|  آخر تحديث يناير 9, 2021 , 22:03 م

“حبش” يدعو إلى التسامح و التعايش بين الشعوب


“حبش” يدعو إلى التسامح و التعايش بين الشعوب



عبر ( نبض الإمارات ) الدكتور محمد حبش مدرس الفقه الإسلامي في جامعة أبو ظبي يشرح رؤيته حول الإسلام بصفته دينا للمحبة و السلام و الوئام بين الأنام نحو إجلاء البعد الحضاري التوحيدي الجمعي لدين الله العظيم

 

 

1 – ماذا تقول لمن يدعي أن الإسلام ليس دين محبة ؟

الإسلام يشرح نفسه في سورة الفاتحة، التي أمرنا الله بتلاوتها كل يوم سبع عشرة مرة، ولا تصح بدونها صلاة، وفيها يختار الله تعالى من أسمائه الحسنى أربعة أسماء، ومع أن الأسماء الحسنى تسعة وتسعون وهي تدور بين الرغب والرهب، وبين الوعد والوعيد، ولكنه اختار  الأسماء فقط من صنف الرحمة: الرحمن الرحيم، وكررها مرتين، فكانت أربعاً، والرحيم هو من يرحم العامة، والرحمن يرحم العموم، والرحيم يرحم المؤمنين، والرحمن يرحم الخلق أجمعين، الرحيم يرحم الحمامة والشاة والرحمن يرحم الأفعى والعقرب، وجعل الله هذه البسملة التي نبدأ بها كل أعمالنا: الرحمن الرحيم، وكل عمل لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر… وفي الفاتحة ينص أيضاً أن الله رب العالمين، وهو اسم يشمل كل سكان الكوكب، ولم يقل رب المسلمين ولا رب الصالحين ولا رب المتقين، بل رب العالمين وهذا العنوان العالمي نقرؤه في صدر القرآن: رب العالمين، وفي آخر القرآن: رب الناس ملك الناس إله الناس.
وفي الفاتحة يؤكد القرآن أن الله هو مالك يوم الدين وفي قراءة متواترة ملك يوم الدين، وبذلك فهو وحده من يملك مصائر العباد ويس من حق أحد أن يحيل الناس إلى جنة ونار، ولا أحد غير الله يملك مفاتيح النار والجنة.

 

2 – هل ورد (البغض في الله) في القرآن الكريم ؟

 

لم يرد إطلاقاً، وعنوان البغض في الله منطق لا يستقيم مع روح القرآن، فالاختلاف بين الناس في أديانهم ومللهم ونحلهم هو إرادة إلهية حكيمة، واختلاف ألسنتكم وأديانكم وألوانكم حكمة من الله ينبغي تدبرها والنظر في مآلاتها، وليست أبداً سبباً للكراهية والبغضاء ، وما ورد من الأحاديث بعنوان البغض في الله، فهو مؤول بالبغض للبغاة القتلة الذين يوقدون الحروب، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين.

 

3 – ما مقدار رضاك على الأحكام الفقهية المعاصرة ؟

 

يجب التفريق بين نوعين اثنين: الفقهاء ورجال الدين
فرجال الدين هم الواعظون والأئمة المتفرغون للشعائر، والذين تقتصر دراستهم على المعارف الشرعية التراثية، والذين شأنهم التقليد للأسلاف.

أما الفقهاء فهم أولئك الذين جمعوا علوم الشريعة إلى علوم القانون إلى معارف الحياة، وباتوا يدركون تماماً أصول الاستنباط والتشريع ووضع القوانين، وانعتقوا من إسار تقليد الأسلاف وباتوا قادرين على ابتكار الأحكام النافعة والصالحة للأمة.
وليس سراً أن نقول إن خطاب الواعظين لا يزال تراثياً نقلياً رافضاً للتطوير والحداثة، يرى أننا إذا أردنا التقدم إلى الأمام فإن علينا أن نرجع إلى الخلف، وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، وقف على ما وقف عليه الأولون فإنهم عن علم وقفوا، وفي الواقع فإن من الطبيعي أن نسمع باستمرار إنكاراً من الواعظين لكثير من حاجات التقدم والحضارة من حريات ومساواة وديمقراطية، وكذلك إصراراً على تطبيق مذاهب السلف في قوانين العقوبات والعلاقات الدولية من الحروب والجزية والغزو وهو ما بات اليوم مناقضاً بالمطلق للقانون الدولي.

