بقلم : ايناس ابو زيدان
سورية هي كلمة يونانية الأصل و تعني الشمس ، نعم إنها بلاد الشمس التي قدمت الدفء الحضاري للانسانية جمعاء وقدمت أيضا الإبداعات التي ساهمت بشكل كبير في تحديد المعالم الأولى للابداع البشري ككل ، وقد لعبت سورية دورا أساسيا في التاريخ وتطور الحضارة الإنسانية فكانت معبراً عظيماً للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والشرق، وصدرت الأبجدية إلى الغرب،و منها انطلقت الأديان ابتداءً من عبادة الآلهة إلى الديانات التوحيدية و ظهرت الزراعة في سوريا منذ 9000 سنة قبل الميلاد عندما اكتشف الإنسان إمكانية نمو المئات من النباتات الجديدة من البذور. تم أيضا في سوريا القديمة اكتشاف أسرار صناعة المعادن وإمكانية استخدام البرونز و النحاس بأشكال عديدة تخدم الحاجات المنزلية و العسكرية و الجمالية.
ففي مملكة ماري (تل حريري) تم العثور على العديد من القصور و المعابد والجداريات التي عكست تقدما كبيرا في النشاطات التجارية والثقافية. كما كشفت أعمال التنقيب عن بقايا أثرية ل275 غرفة في قصر كبير تغطي مساحة 2.5 هكتار بالإضافة إلى مكتبة كبيرة مليئة ب20000 لوح مسماري يعود للألف الثالثة قبل الميلاد.
أما مملكة أوغاريت (رأس شمرا) فقد قدمت للبشرية الأبجدية الأولى وكان لها ماضي ذهبي في الإدارة و الثقافة والدبلوماسية والقانون والدين والاقتصاد فترة ما بين القرن 16 و 13 قبل الميلاد.
في إيبلا (تل مرديخ) تم اكتشاف قصر ملكي يحوي على واحدة من أكبر المحفوظات و أكثرها شمولاً في العالم القديم بالإضافة إلى العمل في مسائل الصناعة و الدبلوماسية و التجارة و الفن و الزراعة. إشتهرت إيبلا على مستوى العالم في صناعة قماش الحرير من الذهب و صناعة المنحوتات الخشبية المطعمة بالعاج و اللؤلؤ. مازالت هذه الصناعات مزدهرة حتى يومنا هذا بما في ذلك التطريز و الفسيفسائيات المصممة بشكل يتوافق مع التقاليد الحرفية في إيبلا القديمة.
فكانت دمشق ومازالت هي عاصمة سورية التي تعتبر أقدم مدينة مأهولة في العالم و توجد فيها أنقاض يونانية بنيت فوق معابد آرامية بالإضافة إلى المآذن المرتفعة كما أصبح المسجد الأموي الذي يعتبر صرحا عظيما للحضارة الإسلامية نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية من اسبانيا إلى سمرقند. لنشهدها الآن بلد للحرب والموت لمدة تسع سنوات ويعاني اهلها الفقر والقهر حتى مرارة الهجرة كانت الحل الأفضل للبحث عن حياة كريمة.
لكن غضب الطبيعة حل على ارضها الخصبة، فنشب حريق في جنة غاباتها من جبال اللاذقية وحماة وحمص ومحاولات الدفاع المدني كانت وما زالت من يوم السبت الفائت لإخماد الحريق هي البلسم الوحيد ،لنجد الأسئلة تتدافع للظهور ،أكثرها تشعبًا …هل يكون الحريق مفتعل أم أنه حقاً نتيجة عوامل طبيعية ؟!