أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أمس، أن أزمة قطر اختفت كلياً من اهتمامات المجتمع الدولي، وأن النصيحة لن تنفع الدوحة، لأنها مصممة على استراتيجية يائسة، في حين لقّن الوفد السعودي في الأمم المتحدة ممثلي قطر درساً قاسياً، معبراً عن الرفض التام للمواقف القطرية التضليلية خلال اجتماعات الجمعية العامة
وكتب معاليه، في حسابه على موقع «تويتر»: إن «أزمة قطر اختفت كلياً من اهتمامات المجتمع الدولي في أسبوع الجمعية العامة في نيويورك.. مبالغ باهظة أهدرت لشركات العلاقات العامة والمحامين دون نتيجة تُذكر»، في إشارة إلى اجتماعات الدورة الـ73 للأمم المتحدة التي انعقدت الأسبوع الماضي في نيويورك.
وأضاف الدكتور قرقاش: «سؤال يتيم هنا وفقرة حائرة هناك هو كل ما تبقى»، مؤكداً أن «النصيحة لن تنفع الدوحة، لأنها مصمّمة على استراتيجية يائسة».
وعبّر الوفد السعودي في الأمم المتحدة عن الرفض التام للمواقف القطرية التضليلية خلال اجتماعات الجمعية العامة، مؤكداً أن قطر منذ «منتصف التسعينيات تدعم الأصوليين وتقوم بتحريض الشعوب منذ عقدين».
وأضاف الوفد السعودي إن قطر تعد «مقراً لقيادات الإخوان وتأوي أيضاً مجموعات إرهابية»، شارحاً كيف أن أحد قادة تنظيم القاعدة «دخل إلى السعودية باستخدام جواز سفر قطري»، فيما ألقت السلطات في المملكة القبض على عدد من أعضاء القاعدة قدموا إلى المملكة بجوازات قطرية.
وحاولت قطر انتهاز فرصة اللقاء الموسع الذي جمع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإثارة أزمتها مع الدول الأربع المناهضة للإرهاب والمقاطعة لقطر، لكنها فشلت.
وأشارت أوساط خليجية إلى أن الدوحة أرادت أن توظف اجتماعاً دولياً بعض أطرافه لا علاقة لها بملف قطر من قريب أو بعيد لتحويله إلى كسر للمقاطعة المفروضة عليها، وهو أمر كان متوقعاً، لذلك كان موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير واضحاً حين أكد أن المقاطعة خيار لا مفرّ منه.
كما قال، في كلمته أمام الجمعية العامة، إنه «في ظل جهودنا الحازمة والمستمرة لمكافحة الإرهاب قامت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بمقاطعة قطر، فلا يمكن لدولة تدعم الإرهاب وتحتضن المتطرفين وتنشر خطاب الكراهية عبر إعلامها ولم تلتزم بتعهداتها التي وقعت عليها في اتفاق الرياض عام 2013 واتفاق الرياض التكميلي عام 2014 أن تستمر في نهجها حيث تمادت قطر في ممارساتها وهو ما جعل من مقاطعتها خياراً لا مفرّ منه».
وبات هاجس الدوحة أن تؤوّل كل الأنشطة والتحركات والزيارات في المنطقة على أنها تصبّ في خيار وساطة لإنقاذها من مقاطعة خانقة قد تستمر طويلاً، مع أن الدول الأربع المعنية سبق أن أكدت أن ملف قطر أغلق نهائياً وإلى اللحظة التي تُراجع فيها الدوحة نفسها وتنفذ الشروط المطلوبة منها بشكل واضح من دون مناورة، وأن لا جدوى لوساطات ووسطاء طالما أنها لا تحمل تعهدات قطرية كاملة بوقف دعم الإرهاب وإيواء كيانات وأفراد مصنفين كجهات إرهابية في دولهم.
وينقل موقع «المشهد العربي» عن مراقبين قولهم إن قطر دأبت على إظهار مواقف مستفزة تجاه بقية دول الخليج ومصر، ثم تتباكى على المقاطعة، وتسعى لاستدرار عطف الأميركيين، وهي تعرف أن إدارة ترامب سبق أن أكدت مراراً أن الملف خليجي صرف، إلا أن تنظيم الحمدين يمارس الهروب إلى الأمام، ويحاول تنويع دائرة الوسطاء من دون جدوى بدل البحث عن الطريق الأسهل والأقرب، وهو تنفيذ الاستجابة لمطالب جيرانها ثم التوجّه إلى الرياض لإنهاء المقاطعة.
وتثير مواقف قطر وأنشطتها شكوكاً كبيرة بشأن مدى التزامها بالعقوبات الأميركية تجاه إيران، في وقت حضر فيه وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في نيويورك اجتماعاً عربياً أميركياً لتكوين تحالف استراتيجي لمحاصرة أنشطة طهران في المنطقة.
وتساءل مراقبون عن المدى الذي يمكن أن يبلغه التمادي القطري في لعب الأدوار المتناقضة، حيث إن الدوحة صديقة لطهران، والإعلام القطري تحوّل إلى منصة للترويج للتصريحات الإيرانية وبيانات الميليشيات الموالية لطهران في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، فكيف يمكنها أن تكون في نفس الوقت صديقة للولايات المتحدة وعضواً في تحالف استراتيجي هدفه الرئيسي تطويق إيران وأذرعها في المنطقة مع ما يتطلبه من وضوح سياسي وتجند إعلامي كامل.
ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن السلوك القطري يتناقض تماماً مع ما يحاول المسؤولون القطريون أن يظهروه من رغبة في الحوار، وأن كل المؤشرات تؤكد أن تصريحاتهم، سواء في الأمم المتحدة أو خلال زياراتهم المتعددة بحثاً عن دعم لم يتحقق منه شيء، ليست أكثر من محاولات للفت الأنظار والتوسل على إيقاع مظلومية لم يعد يصدقها أحد.