|  آخر تحديث أكتوبر 8, 2018 , 22:53 م

“الشارقة العمراني” رؤية مستقبلية لاستدامة التنمية في الإمارة


“الشارقة العمراني” رؤية مستقبلية لاستدامة التنمية في الإمارة



في العام 2015، بلغ عدد سكان إمارة الشارقة نحو 1,4 مليون نسمة بعد أن كان نحو 1,1 في العام 2012 بحسب بيانات دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الإمارة. هذا النمو الذي يترجَم بالتمدد العمراني والتنوع الاقتصادي والتوسع الاجتماعي في الإمارة التي تبلغ مساحتها نحو 2,590 كيلومتر مربع يشير إلى جاذبية الإمارة كوجهة للعيش والعمل من قبل العائلات والباحثين عن الجمع بين الأصالة والحداثة في أنماط معيشتهم، مما يفرض على الجهات المعنية التخطيط لمسار هذا التوسع من أجل استيعاب السكان في إطار اجتماعي ثقافي بيئي اقتصادي فعال، يراعي احتياجاتهم من بنى تحتية وخدمات متطورة ويلبي رغباتهم في الحياة ذات الجودة العالية.

وهنا يأتي دور “مجلس الشارقة للتخطيط العمراني” الذي يعمل بالتعاون مع شركائه من مؤسسات وشركات وجهات حكومية وخاصة وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من أجل التخطيط لمستقبل الإمارة العمراني على أسس علمية تستشرف توجهات النمو وتحرص على أن يكون النمو إضافة جمالية للشارقة.

وعن أهمية دور مجلس الشارقة للتخطيط العمراني، قال الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للتخطيط العمراني: “على مدار العقود الأربعة الماضية وبقيادة ورؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نجحت الإمارة ضمن منظومة دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء هوية متفردة جمعت بين الأصالة والتراث والحداثة والثقافة والعلم، هذه الهوية نراها واضحة في مختلف تفاصيل الإمارة وحتى في مواطنيها وسكانها، وللحفاظ على إنجازاتنا وهويتنا والاستدامة المنشودة للتطور والتقدم في الإمارة كانت التوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة بتأسيس مجلس التخطيط العمراني للعمل على الاستراتيجيات والخطط المتكاملة لشارقة المستقبل”.

وأضاف “يؤدي مجلس الشارقة للتخطيط العمراني دوره في الحفاظ على التوازن بين النمو وحاجة الإمارة إلى استيعاب المزيد من الأعمال ومظاهر الحياة الاجتماعية، وحاجة السكان إلى الطرق والمواصلات والمساحات الخضراء وأماكن النشاط الاجتماعي”.

وأوضح الشيخ خالد القاسمي: ” نعمل على توضيح مفهوم التخطيط العمراني للجمهور حتى يتعرف على طبيعة عمل المجلس ورؤيته لمستقبل إمارة الشارقة، فالتخطيط العمراني مفهوم قديم، حيث كان خليطاً بين الفن والعلم هدفه رسم ملامح المدن وإبراز جماليتها ومنحها هوية تميزها عن غيرها، وما كان للآثار القديمة أن تحتفظ بجماليتها حتى وقتنا هذا، لولا تخطيط ورؤية أبناء تلك الحقب الزمنية”.

ونوه الشيخ خالد القاسمي إلى أنه يمكن اختصار مفهوم التخطيط العمراني بأنه علم وفن ورؤية بالاستناد إلى دراسات وتصورات تهدف إلى صياغة رؤية استباقية لهندسة المدن وهندسة المجتمعات، فالتخطيط يسبق أي فعل، ونمو المدن ضمن تخطيط مسبق يؤدي إلى زيادة جاذبيتها المعيشية والاقتصادية وضمان جودة الحياة واستدامتها.

وتابع الشيخ خالد القاسمي: “إنه فن رسم هوية المدينة، وعلم يستند إلى بيانات عن معدلات النمو السكاني والعمراني ومستقبل التجمعات السكانية والتجارية والصناعية وغيرها من القطاعات، ومسؤولية تجاه كل مواطن ومقيم وزائر، والتزام بأن يكون النمو إضافة إلى جمالية المدينة وحيوية خدماتها”.