 

أما الفقهاء فإنهم يطورون أنفسهم ومناهجهم باستمرار، لقد كان الفقهاء الكبار كأبي حنيفة والإمام مالك وأبي يوسف ومحمد بن الحسن دوماً في مطبخ التشريع للدولة المسلمة، وهم الذين كتبوا للدولة في عصر ازدهارها القوانين الواقعية في الجانب المدني والعقابي وفي جانب العلاقات الدولية.

 

والفقهاء اليوم يقومون بتطوير ذلك الجهد الكبير، وهم ليسوا بالضرورة نسخة عن الأولين، ولكنهم يمتلكون أدوات الأولين ويجتهدون للعصر الحاضر، والفقهاء الكبار هم اليوم جزء من آلة التشريع في إعداد الدساتير والقوانين في البلدان الإسلامية، ويمكنني القول بثقة إن الفقه الإسلامي شارك في تطوير قوانين 53 دولة من أصل 57 دولة إسلامية ونجح في إنتاج قوانين مدنية حقيقية، وحقق حقوق الإنسان على وجه جيد، وانتصر لحقوق المرأة، وأوقف كل أشكال التعذيب في العقاب، وأقر العلاقات مع الدول على وجه يحترم القانون الدولي، ولا يوجد في قوانين البلاد الإسلامية أزمة مع العالم، وباتت القوانين السائدة عموماً في البلدان الإسلامية تشكل ظاهرة حضارية صحيحة.

 

 

من المؤسف أن هذا التقدم الفقهي الذي يدير الدولة الحديثة بكفاءة واقتدار ينظر إليه الواعظون على أنه تفريط بالثوابت ويطالبون بنبذ هذه التشريعات والعودة إلى فتاوى السلف، بينما يدرك الفقهاء أنهم يطبقون روح الشريعة وروح القرآن حين يشرعون لتحقيق العدالة والحرية والمساواة وحقوق الإنسان.
 

4 – هل ما زلنا خير أمة أخرجت للناس ؟

 

إن ( خير أمة أخرجت للناس ) مصطلح تربوي توجيهي لبناء الثقة والإرادة لدى الأمة، وهو مرتبط بإخلاصنا وجدنا واجتهادنا واستقامتنا، ولكن هذا المصطلح شديد الصلة بمصطلح شعب الله المحتار، القائم على أساس من التمييز العنصري، ولا شك أن مصطلح الأمة المختارة أو الأمة المرحومة أو المعصومة أو الخاتمة على اختلاف المصطلحات، يصبح بلا معنى إذا نحن تخلينا عن قيم ديننا وحضارتنا، واخترنا التسكع والكسل، فليس لله شعب محتار، والناس سواسية كأسنان المشط، والأمة التي قال عنها القرآن بالنص: ( و أني فضلتكم على العالمين )، هي الأمة التي قال عنهم بالنص أيضاً : ( فخلف منهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً ) .

 

 

5 – هل ينفع فكر محمد إقبال في عصرنا الحالي ؟

 

لقد كتبت طويلاً عن إقبال، وآخرعمل لي صدر عن مؤمنون بلا حدود كان بعنوان ( إقبال فيلسوف التجيد الإسلامي ) ، وإنك تثير شجوني بالحديث عن هذه المعجزة الفكرية الهائلة فإقبال أعظم رجال التجديد الإسلامي في القرن العشرين، لقد أدت أفكاره الإصلاحية إلى قيام الأمة الباكستانية الهائلة وتحقيق استقلالها، ومن جانب آخر فقد كان إقبال أعظم المفكرين أثراً في يقظة الشعوب الإسلامية وبعث الإرادة والعزيمة في الأمة الإسلامية المترامية الأطراف.

لقد طارت كلماته في كل أفق، واستمع إليها المسلمون وغنتها حناجرهم وعزفتها موسيقاهم وصارت صورة لأمة تحرج من التيه وتنشد مكانها اللائق بين الأمم.

 

ينشغل إقبال، بشكل رئيس، بالمسلم الذي هو جوهر هذه المواجهة الحضارية، ولا يتحدث عن الغرب كمنتصر راشد؛ بل يتحدث عنه في قيامه ونهوضه باعتباره درساً إنسانياً دقيقاً يجب أن لا يتحوّل إلى مشروع خيبة جديدة، ويطرح بثقة واقتدار مبادئ التواصل والتفاصل بين قيم الإسلام الروحية وبين قيم الغرب المادية.

