نواجه في حياتنا يوميا العديد من العقبات والمشكلات التي نظن أن ليس لها حلا, نتوقف كثيرا أمامها , نتعثر تارة وننجح في إجتياز بعض الصعاب تارة أخرى , ولكن إن ألقينا نظرة عميقة على هذه الصعاب نجد أن معظمها صنعت بإيدينا , فنحن من نخلق المشكلات ونحن من نستطيع حلها , وإن نظرنا بشكل أعمق لهذه المشكلات لعلنا نرى الحل بين أيدينا ولكننا لا نعرف ما هو وذلك نتيجة التوتر العصبي الذي يعاني منه معظم الناس , وهذا يرجع لطبيعة الحياة القاسية التي نعيشها في الوقت الحاضر . فعليك عزيزي القارئ أن تتخلى عن أفكارك السلبية وأن تستبدلها بأفكار إيجابية , فكما ذكرنا سابقا أن للعقل قوة جذب هائلة لأي من الأفكار التي تفكر بها . والسؤال المطروح حاليا هو كيفية القيام بهذا , أو كيفية إخراج الأفكار السلبية وإستبدالها بأفكار أخرى إيجابية. ولكي تجتاز الطريق القويم وتصل إلى الخير فإن عليك ألا تضع عقبات وعوائق في طريق الآخرين حيث ينبغي أن تتخلى عن الغيرة والحقد والحسد والاستياء من الآخرين وأمراض القلوب الأخرى.
إن كل ما تفكر فيه بشأن الآخرين من حولك يتحقق في حياتك الشخصية. لا تضع العقبات في حياتك من خلال تفكيرك السلبي تجاه الآخرين، والتفكير السلبي من قبل الآخرين تجاهك، فالعقبات ليس لها عليك من قوة ما لم تمنحها أنت هذه القوة.
تذكر دائما أن الله موجود وأنه سبحانه وتعالى هو مصدر ومنبع التواؤم والحب والجمال والسلام وتستطيع أن تقضي على كل السلبيات التي من حولك عندما تتكيف مع القدرات التي وهبها الله لك, والتقرب منه ومن واجباتك الدينية أمر في غاية الأهمية , فالقرب من الله يولد إحساسا بالراحة والقناعة الكفيلتين بدورهما أن تخرجا الأفكار السلبية من حياة الإنسان , وبالتالي يقتنع الإنسان بأن الدنيا ما هي إلا دار شقاء ومرحلة نمر بها لمرحلة أخرى , فالقرب من الله من اهم العوامل التي تساعد في طمئنة النفس وراحتها.
عزيزي القارئ , في كل مرة تنتابك فيها أفكار سلبية، أو تفكر فيها، فأنت بذلك تعمل على إطالة الموقف الذي يعمل على تدمير سلامتك وهدوئك، ونتيجة ذلك أنك تدين نفسك، اجعل فكرتك الهادئة الداخلية على توافق مع رغبتك المنشودة.
فإن بعض الأفكار تولّد الانفعالات، والانفعالات يمكنها أن تقتل أو تشقي، فما التفكير السلبي إلا قتل للحب والتواؤم والسعادة بداخلك، والانفعالات الهدامة والسلبية لها آثار مدمرة قاتلة ليس فقط على عقلك وقلبك بل على كل خلايا جسدك.
والإخفاق ما هو إلا تفكير سلبي وهو راجع إلى أسباب عديدة، ومن بينها – وربما أكثرها أهمية – الاعتقاد الراسخ أن الفشل لا يمكن تجاوزه أو التغلب عليه . ولكن |ن أردنا معرفة اسباب التفكير السلبي فهناك العديد والعديد من هذه الأسباب , وسأقوم بإستعراضها بشكل مبسط . أن أهم اسباب التفكير السلبي هو الأشخاص الذين يلتفون حولك وينقلون إليك الطاقة السلبية بآرائهم ومعتقداتهم , فعليك عزبزي القارئ الإبتعاد عن هؤلاء قدر الإمكان فهم مثل ما أطلق عليهم الدكتور : إبراهيم الفقي ” سارقو الأحلام ” . من أهم أسباب التفكير السلبي أيضا غياب الثقة بالنفس , مقارنة الفرد نفسه بغيره من الأشخاص مع عدم مراعاة مناطق القوة والضعف فيه, حساسية الفرد من الإنتقادات والتوبيخ ,و الفراغ وهو من أهم محفزات التفكير السلبي , تضخيم الأمور وإعطائها أكبر من حجمها . كل ما سبق يعد من مسببات التفكير السلبي, ولكن ما هي الآلية التي علينا أن نستخدمها من أجل التخلص من هذا التفكير , وكيف يمكننا أن نتغلب عليه ؟ سأقدم لكم مجموعة من الطرق للتخلص من هذا التفكير.
