كشف فيروس «كورونا» هشاشة الكثير من الأنظمة التي تدير عجلة الحياة في العالم، لعل أبرزها هشاشة النظام الصحي في كثير من دول العالم المتقدم.
وتتنوع توقعات المحللين عن التغييرات التي سيشهدها العالم بعد انتهاء جائحة «كورونا» التي كشفت الكثير من الثغرات في الأنظمة الصحية والغذائية في دول متقدمة عدة، كما عرت نظامها للأمن القومي القائم على موازنة الردع وحماية المصالح وتكريس أو تعزيز النفوذ العابر للحدود والتحسب لهجمات إرهابية وسيبرانية.
فكل تلك المنظومات الأمنية والاستخبارية والتسليحية لم ترصد ذلك الكائن غير المرئي الذي أشغل الدنيا، وفشلت دول عظمى حتى وهي تتحسب لحرب بيولوجية وفيروسية من رصده، ومن ثم فشل آخر في السيطرة عليه حتى الآن، فضرب نظامها الصحي في مقتل، وبات يهدد نظامها الغذائي والاقتصادي مع تعطل دورة الأعمال.
ما يهمنا هنا، كيف أن دولة ناشئة مثل الإمارات، كانت أكثر إدراكاً، لمثل هذه الأزمات، وأثبتت أن أنظمتها وإدارتها للأزمة، استباقية وأكثر كفاءة من دول متقدمة وعريقة. فالنعمة التي تعيشها الإمارات من وفرة كافة السلع الغذائية والدوائية ونظام صحي فعال يضمن السلامة واستمرارية الأعمال في الوقت نفسه، هي نتاج سياسة بدأت منذ تأسيس الاتحاد قبل خمسة عقود.
فقد استطاعت هذه الدولة التي أدهشت العالم طوال السنوات الماضية بإنجازاتها، أن تبني منظومة أمن شاملة تتعدى الأمن التقليدي إلى ما هو أبعد وأوسع، من منطق توفير رغد عيش وسعادة شعبها والمقيمين على أرضها، وحمايتهم وتأمين سلامتهم الصحية واستقرارهم الاجتماعي وازدهارهم الاقتصادي، فجعلتهم يشعرون بأمان على صحتهم وسلامتهم، واثقين بقيادة جعلت أولويتها الدائمة العناية بالإنسان، وإن قالت فعلت، وإن وعدت أوفت.
اليوم تنشر «البيان» في ملحقها الاقتصادي عن كنز استثماري، يمثل نموذجاً لسياسات هذا البلد، وكيف استطاعت شراكاتنا تنويع الاستثمارات الوطنية في كل القطاعات بما فيها الزراعية في الداخل والخارج، لتبني مخزوناً غذائياً وطنياً استراتيجياً، يفيض بكميات هائلة للتصدير والدعم والمساندة الخارجية، مع القدرة على إعادة بنائه في زمن قياسي.
نحن اليوم نجني ثمار تلك السياسات الناجحة بالأمن الاستباقي الشامل، استقراراً صحياً وغذائياً رغم الأزمة، ليس هذا فقط بل إن المنظومة الاستثنائية للإمارات مع ما تملكه من أذرع لوجستية عملاقة، مكنتها من دعم ومساندة عشرات الدول التي تواجه جائحة الفيروس، بالدعم الطبي والغذائي والنقل والإمداد، لا لشيء إلا لأن منطق الإنسانية والمسؤولية الجماعية، هو الذي يوجه أداء الإمارات وسلوك شعبها.
بقلم: منى بوسمرة