ودّعت الإمارات فقيدها المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الذي انتقل إلى جوار ربه أمس عن عمر ناهز 76 عاماً، سطّر خلالها مسيرة حافلة بالعمل الوطني المخلص اتسمت بالعطاء المتواصل لبناء مسيرة التنمية. وواكب المغفور له مراحل تطور الإمارات، وأسهم في بناء مسيرتها التنموية، إذ يعتبر، رحمه الله، أحد رواد وحدتها، وتأسيس حاضرها ومستقبلها، ورجل دولة ترك بصمة جلية في الحياة الاقتصادية، وشغل، رحمه الله، منصب وزير المالية منذ التشكيل الأول لمجلس الوزراء في 9 ديسمبر 1971 ولغاية وفاته.
كما ترأس المغفور له الشيخ حمدان بن راشد العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية رفيعة المستوى والتي تلعب دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد وسوق العمل في الإمارات ودبي، من أهمها: بلدية دبي، وهيئة آل مكتوم الخيرية، ومركز دبي التجاري العالمي، وشركة الإمارات الوطنية للبترول، وشركة دبي للغاز الطبيعي، وشركة دبي للألمنيوم المحدودة، وشركة الإمارات الوطنية للمنتجات النفطية، ومركز تجهيز حقول النفط.
نجاحات
ونجح المغفور له على مدار 50 عاماً، تولى خلالها حقيبة وزارة المالية، في تحقيق نجاحات ضخمة من خلال مسيرته الحافلة بالإنجازات المشرقة، والجهود المخلصة، التي عززت من الدور الذي تضطلع به الوزارة في المجالات المالية والاقتصادية، واستدامة الموارد المالية الاتحادية، وخطط التنمية، وتعزيز مكانة الدولة على خارطة التنافسية والعلاقات المالية والاقتصادية العالمية، وتوطيد البنية التشريعية المالية للدولة، وتطوير القوانين والتشريعات التي ترتقي بمكانة الدولة في المحافل الدولية.
وكان للمغفور له مساهمات محورية في مسيرة رسم وتطوير السياسات المالية لدولة الإمارات، منذ تأسيس الاتحاد، لتلبي متطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، والارتقاء بفعالية التخطيط المالي والتنفيذي للميزانية الاتحادية، وتوحيد السياسات، وتوجيه الإنفاق العام لدعم القطاعات الحيوية اقتصادياً، حيث وجّه المغفور له بالعمل لتطوير كفاءة الإدارة النقدية، عبر التوجه للميزانية الصفرية، ومبادئ المحاسبة على أساس الاستحقاق، إلى جانب التركيز على تنمية وضمان استدامة الموارد المالية للحكومة الاتحادية، وتحفيز عملية التنمية المستدامة ضمن كافة القطاعات الحيوية.
وأسهمت جهوده، طيب الله ثراه، في تحقيق إنجازات غير مسبوقة بالقطاع المالي والاقتصادي، وسارت بخطى واثقة، وهمة عالية نحو بناء المستقبل المستدام، بفضل الفكر الاستراتيجي العميق، فاعتمدت وزارة المالية، خطة استراتيجية واقعية وطموحة، طوعت فيها كل إمكاناتها لأداء جميع المهام والخدمات، طبقاً لأفضل الممارسات، وأرقى المواصفات، واضعة في اعتبارها، أهمية ومركزية خدمات المتعاملين على اختلاف فئاتهم، من دون أن تنسى تأثير التغيرات الإقليمية والدولية على الوضع المالي والاقتصادي.
تطوير
ونجحت وزارة المالية، تحت قيادة المغفور له الشيخ حمدان بن راشد في مواصلة مساعيها لتطوير النظام المالي الاتحادي، وفق استراتيجية واضحة المعالم، ترتكز على اعتماد أفضل الممارسات في إدارة المالية العامة، لتعزيز كفاءة الخدمات المقدمة، وهو ما أسهم في زيادة ثقة المتعاملين، ورفع من مستوى رضاهم، ودعم النموذج الاقتصادي المالي الرائد الذي تتمتع به الإمارات، كما عملت الوزارة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، والتي تتمحور ضمنها جميع المشاريع والخطط والمبادرات المرتبة بالعمل المالي الحكومي، وتشمل تعزيز التخطيط المالي للحكومة الاتحادية، واستدامة المالية العامة، ورفع كفاءة وفعالية تنفيذ الميزانية، وإدارة المركز المالي، والتدفقات النقدية للحكومة الاتحادية، وخدمة المصالح المالية والاقتصادية للدولة على المستوى الدولي، تعزيز تنافسية الدولة في المجال المالي والاقتصادي، ضمان تقديم كافة الخدمات الإدارية، وفق معايير الجودة والكفاءة والشفافية، وترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي.
مهام
واستطاعت الوزارة تأكيد كفاءتها في تأدية مهامها، من خلال حفاظها على الاستقرار المالي للدولة، على الرغم من تحديات الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وتضاعف حجم الميزانية العامة للاتحاد 291 مرة، في مؤشر واضح يدل على نجاح الوزارة في إدارة التدفقات النقدية، وتوفير السيولة اللازمة لتلبية متطلبات الجهات الاتحادية لتمويل مشروعاتها، وتنفيذ برامجها وأهدافها الاستراتيجية.
ونجحت وزارة المالية، تحت قيادة المغفور له، في تحقيق نقلة كمية ونوعية في قيمة وأنظمة إعداد الميزانية الاتحادية، فحلقت بنسب نمو قياسية في قيمتها، لتنتقل من حسابات الملايين، حيث بلغت 200 مليون درهم عام 1972، إلى عالم المليارات، بعدما بلغت الميزانية العامة للاتحاد، 58.1 مليار درهم للسنة المالية 2021.
بصمات
ويعد الراحل الكبير صاحب بصمات خالدة في مسيرة الصناعة محققاً إنجازات رسخت دعائم القطاع المحلي وعززت ريادته على الساحة الدولية وأسست لقاعدة صناعية صلبة في الإمارات، حيث شغل المغفور له منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة في أول حكومة اتحادية برئاسة شقيقه الراحل الشيخ مكتوم بن راشد، طيّب الله ثراه، فور إعلان الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971.