إلي متي سنبقي نتألم؟ سؤال يطارد معظم بني البشر في الفترات الأخيرة بعد تفاقم موجة الأحداث علي الساحة عالميًا ..
التعرض للضغوط والصدمات علي المستوي الشخصي والإجتماعي والإقتصادي ولا زالت الحياة تستدعي نفس متطلباتها لكي تستمر من صبر وتحمل وإيجابية وسعي، لنري زهرة شبابنا تذبل مع مطاردة الظروف الحياتية و مشاعرنا المبعثرة من فراق وخوف والضغوط اليومية وترقب للمشهد التالي المبهم!!
التعرض للضغوط والصدمات علي المستوي الشخصي والإجتماعي والإقتصادي ولا زالت الحياة تستدعي نفس متطلباتها لكي تستمر من صبر وتحمل وإيجابية وسعي، لنري زهرة شبابنا تذبل مع مطاردة الظروف الحياتية و مشاعرنا المبعثرة من فراق وخوف والضغوط اليومية وترقب للمشهد التالي المبهم!!
الإجابة على هذا السؤال هي سؤال آخر سيحسم فوضي أنفسنا المبعثرة وهو هل نحن من نقود الألم أم هو من يقودنا؟
في دراسة تابعة لجمعية القلب الأميركية نُشرت في 11يناير/كانون الثاني الفائت، كان انخفاض الدخل المفاجئ، في الفئة العمرية 23-35 سنة، سببا مباشرا في تَعرُّض الشخص بنسبة أكبر من الضِّعف للإصابة بالسكتات الدماغية أو الذبحة الصدرية أو الفشل القلبي أو الموت، خلال 15 سنة فقط بعد أول ضربة قاسية للدخل الشخصي. هذا إلى جانب أن الوظائف الإدراكية للإنسان تتضاءل بسبب الجهد المستمر الذي يضطر لبذله من أجل أن يتعامل مع الآثار الفورية لانخفاض الدخل، مثل اضطرارك لخفض المصروفات اليومية وآلية تنظيم ذلك، ناهيك عن العديد من الأمراض النفسجسمانية التي يصعب فهمها حتي من قبل المتخصصين. والحقيقة تكمن في أن الألم النفسي ماهو إلا خبرتك الشخصية المسبقة أو الحالية، وكيف يمكنك إدارته وترويضه لصالحك، وبالفعل هي صدمات وأحداث تصيبنا بالحسرات والندم أو مشاعر فقدان تهلكنا، والخطأ كله ينصب في إعتبارنا للألم إنه إنعكاس لصورتنا الداخلية عن أنفسنا ونجعله رفيق الدرب أو لسيطرة الحياة المادية مع عدم وضوح لرؤية الحكمة الإلهية المستترة خلف الحدث لتجد نفسك إنسان مستنزف طاقيا سهل الهدد والتوتر،ناقم لنعم الله التي لا تعد ولا تحصى.
إدراكك أن الألم مثله مثل كافة المهام الحياتيه التي كثيرًا ما تبرع في إدارتها وتقييمها، وما هو إلا ناتج عن عوامل خارجية سيساعدك لتجاوزه.
فما نستحضره بعقولنا ونردده علي مسامعنا هو ما نفرضه علي أنفسنا لنتركه يستولي علي أرواحنا ليشل أفكارنا ويسيطر علي ادائنا المهني والتعليمي وعلاقتنا وأجسادنا لتصبح منهكة فالألم يتغذي علي النظرة الدونية للنفس وجلد الذات والحوار السلبي الهدام مع النفس وكذلك السعي الدائم للكمال والمثالية والإهتمام الزائد بأراء الناس فيصبح شبحا يطاردنا لنعيش في دور الضحية والخذلان بالتركيز عليه والتحدث عنه ليلا ونهارا ، ما يقودنا إلي الوهن النفسي بعد كم من الصراعات فأي شئ تركز عليه يستدعي أضعافه وتذكرة النفس بما يؤلمها هو ألم في حد ذاته، وما تقاومه يستمر معك فمقاومة الألم عنيفة ويمكن ان تقودنا للعزلة والشعور الدائم بكسرة القلب وإهتزاز الثقة بالنفس وإضطراب المعاني والرؤية وكثيرا ما نستخدم الحيل الدفاعية مثل النكران والكبت الذي يعقبه إنهيارا مفاجئ، فالهروب ليس الحل!