 

وحول أدوار ومسؤوليات المجلس، قال الشيخ خالد القاسمي: “يعمل المجلس على تطوير ومراقبة عمليات الإعداد والتنفيذ والمتابعة الخاصة باستراتيجيات التخطيط الحضري ومشروعات البنية التحتية في الإمارة، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية، كما يلعب المجلس دوراً محورياً في تقييم الخطط الاستراتيجية الموضوعة لتطوير مشاريع البنية التحتية، وتقديم الحلول اللازمة لضمان فعالية العمل، ضمن أطر زمنية متوسطة وطويلة الأجل، لضمان الامتثال والالتزام بالمسؤولية”.

وتابع الشيخ خالد القاسمي: “يتولى المجلس أيضاً مسؤولية ضمان الجودة العالية في المواد المستخدمة في المشروعات التي تقع ضمن مسؤولياته، كما يراعي في متابعته للمشروعات أدق التفاصيل من أجل أن تكون مناسبة لكافة الأعمار ولذوي الاحتياجات الخاصة، فإحدى ركائزنا في تقرير ملاءمة أي مشروع هو تعزيز مكانة الشارقة كمدينة صديقة لكافة الأعمار.”

وأضاف: “من المهام المركزية أيضاً لمجلس الشارقة للتخطيط العمراني تأسيس قاعدة معلومات للدراسات الاستراتيجية الخاصة بالبنية التحتية والتخطيط الحضري والشؤون البيئية من أجل صياغة اللوائح واتخاذ القرارات التنظيمية اللازمة، مع الإشراف على إصدار الكتيبات والأدلة الخاصة بمواصفات ومتطلبات التصاميم المتعلقة بمشاريع التخطيط الحضري والبنية التحتية وحماية البيئة”.

 

وحول أبرز مشاريع وخطط مجلس الشارقة للتخطيط العمراني، قال الشيح خالد القاسمي: “أطلق المجلس قبل 3 أعوام (الرمز البريدي)، وهو عبارة عن مشروع مصمّم لمساعدة الأفراد والمؤسسات على حد سواء، في العثور على موقع محدد بسهولة، ويرتبط بتطبيق يعمل على الهواتف الذكية لتسهيل الاستفادة من خدماته، ويوفر المشروع للسكان والزوار وكل قطاعات المجتمع، بما فيها خدمات الطوارئ وغيرها من القطاعات الخدمية، إمكانية الاستدلال سريعاً على وجهاتهم، كما أنه يدعم الحركة التجارية من خلال تسهيل حركة التنقل وتوصيل الخدمات والطرود للمنازل والمحال التجارية ولمجتمع الأعمال بدقة”.

وأفاد بأن: “المجلس تعاون مع شركة (غوغل) في تنفيذ مشروع آخر هو خدمة غوغل للتجوال الافتراضي في شوارع الشارقة، وأصبح بإمكان مستخدمي الإنترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة وحول العالم تصفح خريطة إمارة الشارقة افتراضياً، والتجول الافتراضي عبر الشوارع الرئيسة والطرق العامة في الإمارة، ومشاهدة المناطق، والأحياء، والمعالم الرئيسة في الإمارة، بما يتيح للمستخدمين استكشاف الشارقة عبر صور بانورامية عالية الجودة بزاوية 360 درجة”.

وأشار إلى أن “الخدمة تقدم العديد من الفوائد، إذ تساعد السكان في العثور على وجهاتهم، كما تساعد الشركات في استقطاب المتعاملين، كما يمكن للمستخدمين تفحص المطاعم أو الفنادق قبل الوصول إليها أو تحديد نقاط للتلاقي على مقربة من تلك الأماكن، ويمكن للباحثين عن منازل استكشاف العقارات المتوافرة، والاطلاع على المنطقة المحيطة، وغيرها”.

وللدلالة على التوازن بين مواكبة التطور والحفاظ على الأصالة، تحدث الشيخ خالد بن سلطان القاسمي عن محطة شحن المركبات الكهربائية التي دشنها المجلس بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه الشارقة وقال: “من خلال هذه المحطة التي تقدم خدماتها مجاناً للمواطنين، نهدف إلى تسهيل اقتناء هذا النوع من المركبات وتعزيز الوعي البيئي والتعريف بأهمية الممارسات المستدامة، بهذه الطريقة نستوعب التطور التقني ونستفيد منه في ترشيد مواردنا وتطوير ممارساتنا”.

