سجلت تمويلات البنوك العاملة في الدولة لقطاع التجارة بنهاية يونيو الماضي أعلى مستوياتها على مدار أربع سنوات حيث بلغت 159.1 مليار درهم مقابل 149.5 مليار درهم بنهاية يونيو 2017 بزيادة قدرها 9.6 مليارات درهم ونسبة ارتفاع 6.4%.
ورفعت البنوك تسهيلاتها وقروضها المصرفية لقطاع التجارة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 152.7 مليار درهم بزيادة قدرها 6.3 مليارات درهم وبنسبة 4.14%وأكد خبراء ماليون ومتخصصون في قطاع تجارة الجملة والتجزئة أن النمو غير المسبوق لتمويلات البنوك لقطاع التجارة خلال النصف الأول من العام الجاري مؤشر قوي على انتعاش القطاع التجاري وزيادة التبادل السلعي بالأسواق المحلية.
وأشاروا إلى أن هذا النمو غير المسبوق يؤكد رغبة البنوك القوية بتمويل هذا القطاع بعد أن تراجعت تسهيلات وقروض البنوك له على مدار عام 2016.
وتكشف إحصاءات المصرف المركزي عن ارتفاع قيمة القروض التي خصصتها البنوك لقطاع تجارة التجزئة إلى 103.6 مليارات درهم بنهاية ديسمبر 2017 مقابل 95 مليار درهم بنهاية سبتمبر من العام نفسه بارتفاع 8.6 مليارات درهم وبنسبة 9%، كما ارتفعت القروض الموجهة من البنوك لقطاع تجارة الجملة إلى 49.5 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2017.
وأكد الخبراء أن زيادة تمويلات وتسهيلات البنوك لقطاع التجارة تتواكب مع ارتفاع مستويات الإنفاق للأفراد على مدار النصف الأول من العام الجاري والعام الماضي حيث عادت تلك المستويات للنمو بشكل ملحوظ منذ مطلع عام 2017.
ولفتوا إلى أن البنوك لم تعد تتشدد بصورة في منح تمويلات وتسهيلات لقطاع التجارة، كما تتنافس البنوك الوطنية والأجنبية في هذه التمويلات بعد أن تنامت الحركة التجارية في الدولة بفضل زيادة أعداد المراكز التجارية إضافة إلى قوة أصول قطاع التجارة وتنامي أرباحه، ونجاح وزارة الاقتصاد في تنويع واردات الدولة من نحو 220 دولة.
وأوضح جمعة الكيت الوكيل المساعد لوزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية أن السنوات الثلاث الماضية شهدت تحركات قوية من وزارة الاقتصاد لتنويع واردات الدولة من كافة دول العالم وخاصة دول أميركا اللاتينية، حيث قام معالي الوزير ووفود كثيرة من الوزارة والدوائر الاقتصادية في الدولة خاصة دبي وأبوظبي بزيارة غالبية دول أميركا اللاتينية وتم إبرام اتفاقيات وصفقات تجارية كبرى ما أسفر عن توافد منتجات كثيرة من بلدان أميركا اللاتينية خاصة تشيلي والإكوادور وغيرها في أسواق الدولة.
وينوه الوكيل المساعد بالنمو المتواصل لواردات الدولة من الخارج مشيرا إلى أن الإمارات ترتبط حاليا بعلاقات تجارية واقتصادية مع أكثر من 220 دولة، وهذا الانفتاح الكبير في العلاقات التجارية مع دول العالم أدى إلى سيولة كبيرة في السلع الواردة إلى الدولة بكميات كبيرة ما أدى إلى انخفاض أسعار العديد من السلع وتوافر معروض كبير طوال العام.
وأكدت ريد حمد الشرياني الظاهري، عضوة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، رئيسة لجنة التجارة بالغرفة، أن قطاع التجارة وخاصة تجارة الجملة والتجزئة تشهد نموا كبيرا في مختلف إمارات الدولة خاصة أبوظبي ودبي، ويرجع السبب في ذلك إلى الانتشار الكبير للمراكز التجارية الضخمة مثل دبي مول وياس مول وغيرها، وتحتاج هذه المراكز بصورة مستمرة إلى استيراد كميات ضخمة من السلع من عشرات الدول بما يؤدي لتوفير السلع ذات الجودة العالية جدا والسعر المناسب.
وتشيد ريد حمد الشرياني الظاهري بالدور الكبير الذي تؤديه البنوك الوطنية والأجنبية في انتعاش أسواق تجارة الجملة والتجزئة في الدولة عبر توفير القروض والتسهيلات الائتمانية وبسرعة، وشهدنا خلال النصف الأول من العام الجاري تحسنا كبيرا وسهولة في إجراءات صرف القروض والتسهيلات الائتمانية لقطاع التجارة، ولم نعد نسمع شكاوى للتجار.
