أعمال الجلسة المغلقة لقادة ورؤساء الوفود.
نص كلمة خادم الحرمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين
إخواني أصحاب الجلالة والسمو
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يطيب لي أن أرحب بكم في بلدكم الثاني ، متمنياً لكم طيب الإقامة ، وداعياً المولى عز وجل أن يكلل جهودنا بالسداد والتوفيق، ومعبراً عن بالغ الشكر والتقدير لصاحب السمو الأخ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة، على ما بذله من جهود موفقة خلال رئاسته للمجلس الأعلى في دورته السابقة ، لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون.
إخواني الأعزاء
مع ما تنعم به دولنا ولله الحمد من أمن واستقرار وازدهار، فإن منطقتنا تمر بظروف وتحديات وأطماع بالغة التعقيد، تستدعي منا التكاتف والعمل معاً للاستمرار في تحصين دولنا من الأخطار الخارجية، ومد يد العون لأشقائنا لاستعادة أمنهم واستقرارهم. ومواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من تحديات وحل قضاياها، وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وبالنسبة لليمن فإن دول التحالف حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق تحت قيادة حكومته الشرعية، ونحن في دول المجلس ندعم الحل السلمي، ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية.
وفي الشأن السوري تستضيف المملكة المعارضة السورية دعماً منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية ووفقاً لمقررات (جنيف 1) .
إن على دول العالم أجمع مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره، ولقد بذلت المملكة الكثير في سبيل ذلك، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، مؤكدين أن الإرهاب لا دين له وأن ديننا الحنيف يرفضه ويمقته فهو دين الوسطية والاعتدال.
إخواني الأعزاء
يأتي لقاؤنا اليوم بعد مرور خمسة وثلاثين عاماً من عمر مجلس التعاون، وهو وقت مناسب لتقييم الإنجازات، والتطلع إلى المستقبل، ومع ما حققه المجلس، فإن مواطنينا يتطلعون إلى إنجازات أكثر تمس حياتهم اليومية، وترقى إلى مستوى طموحاتهم.
وتحقيقاً لذلك فإننا على ثقة أننا سنبذل جميعاً – بحول الله – قصارى الجهد للعمل لتحقيق نتائج ملموسة لتعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دولنا ، ورفعة مكانة المجلس الدولية ، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاه المواطنين، والعمل وفق سياسية خارجية فاعلة تجنب دولنا الصراعات الإقليمية، وتساعد على استعادة الأمن والاستقرار لدول الجوار، واستكمال ما بدأناه من بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة، بما يحمي مصالح دولنا وشعوبنا ومكتسباتها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.