على عكس أفلام الانيمشن التي احتلت أروقة الصالات في السنوات الأخيرة، يأتي فيلم الانيمشن الكوميدي «ذا بوس بيبي» (The Boss Baby) للمخرج توم مغراث، الذي استطاع مصافحة قلوب المشاهدين قبل مخاطبة عقولهم، عبر كوميديا طفولية، مكنت مغراث من سحب البساط من تحت أقدام أفلام عديدة، فتسلق عتبات شباك التذاكر العالمي سريعاً، بإيرادات تجاوزت الـ 358 مليون دولار، على الرغم من اصطدام قصة الفيلم بمطب عدم النضوج الكامل.
قصة الفيلم المقتبس أصلاً من كتاب يحمل العنوان ذاته، للكاتبة مارلا فرازي، التي نشرته في عام 2010، تدور حول طفل يرتدي بدلة ويحمل حقيبة ينضم للعائلة التي كانت تصب جل اهتمامها على طفلها الوحيد تيم البالغ من العمر 7 سنوات.
الطفل الجديد يتحدى تيم، بقدرته على نيل اهتمام الوالدين، ما يثير الغيرة لدى الأخير، فيبدأ بالتحري ومراقبة الطفل الجديد، ليكتشف لاحقاً أن الطفل هو عميل سري، يعمل لصالح إحدى الشركات، مع مرور الوقت ورغم الغيرة التي تحرق قلب تيم، إلا أنه يتحد مع «شقيقه» الطفل في سبيل إيقاف مؤامرة يحيك خيوطها المدير التنفيذي لشركة بوبي.
هوس
المتابع لفيلم «بوس بيبي» يشعر أن المخرج مغراث الذي يمتلك في رصيده 4 أفلام انيمشن، من بينها ثلاثية «مدغشقر»، قد وقع في ذات الحفرة التي تقع فيها عادة أفلام الانيمشن، حيث صب جل اهتمامه على الصورة وتركيب الغرافيك وعملية التحريك وضبط الأصوات، وأهمل السيناريو الذي يحمل عادة أسرار جذب المشاهد في أي فيلم. وفي «بوس بيبي» لم يكن السيناريو مشوقاً وجاذباً إلى حد كبير، رغم اختلاف القصة عما هو منتشر، وحمله لفكرة التخوف من سيادة «الآلة» أو «الروبوت» مكان الإنسان.
وعلى قدر تخوف الكبار من هذه الفكرة، فقد حاولت الكاتبة مناقشتها من وجهة نظر الأطفال أنفسهم، لتستبدل «الآلة» بـ «كلاب البوبي» التي تحظى في الفيلم بـ «دلال» الإنسان، ليبدو من خلال ذلك أن «هوس» حلول الآلة مكان الإنسان، الذي سيطر على كاتب السيناريو، قد انتقل تأثيره إلى المخرج أيضاً، ما أدى إلى عدم نضوج القصة بالكامل، وذلك يبدو واضحاً من خلال تأرجح المخرج في مطاردة الطفلين للكلاب الصغيرة.
ثلاثية مدغشقر
مطاردة الكلاب الصغيرة، لم تثنِ المخرج في نهاية الفيلم عن الانتصار لفكرته الرامية إلى ضرورة غرس الحب في القلوب، ونشر ثقافة المشاركة بين الجميع، وتحفيز القدرة على الحب والعطاء لمواجهة تحديات الحياة، وكأن المخرج أراد من خلالها اللعب على وتر العاطفة لدى الجمهور، فقدم فيلماً يصلح للمراهقين فقط، وليس ما دون ذلك، فيما قد يثير الفيلم لدى الكبار بعضاً من ذكريات طفولتهم، مثل الغيرة من الآخر، وغير ذلك. من الناحية التقنية، نجح المخرج مغراث صاحب ثلاثية «مدغشقر» في تقديم فيلم محبوك «غرافيكياً»، وقدم فيه مشاهد صنعت على قدر عال من الدقة والإتقان، سواء من حيث الرسم أو الألوان أو الحركة أو حتى تركيب الصوت، وهي المشكلة التي تقع فيها غالباً أفلام الانيمشن، وهو ما قد يفسر سر ارتفاع تكلفة هذا الفيلم التي وصلت إلى 125 مليون دولار.
في هذا الفيلم يقدم الممثل أليك بالدوين بصوته شخصية الطفل، فيما يلعب الممثل توبي ميغواير شخصية «تيم»، أما شخصية الأم فتقدمها الممثلة ليزا كودرو، ويتولى الكاتب والمنتج الكوميدي جيمي كيميل تقديم شخصية الأب.