أولا : الإيمان بالله و الوثوق به , وهذا يولد القناعة في قلب الإنسان.
ثانيا : في حالة شعورك بالقلق أو الشعور بالضيق عليك الخروج للتنزه مثلا أو الخروج مع الأصدقاء مع مراعاة اختيار الأصدقاء وأقصد هنا أن يكون هؤلاء الأشخاص على قدر جيد من الخلق والتفكير حتى لا يصبحوا مصدرا لهذا التفكير بآرائهم الهدامة والسلبية.
ثالثا : حاول النظر لإنجازاتك الشخصية وإلى ما حققته في حياتك , فلابد و أن تجد شيئا ذا قيمة في حياتك , وهذا بدوره سيعطيك حافز للنجاح , وقد يكون هذا الإنجاز على الصعيد المادي, او الاجتماعي أو حتى العاطفي.
رابعا : حاول دائما عند الشعور بتراكم الافكار السلبية أن تسترخي عن طريق أخذ حمام ساخن , وتدليل نفسك والاستماع للموسيقى الهادئة وأخذ نفس عميق, ومحاولة الإبتعاد عن أي مصدر يثير داخلك تلك الأفكار. يقول “بيت كوهين”: وهو خبير حياة إستراتيجي: ( إنك إذا أمرت الأصوات القلقة النافذة فى رأسك بأن تسكت فإنها سوف تسكت ) .. الأمر بهذه البساطة.
خامسا : حاول أن تكون صديقا لأفكارك السلبية , يمكن ان تشعر بالإستغراب ولكن في الحقيقة يمكنك ذلك بكسر حاجز الخوف أو الغيرة أو الكراهية , وعلى سبيل المثال: فترة الإمتحانات فترة عصيبة يمر بها الطلاب, ولكن إن إعتبرت هذه الفترة هي فترة مختلفة تخرج فيها إبداعاتك ومهاراتك لعرضها في ورقة إجابتك فسوف تحب وتنتظر هذه الفترة وتصادق الفكرة بدلا من الهروب منها , وهنا ستصل لذروة المتعة في كيفية التحكم بأفكارك وحياتك.
سادسا : يجب أن يكون لديك مثل أعلى في هذه الحياة , فإن تعرضت لأحد المواقف عليك ان تفكر كيف ستتصرف تلك الشخصية التي اتخذتها مثلا أعلى في موقف مشابه , وهذه خطوة في غاية الأهمية , فعلى سبيل المثال , نحن كمسلمين قدوتنا بكل تأكيد هي رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – إن حاولنا الإقتداء به وبأفعاله فبكل تأكيد ستتغير حياتنا للأفضل , ولكن مع الأسف العديد من الناس يفتقد وجود القدوة الحسنة وبالتالي لا يعبأ بما يقوم به أيا كان.
سابعا : قل لنفسك دائما أنك تستطيع , فكل الناجحين على هذا الكوكب يومهم مكون من اربع وعشرين ساعة , فلما لا تستطيع أن تكون مثلهم بل وأفضل منهم , فالله تعالى كما وهبهم العقل للتفكير وهبه لك أيضا , إكتشف نفسك , واعرف قدراتك ولا تيأس وتحزن . عزيزي القارئ , إن العقل يشبه الحديقة الممتلئة بالورود الجميلة و كذلك الاعشاب الضارة ,فإن تكاثرت هذه الأعشاب يمكن أن تلتهم تلك الورود الجميلة , فعليك أن تقوم دائما بعملية تنظيف و إزالة لتلك الأفكار من عقلك لتحيا سعيدا . فعليك أخي القارئ كما ذكرت في مقالات سابقة عند الشعور بالقلق أو تضارب الأفكار السلبية داخل عقلك عليك أن تأخذ نفس عميق , وأن تتخيل أنك تخرج كل تلك الأفكار مع الزفير , وعليك أن تكرر هذه التجربة , وستشعر بالراحة والإيجابية ,فالتنفس بشكل عميق يعد من أهم أسرار الشعور بالإرتياح والطمأنينة.
الكثير منا ينظر للحياة من منظور ضيق, وينسا أن بعد الليل العميق يأتي الصباح المشرق, وينسا أيضا أن الله سبحانه وتعالى ما خلقنا إلا لنسعد ونستريح ونعمل ليكون اعظم اهتماماتنا إرضاءه سبحانه فقط. إفتح نافذة غرفتك , تناول مشروبك المفضل, إفعل ما تحب, مارس هواياتك, وتأمل في خلق الله ستعلم حينها مقدار ما تمتلك من نعم .. فالحمدلله حتى يبلغ الحمد منتهاه.
بقلم الكـاتبة: روان سالم أبو شـيـتـه – ( مصر )