وأفاد أن المجلس يعمل مع الجهات ذات العلاقة لتخصيص شبكة من مواقف السيارات الكهربائية موزعة على المراكز التجارية في الإمارة، ثم سيتم التوسع في مشروعات البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية لتشمل جميع مناطق إمارة الشارقة.

وأكد الشيخ خالد القاسمي أن “المجلس اعتمد تصاميم خمسة جسور للمشاة كمرحلة أولى في خمس مناطق مختلفة بإمارة الشارقة، وذلك بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات في الإمارة، ويتم تشييدها حالياً في شوارع الملك فيصل، والملك عبدالعزيز، والاتحاد، والتعاون، وسيتم تزويدها بكل المرافق التي تتيح لمستخدميها عبوراً آمناً للطرق، بما فيها المصاعد، والممرات المظللة والمغطاة”.

واستطرد: “يراعي تصميم هذه الجسور كل شرائح المستخدمين، بمن فيهم الأطفال وكبار السن، إلى جانب المستخدمين من فئة ذوي الإعاقة، ويأتي اعتماد بناء جسور المشاة في إطار المساعي التي يبذلها مجلس الشارقة للتخطيط العمراني الرامية إلى رفع مستوى كفاءة الخدمات، بما يسهم في تعزيز رفاهية الحياة لسكان الإمارة وزوارها والأجيال القادمة”.

وحول مشروع محطات انتظار الحافلات، أكد القاسمي بأن “المجلس يعمل حالياً بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات وهيئة كهرباء ومياه الشارقة على تنفيذ المشروع، الذي يتضمن بناء محطات انتظار مكيفة وصديقة للبيئة في عدد من المواقع في مدينة الشارقة، إذ سيتم تزويدها بالطاقة باستخدام الألواح الشمسية، بهدف توفير أفضل الخدمات وسبل الراحة لساكني الإمارة وتشجيعهم على استخدام وسائل النقل العام بها، وبما يتماشى مع مساعينا الرامية إلى استحداث مشاريع خدمية مختلفة ومتنوعة تعزز من مستويات الاستدامة البيئة”.

وتطرق الشيخ خالد القاسمي إلى مشروع الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، الذي وصفه بـ”المشروع الحيوي والمهم”، والهادف إلى تحسين كفاءة وأداء محطات معالجة الصرف الصحي بالإمارة، وزيادة قدرتها الاستيعابية لتلبية الاحتياجات المستقبلية لإمارة الشارقة، في ظل النمو السكاني والعمراني. وأشاد الشيخ خالد القاسمي بدور كل من بلدية مدينة الشارقة، ودائرة الأشغال العامة بالشارقة، في تنفيذ هذا المشروع.

وتتضمن أعمال هذا المشروع وضع خطة استراتيجية شاملة للصرف الصحي وإجراء صيانة وتحديث للنظام الحالي للصرف الصحي في الإمارة بهدف رفع كفاءته، إضافة لإجراء توسعة لمحطة المعالجة الرئيسة في الشارقة، وإنشاء خطوط صرف إضافية ستسهم في وضع حلول جذرية للمياه المُعالجة ومياه الأمطار في العديد من المناطق بإمارة الشارقة، وتقديم أفضل الخدمات لتصريف المياه بكفاءة عالية.

وتحدث القاسمي عن مشروع تطوير طريق المدينة الجامعية، لافتاً إلى أنه تم وضع المخططات والتصاميم الخاصة بالمشروع تماشياً مع المعايير العالمية، ما من شأنه تطوير المنطقة التجارية الواقعة على طول طريق المدينة الجامعية الرابط بين شارع الشيخ محمد بن زايد بالمدينة الجامعية، بطرق مستحدثة تشجع على نمط حياة عصري، وترتكز على مبادئ الاستدامة البيئية.

وقال: “سيمتد المشروع على طول 3 كيلومترات، وعلى مساحة إجمالية تقدر بـ 52 ألف متر مربع، ويتضمن توفير المناظر الطبيعية والمساحات الخضراء، إلى جانب المرافق الخدمية ذات المعايير العالمية، والمواقف العامة، التي روعي في تخصيصها سهولة استخدامها من قبل ذوي الإعاقة والفئات العمرية المختلفة، فضلاً عن الممرات الآمنة للمشاة والدراجات الهوائية”.

