بقلم: د. محمود ضيـاء – إستشارى الدفاع والأمن القومى
زميل كلية الدفاع الوطنى/أكاديمية ناصر العسكرية العليا
إختتم منذ أيام قليلة المؤتمر الوطنى السادس للشباب “إبدع – إنطلق” بتشريف السيد الرئيس المصري/ عبدالفتاح السيسى بالحضور كما عودنا فى السنوات الأربع الماضية والذى أكد خلاله على أهمية عملية بناء الإنسان المصرى، وأنها عملية مجتمعية وليست حكومية، أى تتطلب تضافر كافة الجهود لتحقيقها، وأن تحدى بناء الإنسان يعتبر تحديا للإنسانية كلها على مر العصور، مشدداً على الحاجة لتحرك فاعل لإعادة الشخصية المصرية.
ظللت طوال هذه الأيام قبل أن أمسك بقلمى لأكتب أفكر فى الرسائل الغزيرة التى حفل بها هذا المؤتمر، فالرئيس السيسى كما عهدناه يختار بعناية مفردات حديثه ويعنى كل كلمة ينطق بها سواء الموجهة للداخل وهو همه الأكبر أو للخارج والذى يمتلك أدوات ومفردات التعامل معه، وفى تناغم وتفاعل بينه وبين شباب مصر الصاعد الواعد المفعم بالحيوية والنشاط والخبرات والجراءة والجسارة والفكر الواعى الرشيد الذى يتواكب مع متطلبات العصر ويجيدوا إستخدام أدواته، جلس ليستمع ويتبادل الخبرات ويتلاقح الأفكار مع أبناءه من الشباب، وقد خلصت إلى هذه الرسائل الهامة:
أولاً : عبقرية إختيار مكان إنعقاد المؤتمر بالجامعة المصرية – جامعة فؤاد الأول – جامعة القاهرة أحد أكبر الصروح العلمية العريقة التى تدلل على عظمة وأصالة وعراقة مصر “أقدم جامعة بالمنطقة العربية والقارة الأفريقية ولن أقول بمنطقة الشرق الأوسط ذلك المصطلح الذى يهدف الغرب منه تغييب الهوية العربية”، التى كانت ومازالت وستظل منارة للعلم والفكر حيث ساهمت فى تخريج الألف من العلماء والعظماء من أبناء مصر والوطن العربى والقارة الأفريقية، ولى الشرف أننى حصلت على الدكتوراه فى العلوم السياسية من هذا الصرح الكبير ولكننى لست من العلماء أو العظماء خريجى الجامعة ولكن أجتهد لأحذو حذوهم، ليؤكد على ما أشار إليه فى خطاب التنصيب لفترة الولاية الثانية أن التعليم والثقافة سيكونان على قائمة أولوياته.
ثانياً : التأكيد على دور الجامعات فى بناء شخصية وفكر ووجدان الشباب المصرى ودعمه لهذا المنبر التعليمى الهام ليحافظ على رمزيته ودوره فى إمداد مصر بالعلماء فى كافة المجالات.
ثالثاً : الدور الرئيسى للأستاذ الجامعى كقدوة للطلبة وأهمية دوره فى تنمية مواهب وقدرات الشباب وحثهم ودفعهم على البحث العلمى ومواكبة التطورات العلمية المتسارعة فى كافة المجالات إرتباطاً بأهمية ذلك فى تحقيق التنمية الشاملة بالبلاد.
رابعاً : التأكيد على إستعادة مصر لإستقرارها وأمنها حيث يتواكب إنعقاد المؤتمر مع الذكرى الخامسة لفض إعتصام النهضة من التجمعات الإرهابية المسلحة التى إنتهكت حرمة التعليم والجامعة وأعاقت التواصل بين الطلبة وجامعتهم خلال الفترة الصيفية مما عرقل تنفيذ الأنشطة الطلابية الصيفية خلال هذا العام.
خامساً : التأكيد أيضاً على تنفيذ برنامج التأمين الصحى الشامل وهو إحدى خطوات بناء الإنسان المصرى والذى أكد عليها أيضاً فى خطاب التنصيب.
سادساً : تعزيز الديمقراطية بإعطاء مساحة حقيقية للشباب للحوار وإنتقاد السياسات المتبعة من بعض الوزارات من وجهة نظر الشباب، وهو ما يعظم من مفهوم الرأى والرأى الأخر، ويتيح للشباب الفرصة للتعبير عن أرائهم بحرية دون أى معوقات، وكذا إعطاء مساحة للمسئولين لتوضيح الإختلاف فى وجهات النظر وعرض حقائق الأمور وإعطاء المبررات للقرارات التى تم إتخاذها، ولماذا إتخذت هكذا الأن.