 

يتقدم إقبال بشجاعة وجرأة ليفكّك في بنية العقل المسلم كثيراً من المسلّمات التي ألقاها الاستبداد في دائرة التابو، ومنع من مناقشتها، ويقتحم منطق احتكار الحقيقة، ويطالب المسلم باكتشاف ما لدى الأمم من حكمة ونور، وينادي بالزمالة بين الديانات والفلسفات والحكمة، والتوقّف عن تكفير العالم، ومع أنه لا يملّ من الحديث عن المجد الإسلامي، ولكنه بدا حريصاً تماماً على مكان الأمّة التي يريد: أمة بين الأمم وليس أمة فوق الأمم، ودين بين الأديان وليس دين فوق الأديان، إنها دعوة للمساواة والكرامة وليس للنازية والغطرسة والاستعلاء.

 

 

ويبدو إقبال مدهشاً في موقفه من القدر، الذي بات يُدرس على أنه سادس أركان الإسلام، ومع أن إقبال لا يناقشه لاهوتياً، لكنه لا يترك شيئاً للاهوت!! بعد أن حطم كل تلك الأيقونات التي كانت ترسف على ضمير المسلم، وتحيله إلى شيء خاوٍ تعصف به رياح الأقدار، وتتصرف به الأمم الغالبة كما تتصرف بأشيائها، ويقدم في الوعي بالقدر سلسلة مواقف جريئة لا يمكن للعقل السلفي تقبّلها بأيّ سبيل، ولكنه لا ينفكّ عن ربط رؤيته لحرية الإنسان وكرامته بنصوص الوحي المبين، وجوهر القرآن الكريم في دعوته للحرية والكرامة، ويعجب إقبال كيف غابت هذه الحقائق عن العقل المسلم.

 

ولكن موقفه الأعجب يتركز حول مسألة ختم النبوة، ويتعجّب من ارتكاس فهم هذه المسألة لدى الفقهاء، وتحوّلها إلى إعلان وفاة العقل، والاستسلام للتأويل النصّي، والوقوف على ما وقف عليه السلف، في حين أنه يعدّ يوم ختم النبوة أعظم أيام العقل مجداً في تاريخ الإنسانية، ويعدّه بنصٍّ واضح يوم مولد العقل الاستدلالي.

 

والمدهش أن إقبال لا يرى أنّ موت الرسول الأعظم هو يوم ختم النبوة؛ بل مبعثه هو يوم ختم النبوة!! ويرى أن سلوكه الديمقراطي في التشريع والإدارة كان في الواقع إعلاناً وافياً بختم النبوّة، وتأكيداً لولادة العقل الاستدلالي.
لقد أعلن بوضوح أن رسول الله جاء لينقل البشرية من ضباب الخوارق إلى ضياء السنن، ومن عالم الغيب إلى عالم الشهادة، ومن نور الوهم إلى ضياء العقل، وكانت رسالته تتلخص في كلمتين: نأخذ من تراث الآباء الجذوة وليس الرماد

 

 

 

6 – ألا تعد جودت سعيد مبالغا في مسالمته ؟

جودت سعيد صوت صارخ في برية العنف والجنون، لقد أكد الرجل أننا مسكونون بالعنف حتى الثمالة، وأشار إلى ثقافة السيف التي طبعت التاريخ الإسلامي وأطفات ما فيه من نور الوحي وبرهان النبوة، حيث صار السيف حكماً بين المسلمين، به تقوم الخلافة وبه تنقطع، وبه يتحدد الحق والباطل، وصار الفقهاء يقررون حق المتغلب ويقومون بإلغاء حق الناس في الحرية والكرامة.
إن اللاعنف الذي ينادي به جودت سعيد ليس ثقافة بلهاء تجلعنا نجلس القرفصاء على أطراف هذا الكوكب العاثر نحسبل ونحوقل عاجزين! ليس هذا هو منطق اللاعنف، اللاعنف هو جهاد حقيقي، هو كلمة حق تزلزل عروش الطغاة، اللاعنف هو كفاح سلمي نقاوم به الظلم والاستبداد ونوحد جهود الأحرار بكل سبيل للوصول على حياة كريمة.