وذكر الشيخ خالد القاسمي أن “من المشاريع الحيوية التي يشرف المجلس على تنفيذها وتدعم نمط الحياة العصرية والصحية في الشارقة، مشروع شبكة ممرات المشاة ومضامير الدراجات الهوائية، وهو عبارة عن شبكة مترابطة تغطي كامل مدينة الشارقة ويتم تنفيذها على مراحل مختلفة، تتضمن المرحلة الأولى منها تطوير المسارات على طول الواجهة المائية في مدينة الشارقة، كما يتضمن المشروع تنفيذ المرحلة التجريبية عند المنطقة الواقعة حول السوق المركزي وكورنيش البحيرة لكونها أحد أهم المعالم لمدينة الشارقة”.

وأكد رئيس مجلس الشارقة للتخطيط العمراني أن “مشروع تطوير شاطئ الشارقة، الذي تم تدشين المرحلة الأولى منه، هو أحد أهم المشاريع التي يتولى المجلس التخطيط لها والإشراف عليها، ويقوم المشروع على تحويل المنطقة الممتدة على جانبي طريق شاطئ الشارقة وبمسافة 3.3 كيلومترات (من الحدود مع إمارة عجمان وحتى نادي سيدات الشارقة)، إلى وجهة سياحية عائلية ومساحة للتفاعل الاجتماعي ومنطقة حيوية جاذبة للشباب، تتمتع بأعلى المواصفات الفنية، لتُضاف إلى الوجهات السياحية والترفيهية المتميزة في إمارة الشارقة”.

وتابع: “يتكون المشروع من مجموعة من الساحات العامة ومسارات الجري، وممرات للدراجات الهوائية، ومناطق للتنزه، وأخرى للجلوس وتناول الوجبات والمأكولات، وأماكن مظللة، وأخرى لممارسة أنشطة الفن والرياضات المائية، على امتداد الشاطئ، كما يوفر جميع المرافق الخدمية الأساسية، كدورات المياه، ومرافق الاستحمام، وأماكن الصلاة، وأماكن متعددة لمواقف الدراجات الهوائية، بالإضافة إلى ما يقرب من 1100 موقف للمركبات على جانبي الطريق”.

المدن الذاكرة المشتركة المجسدة للسكان
وأضاف الشيخ خالد القاسمي: “من الضروري الحفاظ على الهوية التاريخية للإمارة وسماتها العربية والإسلامية وذلك من خلال حماية الأبنية والأحياء والأسواق القديمة لأنها الذاكرة المجسدة للشارقة ومواطنيها والقاطنين فيها، وفي الوقت ذاته نسعى إلى إضفاء المظهر العصري الحداثي المتمثل بالخدمات عالية الجودة وشبكة مواصلات وبنى تحتية متطورة وذكية “.

وأشار رئيس مجلس الشارقة للتخطيط العمراني، إلى أن إمارة الشارقة تشكل نقطة وصل بين كافة الإمارات في الدولة مما يجعل من تطوير شبكة المواصلات والمنافذ للمسطحات المائية بمثابة مصلحة اجتماعية واقتصادية لكافة إمارات الدولة.

وأوضح الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي، أن التخطيط السليم الذي يضمن تنفيذاً فعالاً للمشاريع التي تحدد واقع ومستقبل إمارة الشارقة وتحفظ هويتها وذاكرتها، يحتاج إلى شراكة وتعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالعمران والبنى التحتية والمواصلات والبيانات والخدمات. ونوه الشيخ خالد القاسمي إلى أن المجلس يتعاون مع كافة هذه الجهات من أجل تعزيز دور ومكانة إمارة الشارقة كحاضنة اجتماعية وثقافية واقتصادية مستدامة.

يشار إلى أن مجلس الشارقة للتخطيط العمراني تأسس في العام 2006، وأصدر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في عام 2014، مرسوماً أميرياً رقم 5 لسنة 2014 بإنشاء مجلس التخطيط العمراني في إمارة الشارقة بتشكيله الجديد، وذلك بهدف إعداد استراتيجية شاملة للتطوير الحضري ولمشروعات البنية التحتية في الإمارة، والإشراف على إعداد وتنفيذ ومتابعة وتحديث الخطط الاستراتيجية للدوائر الحكومية المعنية بالتطوير الحضري والبنية التحتية وشؤون البيئة، كما يستند المجلس في عمله إلى معايير عالمية تنسجم كلياً مع القواعد والأسس التي تعتمدها الشارقة عموماً، بما يسهم في مضي الإمارة قدماً نحو مزيد من التطور والازدهار.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com