سابعاً : حرص الرئيس على تفعيل طاقات الشباب المهدرة، فى مشروعات عديدة، كخطوة للنهوض الإقتصادى، كما تعكس رغبة القيادة السياسية فى تطوير المجتمع بإستثمار القدرات الشبابية، والذى عكسه تكليف سيادته السيد وزير الدفاع بتنفيذ مشروع الهوية البصرية لمحافظة الأقصر والذى عرضته ياسمين وغادة والى خلال جلسة بناء الإنسان المصرى، وكذا رفضه تأجيل عرضهم كما كان يريد مدير الحوار لهذه الجلسة وإصراره على الإستماع لهم.
ثامناً : أن الإرادة السياسية راغبة فى وضع طاقة الشباب فى المكان المناسب، وتفعيل دورهم، وأن لديها مشروعات تخص الشباب، وهم أضافوا للقيادة السياسية بقدراتهم على إقتراح المشروعات، وأن الرئيس مدرك تمامًا أن قاطرة التطوير فى المجتمع هى طاقة الشباب، ولابد من إستغلالها خلال الفترة القادمة.
تاسعاً : التأكيد على أن الحوار والتواصل هما الطريق لبناء مجتمع مصرى قوى.
عاشراً : إرساء منظومة لتبادل الأفكار والمشاركة فى إتخاذ القرار من قبل الشباب، وخلق حائط صد لمواجهة التحديات والتهديدات التى تواجه الوطن داخلياً وخارجياً والتشارك فى التصدى لها ومواجهتها، من خلال توعية الشباب بخطورة الشائعات وضرورة التصدى لها.
الحادى عشر : إبراز ضرورة سعة صدر القائد والمسئول فى موقعه لتقبل الإنتقادات والإستماع إلى الأراء التى يعرضها الشباب والمواطنين والإستفادة منها وصقلها بالخبرات لنفتح طريق للإبداع والتألق.
الثانى عشر : التأكيد على أهمية الصراحة والموضوعية، وهو التقليد الذى أرساه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أطلق فكرة مؤتمرات الشباب التى تحولت إلى جلسات للعصف الذهنى والفكرى، ومنبر مهم للرأى والرأى الآخر بعيداً عن القيود والمحاذير، ومنصة إستراتيجية لتعريف المواطنين بما يحدث بمصر أولا بأول، ومن خلال المسئولين المعنيين بالملفات المختلفة.
الثالث عشر : أن المؤتمر يعد حلقة وصل بين مؤسسات الدولة وصناع القرار من جانب والشباب وطلاب الجامعات والمواطنين من جانب أخر، فضلاً عن مساهمته فى خلق جيل قادر على الإستيعاب وتقديم رؤى وأفكار وهذا دليل على الإهتمام بالأجيال القادمة والشابة
“قادة المستقبل”، وتؤكد أن مصر تعيش مرحلة جديدة وهامة من الإنفتاح على الشباب والإيمان بقدراتهم، وهو الأمر الذى طالب به الجميع طوال العقود الماضية.
الرابع عشر : إختيار الرئيس لمؤتمر الشباب لإعلان ترقية وزير الدفاع، يأتى من الصلة والعلاقة الوطيدة التي تجمع الجيش المصرى بالشعب فهو منه وله، فكل أفراد المؤسسة العسكرية هم من أبناء الشعب المصرى وهناك إرتباط وثيق بينهما، كما أنها تبعث برسالة مفادها أن شباب مصر يدها القوية التى تفكر وتبنى وأن هناك يداً أخرى تدافع وتحمى متمثلة فى القوات المسلحة، وأن الشباب والشعب والجيش يد واحدة، كما أن ترقية وزير الدفاع يعد تكريماً للقوات المسلحة بكافة أفرعها الرئيسية لما تقوم به من جهود لتطهير مصر من الإرهاب وحماية الوطن، وجاءت فى نفس المكان الذى قامت بتطهيره القوات المسلحة بالتعاون مع جهاز الشرطة من الإرهاب الغاشم الذى كان يحتل هذا المكان منذ خمسة أعوام ويعرقل إنسياب العلم والمعرفة.
وأخيراً أؤكد أن رسائل الرئيس واضحة لا تحتمل التأويل والمطلوب من الجميع تنفيذها بدقة متناهية حتى يتثنى لنا تجاوز المصاعب والتحديات والتهديدات التى نتعرض لها فليس لدينا رفاهية الوقت، فكما أكد السيد الرئيس أن بناء الإنسان هو أخطر وأصعب مراحل عملية التنمية 00 ولاتظهر آثاره سريعاً بل تحتاج العمل والمثابرة والإخلاص ونكران الذات وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، فمصر أعطتنا الكثير 00 ولابد لنا من رد الجميل لهذا الوطن المعطاء الذى أكرمنا الله بأن كنا من أبنائه.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها الأبى وشرطتها الباسلة.