تقدم رأس الخيمة نموذجاً ناجحاً في كيفية الاستفادة من مقوماتها الطبيعية وكفاءاتها البشرية، ورؤية قيادتها الرشيدة لتحقيق المزيد من النجاحات في مختلف القطاعات. وتعتبر رأس الخيمة ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الاقتصادية التي شهدتها دولة الإمارات منذ العام 1971، فالإمارة التي تشتهر بجمال طبيعتها وبجبالها ومناظرها البانورامية المذهلة وفرت العديد من المقومات الأساسية التي أسهمت في تعزيز حضور الدولة على الساحة العالمية. فقد استخدمت صخور جبالها الشاهقة في بناء العديد من المدن بدولة الإمارات، وكما هو الحال في أي مسيرة تقدم وازدهار، ومع مرور الأعوام وتغير الظروف، أضحت لإمارة رأس الخيمة مكانة رائدة في دعم التوجهات الجديدة لدولة الإمارات في بناء اقتصاد متنوّع ومستدام قائم على المعرفة. ويصادف شهر أكتوبر من هذا العام الذكرى العاشرة لتولي صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة مقاليد الحكم في الإمارة ودعمه لمسيرة التنمية فيها. ونستعرض من خلال (10 في 10) المجالات العشرة التي استحوذت على أولويات الإمارة خلال العقد الماضي، وكيفية مساهمتها في تحقيقها لأهدافها، وفي دفع مسيرة التنمية المستدامة في دولة الإمارات.
تتبنى حكومة رأس الخيمة نهجاً مالياً يقوم على الحوكمة الرشيدة، وتلتزم باستمرار تحسين مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، وهو ما أسهم في تحقيق الموازنة العامة للإمارة فائضاً مالياً سنوياً منذ العام 2010، وذلك بفضل اعتمادها على سياسات اقتصادية متميزة. وأسهم هذا النهج التعاوني والمؤسسي لحكومة الإمارة في تكريس مكانة رأس الخيمة وجهةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الكبرى، إذ يصل عدد الشركات التي تعمل فيها حالياً إلى أكثر 38000 شركة من 100 دولة تمارس أعمالها في 50 قطاعاً مختلفاً مستفيدة من التراخيص التجارية والخدمات التي تقدمها هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية «راكز»، وغرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، ودائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة.
توسع المناطق الحرة
أسهمت المنطقتان الحرتان اللتان وجّه صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي بإنشائهما خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين في تعزيز حضور الإمارة على خارطة الأعمال العالمية، وترسيخ مكانتها وجهة استثمارية على مستوى المنطقة.
وأصبحت المناطق الحرة التي تم ضمها جميعاً العام 2017 لتكون تحت مظلة هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية (راكز) من بين أهم الوجهات لممارسة الأعمال والأنشطة التجارية على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة.
قطاع السياحة بدوره واحد من القطاعات التي شهدت تقدماً كبيراً في رأس الخيمة على مدار الأعوام العشرة الماضية، فقد أصبحت الإمارة وجهة معروفة ومكاناً مفضلاً للابتعاد عن صخب المدن، وقد أتاح التنوع الجغرافي لرأس الخيمة من الصحارى إلى الشواطئ الجميلة والجبال الشاهقة، تقديم مجموعة مختلفة من الأنشطة في مواقع قريبة من بعضها البعض.
كانت «قرية الحمرا»، التي افتتحت لأول مرة في عام 2004، أول مشاريع إمارة رأس الخيمة في مجال التطوير العقاري، وقد نمت المنطقة لاحقاً لتصبح مجتمعاً مزدهراً تبلغ مساحته 77 مليون قدم مربعة، يضم حوالي 10000 ساكن يعيشون في أكثر من 1000 فيلا، وما يقرب من 2500 شقة بتكلفة مناسبة ومنافسة لكثير من المجتمعات السكنية المماثلة في أي مكان آخر.
تشهد رأس الخيمة منذ عام 2010، تحولاً رقمياً متسارعاً تماشياً مع استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لتحسين الخدمات الحكومية ورقمنتها بالكامل، ويعد التحول من الخدمات الورقية إلى الخدمات الرقمية منذ عقد من الزمان أمراً مذهلاً في رأس الخيمة، حيث تقود هيئة الحكومة الإلكترونية، عملية الرقمنة كوسيلة لمواصلة تحسين وتبسيط الخدمات المقدمة للمتعاملين، واليوم تم تحويل أكثر من 450 خدمة من مختلف دوائر حكومة رأس الخيمة إلى خدمات إلكترونية متاحة عبر شبكة الإنترنت.
منذ أكثر من 40 عاماً عملت كل من شركة أحجار رأس الخيمة – «راك روك» ومؤخراً «ستيفن روك» على استخراج الأحجار، ومواد الحجر الجيري عالية الجودة من سلسلة «جبال الحجر» ليتم نقلها بعد ذلك عن طريق البر أو من ميناء صقر القريب إلى جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي والهند ودول العالم، وإيصالها للمتعاملين بقطاعات البناء والإسمنت والصلب والتعدين والصناعات الكيماوية والزجاجية. وتم استخدام هذه الحجارة في بناء مشاريع معروفة مثل: برج خليفة، ونخلة جميرا، ودبي مول، ومع نمو السمعة الراسخة لشركتي «راك روك» و«ستيفن روك» في الأعوام الأخيرة، شهدت أعمال الشركتين توسعاً أيضاً.
وتتمتع إمارة رأس الخيمة بتاريخ حافل وغني بالإنجاز الأكاديمي، حيث كانت الإمارة سبّاقة في إنشاء نظام تعليمي جاء ترجمة لحكمة المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي.
وواصل صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي مسيرة والده الراحل في دعم التعليم من خلال إنشاء منطقة راكز الأكاديمية، ومؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة، ومؤسسات تعليمية أخرى، إضافة إلى تقديم منح دراسية.
وخير مثال على المؤسسات التعليمية هي الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة التي تأسست في عام 2009، وشهدت نمواً كبيراً في عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث تزايد عدد الطلاب من 38 طالباً إلى ما يقارب 1000 طالب ومن 16 عضو هيئة تدريس إلى 100 عضو هيئة تدريس اليوم.
وتفخر إمارة رأس الخيمة بتاريخ حافل يعود إلى حوالي 7000 عام مضت، وهي واحدة من الأماكن القليلة في العالم التي ظلت مأهولة بالسكان طوال تلك المدة. وفي صميم جهود الإمارة لاكتشاف المزيد عن ماضيها والحفاظ على المواقع والتحف المهمة، يبرز دور دائرة الآثار والمتاحف التي نفذت في الأعوام العشرة الماضية عدداً من المشاريع وأقامت شبكة من علاقات التعاون مع بعض المؤسسات الدولية وأسهمن في الكشف عن العديد من اللقى الأثرية ذات القيمة التاريخية
وكما هو الحال مع الحفاظ على التاريخ، تدرك رأس الخيمة أيضاً أهمية المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية لضمان التنمية المستدامة في الإمارة. ولهذا وضعت بلدية رأس الخيمة استراتيجية كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في عام 2018 لضمان تشييد المباني بطريقة مستدامة، ولإبراز حرص الإمارة على بذل كافة الجهود للحد من تأثيرها السلبي على البيئة.
وعلى مدى الأعوام العشرة الماضية، تطور دور مؤسسات الرعاية الصحية في رأس الخيمة من تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية للسكان المحليين إلى توفير السياحة العلاجية والترحيب بالراغبين في زيارة الإمارة والاستفادة من خيارات الرعاية الصحية المتقدمة المتاحة على شواطئها.