 

اللاعنف أن تكون عزيزاً وقوياً يحترمك الآخر لثباتك وصدقك، وألا تعير بالاً إلى صيحات العنترة الفارغة التي تتسبب دوماً في نزاعات وحروب لا تنتهي، اللاعنف هو مذهب ابن آدم الأول الذي تحتاجه الأمة في هذه الأيام العصيبة، التي تعيش فيها شعوب كثيرة جحيم الحرب الأهلية، ولا مخرج منها إلا بمنطق: ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ).

 

 

 

يرى جودت أن تعليمنا قائم على ثقافة اتهام الآخرين، وأن تخلفنا سببه تآمر العالم علينا، وأننا ضحايا الاستعمار والإمبريالية والماسونية والمخططات الخفية للشر،ولكننا ننكر تماماً أن أصل البلاء والمشكلة هو أنفسنا، لقد أعلن الله والملائكة وآدم أيضاً أن المشكلة فيك و( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، وإن ما نعانيه من تسلط الدول الكبرى علينا هو بسبب قابليتنا للاستعمار، فنحن من نحني ظهورنا للمستبدين ونمنحهم فرص التسلط بسبب خيباتنا وشقاقنا وتنازعنا، وهي بذلك سنة الله التي فطر الناس عليها.

 

7 – ما الذي ينقص الإسلام المعاصر ليكون قائدا للعالم ؟

هو قانون إلهي، ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، وإن الله لا يجابي أحداً على سواد العيون، و( يا فاطمة بنت محمد اشتر نفسك من الله أنا لا أغني عنك من الله شيئا ) ، و ( إن الله لينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ويديل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ) .

 

 

8 – ما خطتك للتعايش دون ذوبان ؟

عندما نقول إخاء الأديان فنحن لا نقصد ابداً توحيد الأديان أو انصهارها في دين جديد، بل نقصد الإخاء والاحترام المبني على قول الله تعالى ( لكم دينكم ولي دين ) .
إن الإخاء بين الأديان هو بناء الاحترام والثقة بين أتباع الديانات، وهي المدخل الصحيح لبناء الإخاء الإنساني الذي يقر بالتعددية الدينية والفكرية والثقافية.

إن التعايش بالصيغ التراثية الشائعة هو تعايش مريض ولا ينتج مجتمعاً متماسكاً، فحين نعلم أولادنا مبدأ البغض في الله للمختلف دينياً، ونكرس في نفوسهم أن الآخرين ينتمون إلى أديان مزيفة وخرافية وفاشلة فيما نحن نستأثر بالفهم الصحيح، وأننا في الجنة وأنهم في النار، فإننا لا ننتج مجتمعاً متلاحماً أو منسجماً على الإطلاق بل إنا نضع الوقود الكافي لولادة التطرف والكراهية، وهي بالتالي أهم وقود الإرهاب.

 

لقد قدم الرسول الأكرم نموذجا ًراقياً من احترام الآخر المختلف دينياً عبر علاقته السامية الجليلة مع النجاشي، القائل : ( إن هذا والذي جاء به عيسى بن مريم ليخرج من مشكاة واحدة ) ، وبإمكاننا أن نقرأ دوماً تاريخ هذه العلاقة الحضارية الراقية وما نزل فيها من القرآن الكريم والسنة النبوية وما تعنيه من إلهام ونور للمسلمين عبر التاريخ.

 

 

 

9 – هل أبطال الإسلام هم المقاتلون أم المسالمون ؟

 

للأسف إننا لا نذكر في تاريخنا إلا أبطال الحروب، ويتم تمجيد أبطال الحرب عادة بناء على نجاحهم في المعارك وإثخانهم في العدو، إن هذه الطريقة في تدريس التاريخ أسهمت في إنتاج جيل عنيف لا يؤمن بالحلول الدبلوماسية ويبحث عن السيف في كل صراع، وهو ما أرهق تاريخنا بالدم والفوضى

لقد قمت بنشر كتابي : ( أبطال السلام في الإسلام )، وتناولت فيه عدداً من القادة الكبار الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات إنسانية كبيرة ويوقفوا الحروب ويؤسسوا للسلام الإنساني، وتخيرت ستة نماذج عظيمة تركت أروع الأثر في التاريخ الإنسان وهم رسول الله محمد عليه الصلاة السلام وعمر بن الخطاب والحسن بن علي وعمر بن عبد العزيز والخليفة الحكم الثاني الأموي والخليفة الناصر العباسي، وهؤلاء القادة ليسوا إلا مثالاً من أمثلة كثيرة في القادة الرائعين في التاريخ الإسلامي الذين نجحوا في وقف الحروب والتحول إلى علاقات دولية قائمة على الاحترام والعدالة.

