بعد مسيرة امتدت لـ50 عاماً في حكم سلطنة عُمان، توفي السلطان قابوس بن سعيد، مساء الجمعة، عن عمر ناهز 79 عاماً، قاد خلالها البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة. وتأتي وفاة السلطان قابوس بعد نهضة شامخة أرساها خلال 50 عاماً منذ أن تقلد زمام الحكم في 23 يوليو 1970، وبعد مسيرة حافلة بالعطاء شملت عُمان وأسفرت عن سياسة متزنة، بحسب بيان ديوان البلاط السلطاني.
ولد السلطان قابوس في صلالة بمحافظة ظفار في 18 نوفمبر عام 1940، وكان الابن الوحيد للسلطان سعيد بن تيمور بن فيصل آل سعيد، وتلقى دروس المرحلة الابتدائية والثانوية في صلالة وفي سبتمبر من العام 1958، أرسله والده إلى المملكة المتحدة، حيث واصل تعليمه في إحدى المدارس الخاصة، ثم التحق في العام 1960 بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، حيث أمضى فيها عامين، وهي المدة المقررة للتدريب، درس خـلالها العلوم العسكرية، وتخرج فيها برتبة ملازم ثانٍ، ثم انضم إلى إحدى الكتائب العاملة في ألمانيا الاتحادية آنذاك لمدة ستة أشهر مارس خلالها العمل العسكري.
تولى السلطان قابوس الحكم خلفاً لوالده في 23 يوليو 1970، وتقلد السلطان، بحكم دستور البلاد، أغلب المناصب في عُمان، فقد كان رئيساً للوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة، كما احتفظ بحقيبتي الدفاع والمالية ومنصب محافظ البنك المركزي.
اهتم السلطان قابوس منذ توليه الحكم في البلاد بتنفيذ مشاريع تنموية عديدة لرفع مستوى معيشة المواطن العماني، حيث ركز على إنشاء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الضرورية.
وأنشأ أول دار للأوبرا في منطقة الخليج العربي، وتعرف اليوم بدار الأوبرا السلطانية العمانية في مسقط، إضافة إلى إنشاء موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن الكريم، سواء في السلطنة أو عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى جائزة السلطان قابوس لصون البيئة، التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونيسكو.
حصل السلطان قابوس على عدد من الجوائز، أبرزها جائزة السلام الدولية، وجائزة جواهر لال نهرو للتفاهم الدولي، وقلادة ترتيب إيزابيلا الكاثوليكية، وفارس الصليب الأكبر من وسام القديس مايكل والقديس جورج، وغيرها من الجوائز.
سياسياً، كان السلطان قابوس بن سعيد من مؤسسي مجلس التعاون لدول الخليج العربية العام 1981، كما أن عُمان احتفظت بعلاقات جيدة مع كل الدول العربية، وانتهجت سياسة «صديق الجميع» في العلاقات مع الدول كافة.
ودأب السلطان قابوس على تحديث هياكل الحكم في عمان تدريجياً بإقامة مجلس استشاري سنة 1981 تم استبداله بمجلس الشورى سنة 1990 ومن ثم مجلس الدولة سنة 1997.
وعلى مدى حكمه، الذي دام نحو خمسة عقود، نجح السلطان قابوس في تحويل عمان، الدولة النفطية الصغيرة، من بلد فقير إلى بلد يتمتع بدرجة من الرخاء.