|  آخر تحديث يوليو 30, 2019 , 4:24 ص

#رنا_مروان | تكتب: “لا يفنى الشعور”


#رنا_مروان | تكتب: “لا يفنى الشعور”



لن يبدو أمر اليوم ِ كما هو عليه ِ الآنَ في الغد، ربما سيغدو بعدَ غدٍ ذكرى، وبعدَ بعدِ غدٍ مُجرّد رماد عندما تقوم ذاكرتك بحرقه قبل انتقاله لأرشيف الأبد ِ في عقلك، سيؤول للنسيان ِ خلال أقلِّ من شهر، ولن يُذكر حتى في السنة التالية ليكونَ له لديك ذكرى سنوية.
ألمُ اليومِ لليوم وفرحهُ كذلك! ما تعيشهُ الآن، من المستحيل جداً أن تعتاشه ذاته مرَّة أخرى؛ فحتى لو كانَ تكرارُ المواقف عليكَ يأتِ من ذاتِ جنس الشعور أو حتى ذكرياته، فهذا لا يعني أبداً بأنّ ذاتَ الشعور ِ يتكرر! أنتَ مُخطىء؛ فالمشاعر من أكثر الخيوط حساسيةً في هذا العالم، تُبتر ويُعادُ بناؤها، تلتوي وتتعقد، وانهزامُ عقدةٍ ليفية ٍ صغيرةٍ في حبل تلك الخيوط الرفيعة الممتدة من روحك، يعني انهزامُ شعورٍ بأكمله تجاه ِ كُل تلكَ المواقِف التي تأتِ من جِنسه؛ لذلك نحنُ مثلاً إذا أصابنا اليومَ يأسٌ تجاه مُعضلة ما في حياتنا، أصابنا اليأس تجاه كُلِّ شيء، وإذا سعدنا في الغد باقتناءِ ميدالية صغيرة لطالما تمنيناها بشغف، شعرنا بالسعادة الغارمة تجاه كُل ما في الحياة، حتى تجاه المُعضلة التي واجهتنا البارحة!
.. والمشاعرُ يا رفاق في انتمائها لذواتِ جنسها تفوزُ وتتقدّم؛ فمن الاستحالة أن لا يُرافق شعور الحزن فيك، شعورُ اليأس، البؤس، الاكتئاب والهوان، تداهمك هذه المشاعر دفعةً واحده ولا تترك لك أي مهرب، إلا النومَ ربما، البكاء أو الصمت! وكذلك السعادة، الفرح والامتنان، فإما أن تسعد، تفرح وتمتن، أو لا شيء منهنَّ أبداً، المهم هو أنها في نهاية الأمر في وحدتها عليكَ تتقدم.
.. وفي نهاية المطاف يا رِفاق، نعم، ما نعيشهُ اليوم لن يكون هو ذاته الذي سنعيشه في الغدِ وإن كانَ ما سنعيشه في الغد يُعدُّ امتداداً لذاتٍ من جنس شعور اليوم!!
” شعورُ اليوم ِ لليوم ” تعني بأنّ إمكانية إحساسنا بذات الشعور مرتين مُستحيله، ولكن لا تعني أبداً بأنَّ لدينا إمكانية لنسيانه أو فقدانه؛ المشاعر لا تتكرر يا رِفاق، ولكنها لا تُنتسَى أيضاً؛ وعدم نسياننا لكثير ٍ من المشاعر ِ من ذات الجنس أمرٌ يُربك أفئدتنا، فيُهيأ لنا من تراكمات ذات جنس الشعور فينا أنها ممتده، وفي الحقيقة ما الامتداد فيها إلا تراكماتٌ لأثر ِ سوابقها، والسوابقُ كما تعلمونَ مؤلمة، فحتى لو ثبتت براءةُ قلوبنا من ذات الشعور، تبقى السوابق ميداناً تتهاتفُ عليه بناتُ جنسه، لتنقضَّ على براءة قلوبنا الأبدية من الشعور من خلالها.
قد تقوم ذاكرتنا غداً بحرق ذكرى اليوم؛ لتُخلّص نفسها من عبىء حمل الموقف، وما يتحوّل إلى رمادٍ في هذه الحكاية، هو جزءٌ منكَ يا صديقي تعلّم، فاحترق فنضج! أما الشعور فاستحالة نسيانه ِ أبدية، يتبخر الشعور ويتكاثف في أحد زوايا روحك مرَّة أخرى ويبقى في داخلك الأثر ولا يُنسى الشعور.
” تغيبُ المواقِفُ أو تتكرر، تُنسى الذكرى ولعلّها تُفقَد، ومع كل ذلك لا يُنسى الشعور، لا يفنى الشعور “.
بقلم: رنا مروان – (الأردن)

1 التعليقات

    1. 1
      ويج آلجهني 🕊.

      أحرفك تنبض إبداع يوماً بعد يوم ، أدام الله هذا النبض بأحرفك دائماً 💛💛🕊.

      (0) (0) الرد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com