وكل الحكمة في إدارة الألم تتلخص في إدراك مراحله لتفادي الإنغماس في مرحلة أصعب بداية من الإعتراف به وبوجود الإضطراب النفسي وإدراك مشاعرك سواء كانت ندم ، فقدان، خسارة، إحتياج، عجز أو تعلق وتقبل الحكمة منه كدرس وخبرة حياتية تساعدك في تجاوزه، وما يشبهه من أحداث مستقبلية ويتبع ذلك التجاهل المتعمد بمعني أن نعيشه مؤقتا ولا نتركه يعيشنا!!
تأكد أن روحك التي إنطفأت وأصبحت أقل إقداما علي الحياة بفعل أحداث صادمة أو إختيارات خاطئة، لن يعيد نورها إلا الرجوع للمصدر وهو الخالق لنجد توضيحا في أياته سبحانه وتعالى.
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )
لنري عظمة الخالق في تفضيل بني البشر علي سائر المخلوقات وتسخير البر والبحر لنا ،ودون أن نعلم نميل إلي التقليل من شأن مرونتنا وقدراتنا في التعامل مع الأزمات فالألم ما هو إلا مشاعر سلبية تقودك لفوضي النفس والتخبط فلا يوجد شخص لا يتألم علي وجه البسيطة إلا من رحم ربي وتعاملك مع الألم علي إنه سرطان ليس له علاج هو الكارثة الحقيقية، ولقد وردت أيات كثيرة عن محاصرة شيطان النفس للإنسان ومنها قوله:
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَٰكِرِينَ)
(ثم لآتينَّهم من جميع الجهات والجوانب، فأصدهم عن الحق، وأُحسِّن لهم الباطل، وأرغبهم في الدنيا، وأشككهم في الآخرة، ولا تجد أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك.
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَٰكِرِينَ)
(ثم لآتينَّهم من جميع الجهات والجوانب، فأصدهم عن الحق، وأُحسِّن لهم الباطل، وأرغبهم في الدنيا، وأشككهم في الآخرة، ولا تجد أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك.
أما عن رغبتك في الوقوف مجددا وتجاوز وسواس شيطان النفس لا تلغي حزنك ولا تنفي وقوع الضرر عليك كما أن حدة الحزن تتلاشي مع مرور الوقت في حضور الإرادة والعزم علي الخروج من هذا النفق المظلم فكل من لم يشعر بالراحة يقول إنه في حالة إكتئاب وكإننا نستمتع به رفيقا لنا ،وما علينا إلا أن نعيش اللحظة الحالية ويومنا هذا فالماضي قد رحل بكل ما فيه ويكفينا أن نأخذ منه ذكرياتنا الطيبة ونستغني عن المؤلم منها من أحداث وأشخاص ، والمستقبل لا يتطلب إلا السعي بحذر وجد دون الخوف من النتائج أو تنبؤات لا يعلمها غير الله ،فلا نعين أنفسنا علي فقدان متعة الحياة والإمتنان والشكر لنعم الله علينا ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
وأثبتت الدراسات أن لتمارين التأمل الإيجابي مع موازنة روتين يومي صحي والتنفس بعمق وممارسة الرياضة بإنتظام إن أمكن ذلك دور فعال في تخطي الضغوط النفسية، وكثيرا ما يكون اللجوء لمتخصص داعم للفترات العصيبة التي تمر بها في حالة تطور المشكلة أمرا لابد منه فهناك العديد من العلاجات التي أثبتت قدرتها في العبور من ذلك النفق المظلم بسلام، مثل إستخدام العلاج المعرفي السلوكي والدعم النفسي البناء من قبل أخصائي الصحة النفسية.
ولتزهر السعادة والتفاؤل في أرواحنا لا نحتاج إلا لوقفة مع النفس بالإرادة القوية والصبر والتعلم وتحفيز الذات علي السلام الداخلي مع توقع زوال الألم لنتخطي فوضي انفسنا.. (نتألم لنتعلم لننمو)
بقلم: رشا أبو العز
باحثة وإعلامية
1 التعليقات
مفتاح حياه
2020-10-15 at 10:22 ص (UTC 4) رابط التعليق
ممتاز
(0) (0)