ينظر البعض لرحلات العمل المستمرة كفرصة رائعة لكسر الروتين، إلا أن الحقيقة أبعد ما يكون عن ذلك، فرحلات العمل مرهقة جداً، بل وقد تصبح “قاتلة” كما يرى بعض الباحثين. بعض النصائح لجعل هذه الرحلات أقل ضرراً.
هل تشعر بالغيرة عند رؤية صور لأصدقاء لك يسافرون بشكل مستمر بسبب عملهم؟ لكل منا أصدقاء يسافرون بشكل مستمر بسبب العمل، وقد ننظر لصورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونظن أنهم محظوظون لأنهم غير مضطرين للبقاء في المكتب طوال اليوم، ولأن وظيفتهم تتيح لهم هذه الفرصة لرؤية عدة بلدان.
وربما تكون أنت شخصياً أحد هؤلاء المضطرين للسفر بشكل مستمر بسبب عملك، وفي هذه الحالة فأنت في الغالب تعرف أن الأمر ليس ممتعاً كما يبدو، فالسفر الكثير من أجل العمل ليس فقط مرهقاً، لكنه أيضاً خطراً على الصحة كما تؤكد عدة دراسات.
فقد حذر باحثون في جامعتي سيراي البريطانية وليناوس السويدية في بحث -يحمل اسم “الجانب المظلم للتنقل المستمر”- من “الصمت الذي لا يحمد عقباه فيما يتعلق بالجانب المظلم لتلك الرحلات المستمرة”.
ونقل موقع The economist نتائج هذا البحث، قائلاً إن للسفر المستمر عواقب كثيرة على الجوانب الجسدية والنفسية والعاطفية والاجتماعية، والتعرف على الأعراض الجسدية هي بالطبع الأسهل.
فمن يسافر بشكل مستمر يعاني من عدة أعراض، على رأسها اضطراب الرحلات الطويلة المستمر كما ذكر سكوت كوهين، نائب رئيس فريق البحث في معهد السياحة والإدارة الفندقية في جامعة سيراي البريطانية.
ونقل موقع fastcompany بعض هذه الأعراض التي ذكرها سكوت كوهين في دراسته، من بينها الشيخوخة المبكرة وزيادة خطر التعرض للسكتة القلبية والجلطة ويكون جهازهم المناعي أضعف من غيرهم.
ويضيف كوهين أن السفر لأكثر من 85 ألف ميل سنوياً بالطائرات يعرض الأشخاص لإشعاعات أكثر من تلك التي تعتبر “آمنة”.
وينقل موقع Appotheken الألماني دراسة أقيمت في جامعة كولومبيا في نيويورك، وتوضح أن السفر لأكثر من عشرين يوماً في الشهر يعد أمراً خطراً، وقام فريق البحث بقيادة أندرو رودل بفحص نحو 13 ألف موظفاً، يسافر ثمانون بالمائة منهم على الأقل مرة في الشهر، بينما كان واحد بالمائة منهم يسافر لأكثر من عشرين يوماً، واتضح أن زيادة السفر تزيد من وزن الجسم، ومن نسبة الكولسترول كما تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
معاناة لكل أفراد الأسرة:
من ناحية أخرى يعاني هؤلاء الذين يسافرون بشكل مستمر بسبب العمل من مشاكل نفسية وعاطفية، بسبب التغيير المستمر في الأماكن والتوقيت، ويعانون من الضغط النفسي المستمر، خاصة وأن الوقت الذي يقضونه في الرحلة قلما يعتبر وقتاً للراحة، بل هو عادة وقت يقضيه الشخص في التحضير للعمل، بل ويزيد قلقه من عدم الرد على الرسائل وتراكمها في هذه الفترة، وهو ما يجعله في حالة عمل وضغط مستمرة.
وتقول الأخصائية النفسية سارة بيرنت، على موقع مستشفى هيليوس، إن المرء لا يمكنه الاحتفاظ بعاداته المرتبطة بالنوم والأكل وغيرها أثناء السفر وهو ما يصيبه باضطراب، ويؤدي لضغوط نفسية.
وعلى الجانب الاجتماعي يعاني الشخص من الوحدة، بسبب بعده المستمر عن أسرته وأصدقائه، حسب الباحثين. وكثيراً ما تتأثر الحياة الزوجية لهؤلاء الأشخاص بشكل كبير، إذ يعاني الطرف الذي يبقى في المنزل أيضاً لأن عبء الأعمال المنزلية ورعاية الأبناء بقع عليه بالكامل، كما يعاني الأبناء من اضطرابات سلوكية.
كما يضيف موقع Psychology today أن التحضير للسفر وتغيير مواعيد النوم والأكل تؤثر على العادات الصحية، وأضاف أن السفر الدائم يجعل تناول الوجبات الصحية أمراً أصعب.
نصائح لتقليل الخطر
ويقدم الموقع، بالإضافة إلى موقع Helios، بعض النصائح لجعل السفر أقل ضررا، منها:
– الاعتراف أولاً بأن هناك مشكلة.
– استغل كل الفرص الممكنة كي تمشي على قدميك في المطار مثلاً أو في محطة القطارات.
– حاول استغلال الفرص الرياضية المتاحة في الفنادق لممارسة الرياضة، حتى لفترات قصيرة.
– حاول إيجاد فرصة للاسترخاء أثناء الرحلة.
– التخطيط لتفادي اللجوء للوجبات السريعة غير الصحية، فحاول اختيار الوجبات الصحية حتى أثناء الرحلة، وربما يمكنك تحضير بعض الوجبات الصغيرة لتأخذها معك في الطريق.
– السوائل مهمة جداً، لكن احذر من المشروبات الكحولية والقهوة. بل الجأ للمياه أو المشروبات الصحية مثل الزنجيبيل الذي يقوي المناعة في الجسم.
– الفاكهة والمكسرات مناسبة جداً بين الوجبات وصحية للغاية.
– حاول الاحتفاظ بمواعيد نومك.
– انتهز كل فرصة للحركة.
– قم ببعض تدريبات التنفس والاسترخاء.