ورسالتي للهيئات التعلمية والثقافية أوقفوا تمجيد أبطال الحرب وادرسوا بعمق أبطال السلام

 

 

10 – هل كان النبي الكريم ديمقراطيا أم إماما للشورى ؟

 

لقد كتبت كتابي ( النبي الديمقراطي ) وقد طبع ثلاث طبعات بالعربية والإنكليزية للتأكيد على حقيقة المعنى الديمقراطي في إدارة الرسول لمجتمع تدبيراً وتشريعاً، لقد تلقى الناس العنوان بشكل صادم، وتناوله عشرات الناقدين بالنقد الجارح، فيما قبله آخرون، وكانت الفكرة واضحة وهي أن النبي الكريم غيّر كثيرا من مواقفه بناء على رأي الجمهور، وأنه كان يهتم بدقة بآراء الناس في الإدارة والتشريع، وقدمت 48 مثالاً واضحاً قام فيها الرسول الكريم بنسخ آيات وأحاديث متعددة لأن الناس باتوا يجدون حرجاً فيها ولأن مصالح الأمة الحقيقة تحولت إلى خيارات أخرى.

 

إن وصف النبي الكريم بالديمقراطية ليس إلا تطبيقاً لمعنى كان يؤكد عليه مراراً ( إني والله لا أحلف على يمين ثم أجد غيرها خيراً منها إلا فعلت الذي هو خير وكفرت عن يميني ) .

إن الديمقراطية ليس منتجاً غربياً ، بل هي منتح إنساني شاركت فيه البشرية كلها على مدى قرون متطاولة ومن حقنا نحن المسلمين أن نفرح بإسهامات فقهائنا وعلمائنا وعدد من الخلفاء لتعزيز هذه الحقيقة ووصول الإنسانية في النهاية إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

 

 

11 – هل يوجد أديان أم ( إن الدين عند الله الإسلام ) ؟

إن القول بوجود الأديان هو أمر بديهي منذ قال الله تعالى : ( لكم دينكم ولي دين ) ، ( ورسلاً قد قصصناهم عليك ورسلاً لم نقصصهم عليك ) ، ولا أعتقد ان أحداً ينكر ذلك، إنما يقصدون هل هناك أكثر من دين حق واحد؟ والجواب ( إن الدين عند الله الإسلام )، والإسلام اسم جامع يشرحه قول الله تعالى : ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلاً ) .

 

 

12 – هل الجنة لنا وحدنا ؟

 

نحن ننتمي إلى دين واضح: ( قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون )، وتشير عشرات الآيات القرآنية الكريمة أن الله وحده هو من يقضي بين العباد.
ولكن تراثنا للأسف قدم قراءة متناقضة مع هذه الحقيقة واستقر في أذهاننا أننا الوحيدون المقصودون برحمة الله وأن الله خلق العالم من أجلنا، ولا يزال يخلق الأمم لتكون حطب حهنم، وهذا كله يتناقض تناقضاً صارخاً مع حكمة الله ورحمته، ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ) .

 

ومن المؤسف أن روايات كثيرة عززت فكرة الكراهية للآخرين وتحدد بعض الأحاديث أن نسبة الداخلين إلى الجنة هي واحد في الألف فيما يلقى في النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، ويؤلمني أن أقول إننا نمارس أسوأ أنواع التربية حين نغرس في الجيل الجديد أن الكراهية والحقد مبرر ضد 999 بالألف من البشر، ولا توجد تربية أشد بؤساً من هذه التربية، وأؤكد مرة أخر أنها تتناقض بالطلق مع قيم الإسلام العليا في الرحمة والمحبة والسلام.

إن نبينا العظيم صرح بوضوح لا لبس فيه بقوله: ( أما أنا فلا أدري ما الله صانع بي ) ، ولكننا اليوم نسمع من فتاوى المتشددين من ينصب نفسه بواباً على جهنم يحدد بالضبط مصائر العباد جميعاً وبيان أهل الجنة وأهل النار، وبالتالي ينفث في نار الكراهية ويطفئ نور الحب.

 

 

حوار – د. أحمد طقش


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com