بقلم. دكتور / محمود ضياء
إستشارى الدفاع والأمن القومى
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رغم أننى لست متخصصاً فى هذا المجال، إلا أن الشعار الذى أطلقته العزيزة الدكتورة / عائشة مبروك “نحن طاقة لا إعاقة” رئيس مهرجان المفكرين والمبدعين الدولى لذوى الإعاقة والذى سيعقد فى بداية شهر أغسطس القادم بالمدينة الشبابية بأبى قير بمحافظة الأسكندرية إستثارنى ودفعنى بحثى الأمنى أيضاً أن أبرز دور الإخوة والأخوات والأبناء من ذوى الإحتياجات الخاصة فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى، نعم الحفاظ على الأمن القومى، فالأمن مسئولية كل فرد فى الوطن، وسأستعين بتعريف اللواء دكتور / محمود خليل “أحد قادة حرب أكتوبر المجيدة والذى فقد بصره خلالها وحصل على أعلى الدرجات العلمية وألف العديد من الكتب والمراجع العلمية فى الإستراتيجية والأمن القومى بعد الإصابة” حيث عرف الأمن القومى بإنه (تلك العملية الكلية التى تعكس فى مسيرتها، دلالة مفهوم متشابك والتى تعنى بالأساس قدرة الدولة، شعباً وحكومة، على حماية وتنمية قدراتها وإمكانياتها على كافة المستويات من خلال كافة الوسائل والسياسات، كل هذا من أجل تطويق نواحى الضعف فى الجسد السياسى والإجتماعى للدولة، وتطوير نواحى القوة، بفلسفة قومية شاملة تأخذ فى إعتبارها كل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية المحيطة).
وهنا لى وقفة أليس ذوى الإعاقة أحد مكونات هذا الشعب، ألم يحققوا الإنجاز تلو الأخر فى المسابقات الدينية، والرياضية، والثقافية، والفكرية، وغيرها من المجالات، وهو ما عجز عنه الكثير من الذين يتمتعون بكامل صحتهم وقواهم العقلية. أليست القدرة المعنوية هى أحد قدرات الأمن القومى بل هى أهم القدرات للحفاظ على الشعوب وتحفيزهم على العمل والإنجاز والتغلب على المصاعب والتحديات والتهديدات التى تواجههم، ألا تساهم إنجازاتهم وتميزهم فى رفع الروح المعنوية للشعب المصرى، وتدفع الأخرين ليحذو حذوهم، ألم يرفعوا راية الوطن خفاقة عالية فى المحافل الدولية والإقليمية.
يعرف الشخص ذو الإعاقة بأنه الفرد الذي يعانى من قصور في القيام بدوره، ومهامه بالنسبة لأقرانه من نفس الشريحة العمرية والبيئة الإجتماعية والإقتصادية والطبية، تلك الأدوار والمهام قد تكون في مجال التعليم أو اللعب أو التكوين المهني أو العلمي أو العلاقات العائلية وغيرها.
وينتمي الفرد ذو الحاجات الخاصة إلى فئة أو أكثر من فئات الإعاقة البصرية بمستوياتها المختلفة، والإعاقة السمعية أو الكلامية أو اللغوية بمستوياتها المختلفة، والإعاقة الذهنية بمستوياتها المختلفة، والإعاقة البدنية والحالات الصحية الخاصة، والتأخر الدراسي وبطء التعلم، وصعوبات التعلم الأكاديمية والنمائية، والإضطرابات السلوكية والإنفعالية، الإعاقة الإجتماعية وتحت الثقافية، والتوحد.
