أكدت القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي 2018، التي عقدت فعالياتها تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، على أهمية إحداث تغييرات تقنية كبرى تسهم في تعزيز القطاعات المختلفة للاقتصاد الإسلامي، مع الحث على تحفيز الابتكار للوصول إلى العالمية وتوفير حلول بديلة تعزز من مكانة الاقتصاد الإسلامي العالمية.
ودعت القمة التي انطلقت في 30 حتى31 أكتوبر في مدينة جميرا بتنظيم غرفة تجارة وصناعة دبي ومركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي بالتعاون مع وكالة “تومسون رويترز”، الشريك الاستراتيجي إلى إيجاد نوع من التواصل بين جميع المعنيين في تطوير الاقتصاد لإيجاد منظومات عمل مستقبلية تقود إلى إحداث آثار إيجابية في اقتصادات دول العالم الإسلامي، كما أشارت إلى الدور الكبير لمبادرة الحزام والطريق الصينية في بناء علاقات وشراكات اقتصادية جديدة في العالم الإسلامي وتوفير فرص استثمارية كبرى.
وأبرزت القمة كذلك المكانة الكبيرة التي تمتلكها دبي ودولة الإمارات في قيادة التحولات في الاقتصاد الإسلامي وتقديم نموذج ملهم لاقتصاد إسلامي عالمي، من خلال التوظيف الأمثل للابتكار وتحفيزه في المجتمع، والخروج بأفكار مبتكرة تقدم رؤى اقتصادية مستقبلية تعزز من الازدهار والتطور في المجتمعات الإسلامية.
وتم تنظيم القمة هذا العام لتكون أكبر فعاليات “أسبوع الاقتصاد الإسلامي” الذي أطلقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي المشرف العام على استراتيجية «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي».
وقد شهدت الجلسة حضور أكثر من 3 آلاف مشارك من صنّاع القرار، وصناع السياسات الحكومية إلى جانب نخبة من الخبراء في مجال الصناعة والاقتصاد والتعاملات المالية الإسلامية من مختلف دول العالم كما ناقش أكثر من 62 متحدثاً عبر جلسات القمة التي وصلت إلى 16 جلسة نقاشية وتفاعلية وورش عمل مختلف القضايا الرئيسية التي تؤثر على القطاع، والتي من أهمها تأثير الرقمنة السريعة والتحولات الاقتصادية العالمية على تغيير ديناميكيات الاقتصاد الإسلامي العالمي ودورها في خلق تحديات وفرص جديدة للقطاع.
وأكد ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، عضو مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: “أن القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي ومن خلال ما طرحته من أفكار خلال جلساتها النقاشية والتفاعلية التي شارك فيها نخبة من أفضل الخبراء والمتخصصين وضعت اليوم آفاقاً جديدة لرسم مستقبل الاقتصاد الإسلامي يكون الابتكار والاستثمار الأمثل لتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة أحد الركائز الأساسية فيها”.
وبين أن الدورة الرابعة للقمة عززت من مكانتها كمنصة لإيجاد نوع من الحوار العالمي لتطوير الاقتصاد الإسلامي وتطوير جميع قطاته، وتقديم أفضل الخدمات التي تشكل إضافة للاقتصاد العالمي، بل قيادة التحولات بما يعزز من الأداء الاقتصادي العالمي ومواجهة العقبات والتحديات التي تعوق دون تحديد فرص نمو مستقبلية مستدامة وواعدة.
ومن جهته، أكد عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أن القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي تمكنت على مدار أربع دورات من تعزيز موقعها كواحدة من أهم الفعاليات العالمية في الاقتصاد الإسلامي، كونها تجمع صفوة المسؤولين ومتخذي القرار والخبراء والمهتمين بالقطاع من مختلف دول العالم.
وأضاف أن الدورة الرابعة من القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي شهدت زخماً كبيراً في المشاركة والتفاعل والمناقشات، كماً ونوعاً، وتبادل المشاركون خلال الجلسات والفعاليات على مدار يومين الآراء والأفكار البناءة
لوضع الآليات والأطر التي تساهم في تعزيز مكانة الاقتصاد الإسلامي على خريطة الاقتصاد العالمي باعتباره الملاذ الآمن من التذبذبات والأزمات، ووجهة الباحثين عن النمو المستدام داخل العالم الإسلامي وخارجه.
وقال إن الدورة الرابعة من القمة نجحت في ترجمة شعارها لهذا العام “معاً لريادة المستقبل” عبر المناقشات المثمرة بين المشاركين من مختلف دول العالم بهدف بلورة شراكات دولية تسهم في تعزيز الأمان المالي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي عالمياً، وكذلك لمواصلة الجهود الرامية إلى تطوير الاقتصاد الإسلامي الذي تقدر قيمة أنشطته حول العالم حالياً بأكثر من 2.1 تريليون دولار، ويستمر في التنامي بقوة، ويتمتع بالقدرة على ريادة مسيرة الاقتصاد المستدام في العالم، إذ إن الإحصائيات التي أظهرها تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي الصادر عن تومسون رويترز مبشرة للغاية إذ تبين أن حجم الاقتصاد الإسلامي من المتوقع له أن يصل إلى ما يزيد على 3 تريليونات دولار بحلول عام 2023، وهذا النمو الملحوظ تدعمه عوامل التمكين المستقبلية التي تتمثل أبرزها في فرص الاستثمار المتاحة إذ يعتبر الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الإسلامي عاملاً حاسماً في تطويره من خلال نشوء شركات كبرى وتنويع اقتصادات الدول.