ووفقا لإحصائيات متعددة صادرة من مركز أبوظبي للإحصاء وغرفة تجارة وصناعة أبوظبي وخبراء اقتصاديين فإن قطاع تجارة التجزئة في أبوظبي والإمارات يشهد نمواً ملحوظاً من حيث المبيعات، وتراوحت مبيعات القطاع في أبوظبي العام الماضي بين 48 مليار درهم و 50 مليار درهم.
وأوضح سند المقبالي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي رئيس جمعية الإمارات لرواد الأعمال أن النمو غير المسبوق لتمويلات البنوك لقطاع تجارة الجملة والتجزئة يرجع في الأساس إلى قوة النشاط الاقتصادي في الدولة والقفزات الكبيرة التي يحققها قطاع السياحة والسفر في الإمارات خاصة أبوظبي ودبي.
وينوه بأن قطاع تجارة التجزئة في أبوظبي والإمارات ينمو بشكل صحي للغاية، حيث دخلت إلى أسواق أبوظبي سلع ومنتجات العلامات التجارية الشهيرة، كما تتنوع فيه مراكز التسوق الكبيرة والمتوسطة والصغرى التي تنتشر في كافة أنجاء الإمارة، فضلا عن أن أسواق الدولة تتميز بتوفر المنتجات والسلع التي تناسب القدرة الشرائية للجميع.
ويوضح سند المقبالي وجود تنافس كبير بين المراكز التجارية للفوز بمستهلكين جدد، لافتا إلى أن محلات المراكز التجارية حريصة على طرح عروض تسويقية بخصومات كبيرة تتراوح بين 25% إلى 50% خاصة أيام الأعياد مثل عيد الأضحى الحالي، مما يشجع الحركة التجارية ويرفع الإقبال على مراكز التسوق طوال العام.
ونوه سند المقبالي بأن السنوات القليلة الأخيرة شهدت تنافسا كبيرا بين كبار رجال الأعمال وكبريات الشركات الاستثمارية على افتتاح مراكز تجارية عملاقة سواء في أبوظبي أو دبي أو المناطق الشمالية، مؤكدا أن هناك نموا متزايدا في عدد المراكز التجارية العملاقة والمتوسطة سنويا، وستشهد أبوظبي خلال العام الجاري والمقبل دخول مراكز تسوق عملاقة جديدة أبرزها مركز المارية سنترال الذي سيضم ما يفوق 300 محل تجاري بتكلفة إجمالية تصل إلى 5.5 مليارات درهم، ومركز الريم مول التجاري العملاق في جزيرة الريم بتكلفة تصل لنحو 4 مليارات درهم، كما أن مجموعة اللولو افتتحت مراكز كبيرة آخرها فرع المركز التجاري العالمي، كما أن أصحاب المراكز التجارية القائمة حاليا في أبوظبي يقومون بتوسعات كبيرة، وهذا كله يعكس زيادة كبيرة في تمويلات البنوك لقطاع تجارة التجزئة والجملة.
بلاشك هناك حركة تجارية نشطة في الدولة، وهذه الحركة تظهر على السطح بمؤشرات عديدة أبرزها زيادة أعداد المراكز التجارية والإقبال الكبير من المواطنين والمقيمين على المراكز التجارية لشراء احتياجاتهم، ما يؤكد القوة الشرائية الكبيرة للمواطنين والمقيمين في الدولة.
ويشدد سند المقبالي على أن قطاع تجارة الجملة والتجزئة سيشهد نموا أكبر خلال الأعوام القليلة المقبلة، وسيكون المستهلك هو المستفيد الأكبر بالحصول على سلع ذات جودة عالية وبأسعار جيدة جداً.
بلاشك فإن قطاع التجارة يعد واحدا من أهم قطاعات النمو والازدهار الاقتصادي في الإمارات وأبوظبي، وغالبية المستثمرين المواطنين والمقيمين مقبلون على ضخ استثمارات كبيرة وجديدة فيه بسبب النمو القوي له وتحقيقه لمعدلات أرباح جيدة تتراوح بين 15% إلى 20% وهي تعد من أعلى الأرباح للقطاعات الاقتصادية في منطقة الخليج، لذلك فإن البنوك ستتنافس بقوة على تمويل مشاريعه نظرا للثقة الكبيرة في كبار المستثمرين بهذا القطاع.