وقبة الشيخ سلمان التي أعنيها هي منطقة بسيطة وجميلة في نفس الوقت، عشنا فيها أجمل أيام الطفولة وعهد الصبا.. تقع قبة الشيخ سلمان أو “القبة” كما يحلو لأهلها على الضفة الغربية لنهر النيل وعلى بعد 20 كلم تقريبا شمال مدينة شندي في السودان وهي تتبع إدارياً إلى محلية المتمة، وبالرغم من كونها قرية إلا أنها تعتبر في مصاف المدن لتوفر جميع المقومات من مؤسسات تعليمية وصحية وخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والانترنت، والأهم من ذلك إنسانها المثقف الواعي المُطّلع.
وسكان قبة الشيخ سلمان هم “أبناء عمومة” وتربطهم صلات الرحم، ينتشرون في أرجاء وربوع الوطن الحبيب وبلاد المهجر، يعمل أغلبهم في الزراعة والتجارة، كما أن العديد من أبنائها تقلد أرفع المناصب والوظائف منهم على سبيل المثال الدكتور الصادق قسم الله الوكيل وزير الصحة سابقاً.
كان لابد من المقدمة أعلاه، حتى تتعرفوا على منطقتنا ثم أدلف بكم إلى لب الموضوع وهو العيد في قبة سلمان الحبيبة لتعريفكم أعزائي على برنامج وطقوس العيد عندنا، حيث يبدأ يوم العيد سواء كان عيد الفطر أو الأضحى بالتكبيرات عقب صلاة الفجر مباشرة، ويحرص الجميع على أداء صلاة العيد في أحد المصليَين إما الذي يقع في أقصى شرق المنطقة أو ذلك الذي يقع في أقصى غربها.
بعد أداء صلاة العيد والاستماع إلى الخطبتين يبدأ برنامج المعايدات، فلابد أن تقوم بالسلام والمعايدة على جميع الموجودين في المصلى مع العلم بأن عددهم يتجاوز المئات من الشباب والآباء والأطفال، ومن ثم يخرج الناس في شكل مجموعات صغيرة للمعايدة على الأهل في بيوتهم، وعلى الرغم من أنك قابلت معظمهم في صلاة العيد إلا أن ذلك لن يعفيك من الزيارة المنزلية وتناول واجب الضيافة!
يحرص الجميع خاصة الشباب على الزيارات العائلية لجميع الأهل وتكون في شكل مجموعات صغيرة من الأصدقاء والأقارب كما أسلفت وسيراً على الأقدام، ولا يخلو الأمر من مداعبات لمن يتعب ويتعرق من المشي لمسافات بعيدة حيث يجوب الشباب المنطقة من أقصاها إلى أقصاها.
وفي عيد الأضحى بالأخص تكثر مناسبات الزواج، وهنا لابد أن نذكر بالخير رجل البر والإحسان الشيخ قسم الله فضل الله نصر الدين “الشهير بقسم الله العقيد”، هذا الرجل من أبناء المنطقة يتكفل سنوياً في عيد الأضحى بتزويج 120 زيجة أي 120 شاباً و120 شابة من أهل المنطقة والمناطق المجاورة فالجميع أهل وأرحام كما ذكرنا من قبل. و لدى الحاج قسم الله أعمال خير وبر كثيرة لا يتسع المجال لذكرها منها تشييده لدور العبادة والمدارس وخلاوى تحفيظ القرآن وتفويج الناس إلى الحج جعل الله ذلك في ميزان حسناته وتقبل منه انفاقه وإحسانه.
ونسبة لكثرة أفراح الزواج ودعوات الولائم في عيد الأضحى، أخذ الناس يقسمون أنفسهم على مجموعات لتمثيل الأسرة وضرورة وجود فرد منها على الأقل في كل دعوة فرح، حيث يجتمع أفراد الأسرة “الرجال” في المساء أو الصباح ويقومون بالتنسيق فيما بينهم، مثلاً أنا أذهب لدعوة فلان وأنت تذهب إلى فرح فلان وآخر يذهب إلى دعوة ثالثة حتى لا تفوتهم المشاركة وغياب الأسرة عن دعوة زواج.
الحديث ذو شجون ولا ينتهي عن فرحة العيد وتميزها في بلدتنا الحبية “القبة”، التي ظلت محافظة على العادات والتقاليد الراسخة رغم الغزو الثقافي والفكري والانفتاح، عبر صحيفة نبض الإمارات الغراء أوجه أجمل التحايا إلى أهلي وعشيرتي في قبة الشيخ سلمان والجوير والصوارد “الحاج جابر” والنوراب، وأقول لهم تمسكوا بترابطكم وتقاليدكم وعاداتكم السمحة الأصيلة وكل عام والجميع بخير.
2 التعليقات
طارق عباس التلب
2015-08-10 at 2:26 م (UTC 4) رابط التعليق
لك التحية الاخ والزميل / محمد مصطفي وانت تجوب العالم بخصالك وخصال بلدتنا الحبية السمحة والعز والشموخ والوفاء الذي لم يفارق اهلنا مهما هبت عليهم رياح التطوير والعولمة والانفتاح ونذداد فخرا بتمسك اهلنا بتلك العادات والتقاليد ونتمني دوامها مدي ماكان هنالك أسم قبة الشيخ سلمان في الوجود مع خالص شكري وتقديري …..
(0) (4)الفرزدق قسم السيد
2016-04-22 at 6:05 م (UTC 4) رابط التعليق
ﻫﺆﻻﺀ ﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﻗﺮﻳﺘﻲ
(0) (0)ﻳﺪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ
ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻓﺨﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺎﻧﺘﻤﺎﺋﻲ ﺍﻟﻴﻬﻢ
ﺑﻜﻮﻧﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻢ
ﺃﻓﺨﺮ ﺑﻘﺮﻳﺘﻲ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ
ﺑﺘﺮﺑﺘﻬﺎ ..ﺑﻨﺴﻤﺎﺕ ﻫﻮﺍﺋﻬﺎ..ﺑﺄﻧﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﺩﻣﻲ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ
ﻭﺍﻧﺘﺸﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﺑﺼﻔﺎﺀ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ
ﻓﻠﻬﻢ ﻣﻨﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ
.
ولك التحية أخي وأبن عمي محمد مصطفى دمت ذخرا لهذه القرية الصغيرة بقلمك الرائع…