كعادتها كبيرة تترفع عن الدخول في مهاترات لا تليق بها ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي، لا تُقامر بالأماكن المقدسة أو تُقحمها في أي خلاف سياسي، تفتح أبوابها للجميع لأداء الشعائر الدينية (الحج والعمرة)، هي المملكة العربية السعودية، التي تواصل تسجيل مواقف للتاريخ، وتُدحض ادّعاءات قطرية باطلة، كما دحضت اتهامات إيران ومحاولات «تسييس الحج».
هذا العام أيضاً تُسجل المملكة الموقف نفسه، وبالقوة نفسها والتسامح، وتؤكد على الرسالة ذاتها «نرحب بالجميع.. لا مجال لتسييس الحج»، وقد كان ذلك فعلاً وقولاً، من خلال أكثر من موقف.
تسهيلات كثيرة قدّمتها المملكة العربية السعودية للقطريين الراغبين في أداء فريضة الحج هذا العام، إذ لم تؤثر الأزمة الحالية مع قطر على ملف الحج من جانب المملكة التي تفتح أبوابها للحجاج من كل أرجاء العالم لزيارة بيت الله الحرام وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، ذلك أن المملكة اتخذت جملة من الإجراءات والقرارات التي من شأنها تيسير وتسهيل دخول الحجاج القطريين، بينما على النقيض تسعى قطر إلى «تسييس الحج» وهي السائرة أو المُنحدرة على خطى إيرانية بامتياز، بما يكشف عن ضعف الدوحة وفشلها في مواجهة الرباعي العربي، وبالتالي تلجأ لمثل تلك الألاعيب المكشوفة، بحسب ما يؤكده محللون.
ودأبت قطر- على النهج الإيراني نفسه- على اختلاق أزمات في ما يتعلق بالحج والعمرة، ومنعت حجاجها هذا العام -من خلال عدد من الإجراءات التي اتخذتها في مقابل التسهيلات السعودية- من أداء الفريضة وزيارة بيت الله الحرام، بينما السعودية برّأت ساحتها بتلك التيسيرات أمام العالم الإسلامي بصفة خصوصاً والعالم أجمع، ووضعت السلطات القطرية في موقف لا تحسد عليه، بعد أن حاولت سلب مواطنيها حرية ممارسة الشعائر الدينية وأداء فريضة الحج، بما يتناقض مع مبادئ وقيم الإسلام وحقوق الإنسان.
كما ان المملكة خصصت رابطاً خاصاً عبر الإنترنت لتمكين القطريين من تسجيل بياناتهم واختيار الخدمات المناسبة لهم، على رغم «عدم تعاون الأوقاف القطرية مع الجهات المسؤولة والمعنية بالمملكة في ذلك الصدد فيما يتعلق بإنهاء ترتيبات الحجاج القطريين».
كما أكدت السعودية -بحسب بيانات وزارة الحج والعمرة- على أنها وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «ترحب بقدوم جميع المسلمين من الحجاج والمعتمرين والزوار من مختلف أقطار العالم، وأنها لن تدخر جهداً في تقديم الخدمات والتسهيلات كافة التي تمكنهم من أداء مناسكهم وشعائرهم بيسر وسهولة».
النائب البرلماني المصري أمين لجنة العلاقات الخارجية طارق الخولي، أكد في تصريحات لـ«البيان» من القاهرة، أن تلك المساعي القطرية لتسييس الحج ما هي إلا محاولات فاشلة من جانب الدوحة من أجل التشويش على المقاطعة في محاولة للتخفيف من وطأة الآثار السلبية القائمة على عاتق الدوحة بعد المقاطعة، وما يدحض كل تلك الادّعاءات القطرية والمحاولات الخاصة بإثارة الشائعات والأخبار الزائفة حول الرباعي العربي والسعودية بشكل خاص بخاصة في ما يتعلق بموسم الحج، هو ما تقدمه المملكة من تسهيلات كبيرة للحجاج القطريين للعام الثاني على التوالي، بالتالي السعودية تبرئ ساحتها أمام الجميع، وتؤكد ترحيبها الكامل بالحجاج القطريين.
ووصف البرلماني المصري تعاطي السلطات القطرية مع ملف الحج هذا العام والعام الماضي أيضاً بأنه يأتي ضمن الأكاذيب والمحاولات الفاشلة التي تسوقها قطر في إطار محاولاتها للهروب من آثار أزمتها الراهنة بعد المقاطعة، وفي ظل ما أوجدته المقاطعة من صدى كبير في المجتمع الدولي أحرج الدوحة، وكشف عن سياساتها العدائية إزاء دول المنطقة بشكل عام.
التسهيلات السعودية تضع قطر في ورطة، وتكشف عن محاولات دوحة الإرهاب استخدام ملف الحج بأي شكل من الأشكال وإقحامه في الخلافات السياسية القائمة، وهو ما يؤكد عجز وضعف حيل وحجج الدوحة الواهية، وهو ما يؤكده إقدام السلطات القطرية على حجب موقع تسجيل الحجاج القطريين، وعدم تجاوب الأوقاف القطرية مع الجهات السعودية المعنية.
والثابت أن السعودية لا تُقحم أبداً المشاكل السياسية في ملف الحج، وترحب بجميع الحجاج من بقاع الأرض كل، حسبما يؤكد العالم الأزهري رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف عبد الحميد الأطرش، والذي أثنى على تسهيلات السعودية للحجاج القطريين، وما تقدمه المملكة من خدمات جليلة للحجاج كل.
ولفت الأطرش، في تصريحات لـ«البيان»، إلى ما حدث في العام الماضي أيضاً بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما قدّمت المملكة تسهيلات كبيرة للحجاج القطريين وخصصت خطاً ساخناً لتلقي أية شكاوى أو استفسارات، بما يؤكد حرص السعودية على إنجاح موسم الحج، وعلى عدم إقحام أي مشكلات سياسية في الحج، بينما على النقيض تسلك قطر طريقاً مغايراً تماماً، وعلى السلطات القطرية أن تتراجع عن ذلك الأمر، لأنه يوقعها في شرك أحدث فتنة بين المسلمين.
ويتعارض تسييس قطر للحج مع القيم والمبادئ الإسلامية، كما يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان المتعارف عليها، التي تنظمها المواثيق الدولية المختلفة المرتبطة بهذا الشأن، وبحسب نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان المحامي المصري أحمد عبد الحفيظ، فإنه ليس من حق السلطات القطرية منع أي من مواطنيها من أداء الشعائر والفرائض الدينية، وليس من حقها منع أي مواطن قطري يريد أداء فريضة الحج من ذلك، بخاصة في ظل تسهيلات كبيرة قدّمتها المملكة العربية السعودية، التي أكدت ترحيبها الكامل بالحجاج القطريين، بما يدحض الادّعاءات القطرية ومحاولات قطر لإقحام خلافاتها السياسية مع السعودية والرباعي العربي بصفة عامة، في ملف الحج.
ومن الواضح أن قطر لا تترك أي ورقة- حتى لو تعارض مع قيم ومبادئ دينية وأخلاقية وإنسانية- إلا وحاولت اللعب بها في إطار مساعيها لمواجهة الرباعي العربي أملاً في الخروج من أزمتها، وهي تغض بذلك الطرف عن الطريق الأوحد والأيسر للحل، وهو طريق السعودية، ذلك أنه «بعد مجهود كبير لتدويل أزمته مع أشقائه، وبعد أن يطبل إعلامه، ويصرخ بمظلوميته، سيكتشف الشقيق أن الحل في الرياض».