وأشار العور إلى أن أهم ما ميز الدورة الرابعة للقمة العالمية للاقتصاد الإسلامي هو النقاشات المثمرة حول عوامل التمكين المستقبلية للاقتصاد الإسلامي، سعياً لمواكبة ما يشهده العالم من تطور كبير في لامركزية وشفافية تحويل وتخزين البيانات بصورة آمنة بفضل “بلوك تشين” مما يبشر بتمهيد الطريق لسن وتطبيق تشريعات ومعايير الحلال على أفضل وجه، فتلك التكنولوجيا ستضمن امتثال المنتجات لمعايير الحلال في كل مرحلة، ومع دعم الجهات التشريعية، يمكن استخدامها في زيادة إدراك السوق لمدى جودة المنتجات الحلال.
وفي جلسة التمويل الإسلامي المسؤول والمستدام، أكد المتحدثون أن التمويل الإسلامي بحاجة لابتكار منتجات جديدة وناجحة، وتطوير بدائل متوافقة مع الشريعة الإسلامية تضمن النمو والاستدامة.
ومن جهته أشار عامر رحمان، كبير مستشاري برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أهمية التمويل الإسلامي على خريطة التمويل العالمية، مع تأكيده على الحاجة إلى أجيال جديدة تقود هذه المرحلة من النمو.
فيما أكد عبد الحبيب باسط، المؤسس المشارك في “ Eclipses” المملكة المتحدة، أن التمويل المسؤول وريادة الأعمال الاجتماعية تقدم بدائل تمكن من استخدام التمويل الإسلامي لتعزيز القيم الأخلاقية للوصول إلى اقتصاد مستدام.
كما أكد أيمن البشير، المدير الإقليمي للأصول السائلة في “سدكو كابيتال” من المملكة العربية السعودية على أهمية التمويل المسؤول المستدام في الارتقاء بالاقتصاد الإسلامي إلى مكانة رائدة عالمياً.
وأكد المشاركون في جلسة “العملات الرقمية والبلوك تشين والاقتصاد الإسلامي”، بأن هناك فرصة ذهبية لابتكار نماذج جديدة من الاقتصاد الإسلامي تعتمد على تقنيات البلوك تشين والعملات الرقمية، لكن بوجود ضوابط وقوانين تجعل منها أداة لتطوير الكفاءة والشفافية في الاقتصاد الإسلامي.
وأكد ماثيو مارتين، بأن هناك حلولاً كبيرة لإدخال العملات الرقمية إلى منظومة الاقتصاد الإسلامي، وإعطاء مرجعية قوية لها، لكن علينا تعزيز إجراءات حوكمتها، ووضع الشروط والقوانين المنظمة لعملها، بحث تكون عامل محفز للاقتصاد الإسلامي.
كما نوه هاريس عرفان بأن الاقتصاد الإسلامي عادة ما يرتبط بمنظومات مشتقة من الاقتصاد الغربي أو العالمي، لكن هذا خطأ شائع، فالاقتصاد الإسلامي يتمتع بمرونة عالية تمكنه من احتواء المنظومات القديمة والخروج بمنظومات مبتكرة مثل مرابحة البضائع والمتاجرة وغيرها، وبإمكاننا أن ندخل تقنيات البلوك تشين عليها.
وقال روبن لي من هلوجولد ماليزيا، بأن هناك مرونة للاقتصاد الإسلامي في تقبل العملة الإ‘لكترونية، لكن المشكلة في فهم تقلبات العملة الإلكترونية وأطر العمل المنظمة لها.
وفي ورشة عمل تحت عنوان “كيف يمكن تفعيل دور الاقتصاد الإسلامي في تحقيق الريادة مستقبلا”، استعرض المشاركون أفكاراً متنوعة حول معالجة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الإسلامي بأسلوب تفاعلي شيق وذلك من أجل خلق نموذج اقتصادي متكامل يلبي متطلبات المستقبل.
وكانت القمة ناقشت على مدى يومين دور التكنولوجيا في رسم توجهات المستقبل لصناعات الحلال، مع التأكيد على مكانة دبي كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الرئيسية التي تؤثر على القطاع، والتي من أهمها تأثير الرقمنة السريعة والتحولات الاقتصادية العالمية على تغيير ديناميكيات الاقتصاد الإسلامي العالمي ودورها في خلق تحديات وفرص جديدة للقطاع، كما بحثت آفاق الاستفادة من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية للتمويل الإسلامي والتبادل التجاري مع البلدان الإسلامية، والدور المتطور للحكومة في الاقتصاد التشاركي ومستقبل العمل في العالم الإسلامي.
كما تم خلال القمة تكريم الفائزين في الدورة السادسة من جائزة الاقتصاد الإسلامي تكريم الفائزين بمسابقة الأفكار الإبداعية في الاقتصاد الإسلامي التي تنظمها هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، بالتعاون مع مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، كما تم تكريم الفائزين بالجائزة العالمية الإسلامية للأعمال.
كما شهدت الدورة الرابعة من القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي اهتماماً ودعماً كبيراً من قبل جهات ومؤسسات كبرى ورائدة في دبي ودولة الإمارات، حيث حظيت برعاية رئيسية من “بنك دبي الإسلامي” فيما يشارك “مصرف أبو ظبي الإسلامي” كراع ماسي بينما تقدم سلطة واحة دبي للسيليكون الرعاية الذهبية لفعاليات القمة.