بعد قرابة خمسة عشر عاما على فقدان الطفلة البريطانية مادلين ماكان في جنوب البرتغال، أعلن القضاء البرتغالي توجيه اتهام إلى رجل ألماني يُشتبه بضلوعه في القضية، في تطور رحب به والداها مؤكدَين أنهما لم “يفقدا الأمل” في عودة ابنتهما.
وكان محققون بريطانيون وألمان كشفوا عن أدلة جديدة يمكن أن تفك لغز اختفاء الطفلة البريطانية في البرتغال، والتي لم يسدل الستار عليها حتى الآن.
وتسعى الشرطة للحصول على أي معلومات عن متهم مجهول، أبيض، مع شعر أشقر قصير، وبنية نحيفة بطول 6 أقدام. وتقول الشرطة إنه عاش في عربة قافلة بيضاء وبرتقالية لشركة «فولكسفاغن» في منتجع الغارف من عام 1995 حتى عام 2007، وهو الآن في السجن في ألمانيا بتهمة ارتكاب جرائم غير ذات صلة.
وكتبت كايت وجيري ماكان في بيان نُشر على الموقع المخصص لفقدان طفلتهما “رغم أن الاحتمال قد يكون ضئيلاً، إلا أننا لم نفقد الأمل في أن مادلين لا تزال على قيد الحياة وأننا سنجدها”.
وأشارا إلى أن المشتبه به “لم يتم اتهامه بعد بأي جريمة محددة تتعلق باختفاء مادلين”.
وجاء ذلك بعيد إعلان المدعي العام البرتغالي مساء الخميس توجيه اتهام بناء على طلبه إلى مشتبه به في ألمانيا، من دون تحديد هويته أو طبيعة الشبهات التي تحوم حوله، في إطار تحقيق يتعلق باختفاء مادي أجري “بالتعاون مع السلطات الإنكليزية والألمانية”.
كما أن ردود الفعل التي جمعتها وكالة فرانس برس الجمعة من مكتب المدعي العام في برونسفيك ومحامي “كريستيان ب.”، وهو رجل مدان بانتهاكات جنسية عدة في حق أطفال اعتبره المحققون الألمان عام 2020 المشتبه به الرئيسي في قضية فقدان الطفلة البريطانية، لم تترك أي شك في أنه أصبح أيضا المشتبه به الرئيسي لدى القضاء البرتغالي.
وقال هانز كريستيان ولترز الناطق باسم مكتب النيابة العامة في برونسفيك المسؤولة عن الشق الألماني في هذه القضية، لفرانس برس “من البديهي أن الشبهات تحوم حوله لدى الجانب البرتغالي أيضا”، لكن “سيكون من المفاجئ لي أن يكونوا قد تقدموا في تحقيقاتهم أكثر منا هنا بين ليلة وضحاها”.
من جانبه رد ممثل “كريستيان ب.” فريدريش سيباستيان فولشر، المحامي في كييل بشمال ألمانيا “يجب ألا نبالغ في تقدير هذا الإجراء الذي اتخذته السلطات البرتغالية”.
وأضاف “في البرتغال، حتى جرائم القتل تسقط بمبدأ التقادم. في حالة مادي، إذا كانت قد توفيت في أيار/مايو 2007، فستكون هذه الحال بعد بضعة أسابيع. أفترض أن هذا الإجراء عطّل مبدأ التقادم”.
وقال غونزالو أمارال، وهو مفتش برتغالي سابق كان مسؤولا عن القضية وجمّدت الشرطة مهامه بعد اتهامه والدي الفتاة بقتلها بالخطأ ثم إخفاء جثتها، إن “ما حدث مرتبط بالتقادم (…) في الجوهر، إنها خدعة إجرائية من جانب المدعي العام” لإبقاء الملف مفتوحاً.
وكانت مادلين ماكان، التي سمّتها الصحافة البريطانية منذ بداية القضية “مادي”، اختفت في الثالث من أيار/مايو 2007، قبل عيد ميلادها الرابع بفترة وجيزة، في منتجع برايا دا لوز الساحلي في منطقة الغارفي البرتغالية حيث كانت تمضي إجازة مع أسرتها.
وأدى فقدانها إلى إطلاق حملة دولية استثنائية قادها والداها لمحاولة العثور عليها. وقد انتشرت حول العالم صور الطفلة مادي بشعرها البني وعينيها الفاتحتين.
اغتصاب واعتداء على اطفال
بعد 14 شهرا من التحقيقات المثيرة للجدل التي طبعها خصوصا قرار توجيه اتهامات قضائية للوالدين ثم تبرئتهما، أغلق القضاء البرتغالي القضية في عام 2008، قبل إعادة فتح الملف بعد خمس سنوات بسبب ظهور “عناصر جديدة”.
مع ذلك، لم تشهد القضية أي تقدم حقيقي حتى يونيو 2020، عندما قال مكتب المدعي العام في برونسفيك إنه من المؤكد أن الفتاة ماتت، لافتا إلى أن الشكوك تحوم حول رجل كان مسجونا في كييل في قضية أخرى.
وكان “كريستيان ب.” الذي يمضي حاليا عقوبة بالسجن لاغتصابه عام 2005 امرأة أميركية تبلغ 72 عاماً في جنوب البرتغال، يعيش عند اختفاء مادي على بعد كيلومترات قليلة من الفندق في برايا دا لوز حيث فُقد أثرها، بحسب المحققين الألمان.
كما بدأ مكتب المدعي العام في برونسفيك إجراءات ضده في قضية اغتصاب أخرى لامرأة ايرلندية، وانتهاكات جنسية لأطفال في البرتغال.
وأوضح الناطق باسم مكتب المدعي العام في برونسفيك هانز كريستيان ولترز لوكالة فرانس برس “يركز زملائي عملهم على هذه الحالات الأخرى من أجل التمكن من إغلاق هذا الملف في المستقبل القريب. عند الانتهاء من ذلك، سنتابع حصرا قضية مادي”.