مصر والإمارات توأمين يجمعهما كل مشترك ممكن بين الدول والشعوب.. شقيقين يجمعهما الدين واللغة والمصير والثقافة والقومية والمصلحة وصلة الرحم، والإيمان بالإنسان كقيمة عليا.. وبالعمل المشترك كطريق وحيد يرسم معالم المستقبل، ويوحد الجهد نحو التقدم والرخاء والتنمية والأمن.
وتأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات من منطلق استمرار التواصل بين البلدين والوقوف على آخر المستجدات في المنطقة، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الخطيرة وغير المسبوقة التي تواجهها المنطقة والدول العربية.
وتعد العلاقات بين مصر ودولة الإمارات، علاقات عميقة الجذور، حيث تؤكد الإمارات أن دعمها لمصر ثابت ومتواصل، ينطلق من دور مصر وأهميتها وثقلها السياسي والتاريخي، وهو أمر تكرس في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويزداد رسوخاً في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لذا فإن العلاقات بين البلدين الشقيقين تأخذ مساراً تصاعدياً على الدوام، حيث تحرص الإمارات على دعم كل ما من شأنه أن يعزز مسيرة التنمية والأمن والاستقرار في مصر، والوقوف إلى جانبها في الحرب على الإرهاب والتطرف، باعتبارها معركة مشتركة ضد هذه الآفة التي تهدد المنطقة والعالم.
الهدف من الشراكة بين مصر والامارات هو تأسيس مشاريع استثمارية استراتيجية مشتركة أو صناديق متخصصة للاستثمار في عدة قطاعات أبرزها الصناعات التحويلية والطاقة التقليدية والمتجددة والتكنولوجيا والأغذية والعقارات والسياحة والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية.
وتتسم العلاقات الإماراتية المصرية بأنها نموذج يُحتذى به في العلاقات العربية، من حيث قوتها ومتانتها وقيامها على أُسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، إضافة إلى استقرارها ونموها المستمر، والديناميكية التي تتمتع بها، والتواصل المستمر بين قيادتي البلدين وكبار المسؤولين فيهما، كما تقوم على أساس الشراكة الاستراتيجية لتحقيق مصالح الشعبين ومواجهة التحديات الإقليمية الراهنة التي تشهدها المنطقة، ويشتركان سويا في قرار المقاطعة العربية لقطر.
وفي عام 2008، جرى التوقيع على مذكرتي تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين، تنص مذكرة المشاورات السياسية على أن يعقد الطرفان محادثات ومشاورات ثنائية بطريقة منتظمة؛ لمناقشة جميع أوجه علاقتهما الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن أجل المزيد من التنسيق المشترك جرى الاتفاق في فبراير 2017 على تشكيل آلية تشاور سياسي ثنائية يعقد بشأنها اجتماع كل 6 أشهر مرة على مستوى وزراء الخارجية، وأخرى على مستوى كبار المسؤولين.
كما شهدت العلاقات السياسية بين مصر والإمارات دفعة قوية عقب ثورة 30 يونيو، حيث أيدت أبوظبي تولي عدلي منصور رئاسة مصر، وأكدت دعمها الكامل والمستمر للشعب المصري في تنفيذ خارطة الطريق، التي أعلنتها القوات المسلحة بمشاركة القوى السياسية والدينية، وتبادل الطرفان الزيارات رفيعة المستوى.
واتسمت العلاقات في السنوات الماضية أيضا، بالتنسيق الوثيق بين البلدين على الصعيد السياسي خصوصًا تجاه القضايا الرئيسية مثل “الفلسطينية والعراقية واللبنانية والليبية واليمنية والسورية” وغيرها، وتعددت لقاءات قيادتي البلدين ومسؤوليها على كل المستويات للتنسيق حيال تلك المواقف.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ارتبطت الدولتان بعلاقات تجارية واستثمارية ازدادت نموا عامًا بعد عام، حيث وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 1.4 مليار دولار، في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 10 مليارات دولار عام 2010، في قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية، بحيث أصبحت الإمارات المستثمر الأول في مصر.
