القدرة البشرية الحصرية على التنقل والتفاوض في العلاقات الاجتماعية المعقدة والبيئات المختلفة بفعالية ، القدرة على الانسجام والتآلف الجيد مع الآخرين، وكسب تعاونهم وتعاطفهم تعرف بالذكاء الاجتماعي ؛ وكما يقول “فيكتور هوجو” هناك دائماً شيء أقوى من كل جيوش العالم، ألا هو الفكرة الجديدة التي حان وقت تطبيقها”. نعم، إنّه ذكاء من نوع مختلف، وهو يتجاوز حدود حاصل الذكاء (IQ).
وفي اعتقادي أن الذكاء الاجتماعي لا يقل أهمية عن الذكاء العلمي، بل إن مساحة الحاجة إلى الذكاء الاجتماعي شاسعة ودائمة في كل مكان حيث يوجد إنسان، بما في ذلك دور العلم والبحث، شمولاً بالحياة الاجتماعية بمعناها العام والخاص مع من نعرف ومن لا نعرف في البيت والشارع والعمل ومع الأصدقاء والمعارف. بدون الذكاء الاجتماعي يتعب الإنسان غاية التعب، ويفقد ثقته في نفسه وفي الناس، ويصاب بالقنوط والإحباط، فالناس كالمرآة يعاملون الإنسان بما يعاملهم به.
الذكاء الاجتماعي ليس فطريًا وإنما مكتسبًا، فلا أحد يولد ذكيًا اجتماعيًا، بل إنه يكتسب مجموعة من المهارات التي تسهم في تعزيز ذكائه الاجتماعي وتنميته. يستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء الاجتماعي أن يحسوا بمشاعر الآخرين، ولديهم قدرة حدسية تمكنهم من التحدث بعفوية وسلاسة في مختلف المواقف الاجتماعية. قد تعتقد أن مثل هؤلاء الأشخاص يمتلكون مهارات اجتماعية متقدمة إلاّ أنهم في الواقع أذكياء اجتماعيًا. فالذكاء الاجتماعي يمكن اكتسابه بمراقبة الآخرين والتعلم منهم يمكن للشخص الذي يسعى جاداً للتطوير من ذكائه الاجتماعي الاستفادة من المهارات الاجتماعية للأشخاص من حوله، والمحافظة على علاقات صحية وقوية، كما أن تدريب الشخص نفسه على التعاطف مع الآخرين ومراعاة مشاعرهم وظروفهم له كبير الأثر في تحقيق التواصل معهم بشكل أفضل، ومع مرور الوقت ينعكس ذلك إيجاباً على فهم الشخص لنفسه، وعليه تطويرعلاقاته مع الآخرين على نحو أفضل.حكمة للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: (أعقل الناس أعذرهم للناس) مختصر التعبير عن الذكاء الاجتماعي الذي نريد.
بقلم: د. فاطمة الدربي