بعد مرور نحو عقد على الغزو الأميركي للعراق، وبعد صمت طويل معظم تلك الفترة، قرّر ناجي صبري الحديثي، آخر وزير خارجية عراقي في نظام صدّام حسين، إماطة اللثام لبرنامج “الذاكرة السياسية” على قناة “العربية”، عن الأجواء التي سبقت سقوط النظام، وذلك في الحلقة الأولى من سلسلة حوار موسع يمتد لستة أجزاء ويحمل الكثير من أسرار تلك المرحلة التاريخية.
ويكشف الحديثي عن ظروف خروجه نهائياً من بغداد بعد سقوطها في إبريل من العام 2003، بالقول: “أوقفني حاجز لمسلحين تابعين لمجموعة أحمد الجلبي، ولكن عناصره لم يتعرّفوا عليّ رغم أن أحد العناصر اقترب لسنتيمترات مني، لأنني كنت قد بدّلت هيئتي”.
الحديثي الذي غادر العراق برّاً عبر سوريا، مكث نحو تسعة أشهر في بلد عربي لم يشأ أن يذكر اسمه، قبل أن ينتقل إلى قطر بناء على دعوة من أميرها، حيث يستقر فيها حتى اليوم.
رئيس الدبلوماسية العراقية الأسبق سيكشف أيضاً خلال الحلقة الوسائل التي اعتمدها للخروج من العراق بعد أيام من بدء الغزو، للمشاركة في قمة وزراء الخارجية العرب التي انعقدت في القاهرة، وتوجيهات صدام حسين له قبل المؤتمر وأثناء انعقاده. صدّام الذي بدا اعتيادياً في آخر لقاء له مع الحديثي، بعد ثلاثة أيام من بداية الغزو، قال لوزير خارجيته بكثير من الثقة وقتها: “قل لإخوانك العرب إن أميركا لن تغلب العراقيين”.
ويكشف الحديثي اعتماده خطة لتمويه تحركاته ذهاباً وإياباً في رحلته إلى مؤتمر القاهرة، فلبس ثياب شيخ عربي ووضع كوفية على رأسه، بعدما علم أن جواسيس تعمل لصالح القوات الغازية قد انتشرت في الطرقات.
وبالتزامن مع أعمال مؤتمر القاهرة، عقد وزير الدفاع الأميركي آنذاك دونالد رامسفيلد مؤتمراً صحافياً قال فيه: “إننا أطبقنا على صدام حسين وولديه وكبار مساعديه” فردّ عليه أحد الصحافيين بالقول: “كيف أطبقتم على كبار مساعديه ووزير خارجيته موجود في القاهرة، فردّ رامسفيلد بعدما شعر بالإحراج: “لنرى كيف سيعود هذا الوزير إلى بغداد”.
وخلال الحلقة، سيشرح الوزير الحديثي كيف وضع خطة للعودة سالماً إلى بغداد، بعدما سرّب لإعلاميين أجانب ودبلوماسيين عرب أنه سيقوم بجولة عربية تبدأ من بيروت، إلا أنه ذهب إلى دمشق ومنها عاد برّا إلى بغداد.