وكانت الإمارات على رأس الدول العربية التي أيدت الثورة المصرية وبادرت بتقديم مساعدات مالية وعينية بـ3 مليارات دولار، في إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار، ثم واصلت دعمها للاقتصاد المصري، بعد توقيع اتفاقية مساعدات خلال شهر أكتوبر 2013 بقيمة 4 مليارات و900 مليون دولار، شملت “منحة بقيمة مليار دولار، وتوفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى، إضافة إلى المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية في مصر، من بينها بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب، بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمصر، وإنشاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في 18 محافظة، وبناء 100 مدرسة، إضافة إلى استكمال مجموعة من المشروعات في مجالات الصرف الصحي والبنية التحتية”.
كما ساندت دولة الامارات الاقتصاد المصري عقب قرار تعويم الجنيه، ما اضطر شركة موانئ دبي السخنة، وهي من كبرى الشركات التي تمتلك موانئ على مستوى العالم، في اتخاذ قرار تاريخي بالبدء من أول يوم بشهر فبراير 2016، بإلغاء التعامل بالدولار على الخدمات الأرضية المقدمة لأصحاب ومستلمي البضائع والمقدرة بالدولار الأمريكي، والتعامل بالجنيه المصري، كما قدمت الإمارات العربية المتحدة وديعة مالية إلى مصر قدرها مليار دولار لدى البنك المركزي المصري لمدة 6 سنوات لدعم سوق الصرف في مصر.
وفي أبريل 2016، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات، بتقديم 4 مليارات دولار دعما لمصر، ملياران منها توجه للاستثمار في عدد من المجالات التنموية، والآخرين وديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطي النقدي المصري.
وتحتل الإمارات المركز الأول دوليا وعربيا من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، لتصل إلى 6.2 مليار دولار، مقارنة بـ6 مليارات دولار عام 2016.
وتحظى العلاقات الثقافية بين البلدين باهتمام كبير في السياق الشامل لدعم العلاقات بينهما، فيجري سنويا تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية المصرية بدولة الإمارات، سواء على صعيد الفرق الفنية أو المشاركة في معارض الكتب، حيث توجد اتفاقيات للتعاون بين جامعة الإمارات وبعض الجامعات الحكومية المصرية وجامعة الأزهر.
كما جرى التوقيع على بروتوكول للتعاون بين مركز بحوث الصحراء المصري والمركز الدولي للزراعة الملحية والصحراوية بدولة الإمارات، بهدف التعاون في مجال تطوير وإدارة الموارد المائية الطبيعية، وكذا إجراء الدارسات وتنفيذ المشروعات التنموية في مجالات الزراعة الصحراوية.
ان العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات تشهد نموا متزايدا حيث يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر نحو 24.3 مليار درهم وتعمل أكثر من 900 شركة إماراتية في السوق المصرية وبلغ حجم التبادل غير النفطي بين البلدين 20.1 مليار درهم العام الماضي بنمو 14.6% حيث وصل حجم التبادل بين البلدين 89.5 مليار درهم خلال 5 سنوات الماضية وتستحوذ الإمارات على 21% من الصادرات المصرية إلى الدول العربية حيث توجد 601 علامة تجارية مصرية و44 وكالة تجاريةو111 فرع شركة مسجلة بالإمارات.
وامتدادًا للعلاقات الثنائية، كان لا بد للجانبين من الإطلالة على الأوضاع العربية الراهنة، نظراً لارتباطها وتداخلها مع الوضع العربي ككل، فقد تم التأكيد على وحدة وسيادة الدول التي تواجه الأزمات، وصون مقدرات شعوبها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار ودعم التنمية والبناء والتطور فيها، وضرورة تعزيز جهود العمل العربي المشترك، بما يحقق مصالح الشعوب العربية ومواجهة مساعي التدخل في شؤونها الداخلية التي تستهدف أمنها واستقرارها.