( صراع الحق والباطل )
سأعلمُ أولادي إن اختاروا أن يكونوا مع الحقِ ، أن يتأكدوا أن ماختاروا الوقوف معه والنضال دونه هو الحق حقاً ، وأن يتحلوا هم به أولاً ويعتنقوه ويطبقوه قبل أن يدعوا غيرهم إليه ، وأن يؤمنوا بخصوصية كل فرد وحريته الشخصية ، وأنهم لم تنتخبهم السماء جنوداً للحق ، وأن التعايش السلمي واحترام معتقدات الآخرين وأفكارهم ومايؤمنوا به ومايقدسوه ويعتنقوه – أياً كان ومهما كان – وعدم التعرض له بسوء أو السخرية منه ، هو عين الدين وقمة الرقي الإنساني ، وأن دوري في الدافع عن الحق ضد الباطل يبدأ عندما يصرُ الباطلُ على اقتحام دائرتي والتقاطع مع حياتي ، وأن العنف والتطرف والاصرار على الرأي وعدم التحلي بمهارة الحوار ومرونة التراجع إن ثبت لهم خطأ فكرة ما عندهم ، وعظمة الاعتراف بالخطأ ، وقدسية الاعتذار ، واحتقار الآخر ورفضه بالكلية وكراهيته والرغبة العمياء في الانتقام منه والانتصار عليه وإغلاق كل طرق العودة والتراجع أمامه ليعود للحق – متى شاء – أن كل ماسبق هو ماسيقذفهم بعيداً عن الحق وسيصبحوا هم – ودون أن يشعروا – أسلحةً فتاكةً في يد الباطل الشوهاء ..!!
سأعلمهم أن يكرهوا الباطل والسلوك الذي يُعبرُ عنه عند الشخص الذي يقوم به لاالشخص نفسه ، وأن الهدف هو القضاء على الباطل في الشخص ، لا القضاء على الشخص نفسه ، وأن الحب والتفهم والاحسان والصبر والستر والهدوء والإكرام والمدح والشكر والإشادة والثناء والاحتواء والقبول والتماس العذر وإحسان الظن والاحتضان ، هي الأسلحة الحقيقية التي تقضي على الباطل وترديه صريعاً وتمزقه أشلاءً ، وأن الشخص متى ماعاد لجادة الصواب ، عاد له حبنا وتقديرنا كاملاً ، وأن نسعى لنقل صاحب الباطل لمنطقة الحق فيزداد العدد به ، ولايكون همنا أن نقضي عليه في منطقة الباطل ..
وأن يعلموا أنه لايكفي أن يكونوا مع الحق فقط ، بل مع الله سبحانه وتعالى ، فمن ينصرِ اللهَ ينصره ومن يتوكل عليه فهو حسبه ، وأن يتيقنوا بأن الباطل أقوى وأشرس وأدهى وأكثر انصاراً واتباعاً وعدداً وعدةً وأشد بأساً وقوةً من الحق المجرد ، وأن الباطل في هذه الحياة هو الذي سيبقى وسينتصر في نهاية المطاف ( تقوم الساعة على شرار الناس ) ، وأن دورهم ليس القضاء على الباطل ، بل في البقاء مع الحق والثبات عليه مهما استلزم الأمر ، ومهما كلفهم ذلك ، فالله سيسألهم عن موقفهم وليس عن نتائج هذا الموقف ..!!
بقلم: أحمد سليمان النجار
مستشار أسري وتربوي مُعتمد