وإنه لمن يمن الطالع أن يتواكب إنعقاد المهرجان مع تدشين الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2018 ليكون “عام الأشخاص ذوى الإعاقة”، والذى يعد خطوة من الرئيس والدولة المصرية تجاه هذه الشريحة التي تمثل نسبة كبيرة من المجتمع المصرى حوالى “١٤” مليون معاق، وإعترافاً صريحاً من الدولة بحقوقهم كمواطنين مصريين من حقهم التعايش السلمى مع إعاقاتهم في المجتمع، وأول تلك الحقوق حقهم في العيش بكرامة ذلك الحق الذي يكفله لهم الدستور والإتفاقيات الدولية، ويتحقق بحقهم في التوظيف وحقهم في الضمان والحماية الإجتماعية، يليه حقوقهم في التعليم والصحة والثقافة والسياسة والرياضة، بالإضافة إلى أننا يجب أن نستثمر هذا العام لنزيد من وعى المجتمع المصرى بكافة شرائحة بقضايا أبناء هذه الشريحة من المجتمع، وتقبل إختلافهم ومحاولات دمجهم في المجتمع، خاصة وأن منهم من أبهر العالم بتحديه لإعاقته ومثابرته وعمله الجاد والمتقن، وأصبح صورة وواجهة مشرفة لمصر في البطولات العالمية بإحرازه للميداليات.
ونؤكد هنا إلى ضرورة تذليل الدولة للتحديات الكبيرة التى تواجه ذوى الإحتياجات الخاصة في مصر بداية من عدم تفعيل القوانين الخاصة بهم وتطويرها، إلي عدم التشدد في معاقبة المخالفين لها، وعدم توفير الدولة برامج للتدريب ومحو أميتهم والحد من إنتشار الجهل والبطالة بين ذوي الإعاقة وتجاهل مطالبهم وإحتياجاتهم الخاصة بالحياة اليومية مثل تمهيد الشوارع والطرق والأرصفة والمباني بصورة تناسبهم، كما تفعل كل الدول المتقدمة إحتراما لهذه الفئة من مواطنيها.
إن المشكلة الحقيقية بالنسبة لذوى الإعاقة تكمن فى ثقافة التعامل معهم وعدم الإيمان الصريح بقدراتهم سواء من القطاع العام أو الخاص؛ الأمر الذى يتطلب توعية المواطنين بأن ذوى الإحتياجات الخاصة جزء لا يتجزأ من المجتمع، بل جزء مهم ورئيسى ولهم حقوق ومن حقهم الدمج فى المجتمع، وزيادة الدعم الإعلامى لهم ولما يحققوه من إنجازات، والتوعية بأحقيتهم فى ” التعليم، العمل، السكن، الدمج فى المجتمع”.
إن المعاق مهما تكن إعاقته يحتاج إلى أوقات ترفيهية تساعده على الخروج من الحالة التي يعيشها بسبب إعاقته التي قد لا يكون له ذنب فيها وهذه مشيئة الله (خاصة وأن منهم كثيرين أيضاً كان السبب فى إعاقتهم قيامهم بواجباتهم فى الدفاع عن أمن الوطن كما نرى أبنائنا من المصابين من القوات المسلحة والشرطة جراء العمليات الإرهابية التى تحدث فى سيناء بصفة خاصة)، لذا فالكثير من هؤلاء المعاقين قد تجدهم يعيشون حالة من الحزن بسبب عدم قدرتهم على ممارسة حياتهم الطبيعية مما يؤثر على سلوكياتهم وتصرفاتهم سواء كانوا بين أسرهم أو في أماكن رعايتهم، لذا أدعوا كافة رجال الأعمال، والشركات الكبرى التى أنفقت الملايين على الإعلانات خلال شهر رمضان المبارك، برعاية هذا المهرجان وتقديم الدعم المادى والمعنوى لإنجاحه وأؤكد لهم أن مردود مشاركتهم ورعايتهم ووضع شعارات الشركات كرعاة للمهرجان سيكون أكبر مما أنفقوه فى الدعاية خلال الشهر الكريم. إن مشاركتنا جميعاً فى تنظيم هذا المهرجان سيساهم فى بث روح الأمل فيهم التي قد يفتقدونها بحكم الظروف المحيطة بهم في سبيل إسعادهم، فالجانب النفسى والمعنوى يساهم بصورة كبيرة فى تعزيز قدرة المعاق على التغلب على إعاقته بكل جلد وهذا يساعده على الإعتماد على نفسه في قضاء متطلباته أو تدبير أموره الشخصية فلربما يصبح من الأشخاص الذين يعتمد عليهم أكثر من الأصحاء، وهناك من الأمثلة الكثير.
وأختم بقول الحق سبحانه وتعالى )وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا) صدق الله العظيم