شهدت الجلسة العامّة الثانية في اليوم الثاني من مؤتمر “فكر16″، نقاشاً متنوّعاً في ما يتعلّق بدور عدد من المنظّمات الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة وخبرتها وتجاربها في التعامل مع واقع الفوضى وإسهاماتها في صناعة الاستقرار. تحدّث خلال الجلسة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية معالي الدكتور عبد اللطيف الزيّاني، ووكيل الأمين العام للأمم المتّحدة والأمين التنفيذي للجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) معالي الدكتور محمد علي الحكيم، والأمين العام المساعد ورئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي. أدار الجلسة عضو المجلس الوطني الاتّحادي في دولة الإمارات العربية المتّحدة الدكتور سعيد عبد الله المطوِّع، وسأل المتحدّثين ما إذا كانت المنظّمات التي يمثِّلونها، قد نجحت في تحقيق أهدافها، وعن العوائق التي تواجهها.
وأكّد الدكتور عبد اللطيف الزيّاني في كلمته أنّ المجلس أصبح يوفّر البيئة الآمنة المستقرّة والمُستدامة للدول الأعضاء ومواطنيها، ويمكن تلخيصها بالازدهار المُستدام. وقد تحقّق ذلك من خلال الارتكاز على ثلاثة محاور رئيسة، هي محور الأمن، وتوفير الحماية والاطمئنان للأفراد، وحماية الممتلكات وإرساء القانون ومكافحة الجرائم في أشكالها كافّة، وخلق بيئة تشريعية تساعد على توحيد التشريعات بين دول المجلس، ثم النموّ الاقتصادي في مختلف الميادين، صناعياً وتجارياً ومالياً وتحقيق روح الابتكار عند الشباب، وكذلك تأمين العيش الكريم للمواطن الخليجي وغيرها. فيما اعتبر الزياني أنّ المحور الثالث يكمن في الاستقرار بمفهمومة الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ليبعث الروح ويُحفِّز روح العمل والانتاج لدى مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، لافتاً إلى أنّه كلّما زادت مساحة التقارب في ما بينهم كلما زادت فرصة تقديم الاستقرار المستدام، والتنمية المستدامة، التي تخدم المواطن الخليجي الذي هو غاية التنمية ووسيلتها، وهو أيضاً من يحافظ عليها ويطوّرها. ومع تطوّر الظروف، تطوّرت الأهداف الاستراتيجية للمجلس أيضاً.
وتوقّف الزيّاني عند أهمّية المنظّمات، لافتاً إلى أنّ النظام الأساسي لمجلس التعاون ينسجم مع ميثاق الأمم المتّحدة وميثاق الجامعة العربية. ودعا إلى تعزيز التعاون والثقة في ما بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإلى ضرورة الالتفات لمتطلّبات الشعوب، وليس لموظفي المنظّمات، مؤكِّداً أنّ الشعوب تريد العيش بسلام ومن دون حروب، تبني مستقبلها وتريد الازدهار، لافتاً إلى أنّ التضامن هو الحلّ وليس اليأس.
في السياق نفسه، اعتبر الزيّاني أنّ مجلس التعاون الخليجي، قام بدوره في تحرير الكويت، وحماية ناقلات النفط في العام 1986، وفي اتفاق الطائف الخاص بلبنان وتقديم المبادرة العربية، كما جنّب اليمن حرباً أهلية بمبادرة نالت احترام العالم كلّه، وقال: لم ننتظر إصلاحاً من أيّ مؤسّسة، وعملنا مع اليمن في مختلف المجالات ومنها السياسي لولا انقلاب الحوثيين، ونحن نعمل من أجل اليمن كي لا تكون بؤرة للإرهاب.
من جانبه، تحدّث السفير حسام زكي عن الاستقرار وتجارب الجامعة العربية في هذا المجال، لافتاً إلى قيام النظام الدولي بتقديم بناء متكامل تجسّد في الأمم المتّحدة، لتكون العمود الرئيس فيه، على أن يكون في كلّ منطقة أعمدة أساسية تستند إليها في موضوع السياسة والأمن والاقتصاد وما إلى ذلك، وتعتبر الجامعة العربية هي الجامعة الإقليمية التي تجمع العرب، وعلينا النظر إليها في إطارها الدولي الشامل وليس الإقليمي، كما أنّ الجامعة العربية لا تختلف عن الأمم المتّحدة، ولديها قصص في النجاح والفشل، ولا نريد أن نجلد ذاتنا بسبب الفشل، بل الحديث عن النجاح أكثر.
وعاد السفير زكي إلى لحظة تأسيس الجامعة العربية، التي اختار مؤسّسوها أن تكون إمّا فوق الدول، وتشبه بشكل ما الاتّحاد الأوروبي في وضعه الحالي، أو أن تكون مؤسّسة للتنسيق، وهو الخيار المتّفق عليه حالياً حيث ينصّ ميثاق الجامعة العربية على توثيق الصلة بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية وصيانة استقلالها وسيادتها.
من جهته قال الدكتور محمد علي الحكيم في مداخلته بأنّ هدف إنشاء الأمم المتّحدة هو تجنيب الأجيال المقبلة وإنقاذها من ويلات الحروب، وكان ذلك شعاراً لها في أثناء التأسيس عام 1945، مؤكّداً أنّ الأمم المتّحدة استطاعت تجنّب حرب عالمية ثالثة، كما أشار إلى نجاح الأمم المتحدة في قيام 28 منظّمة إقليمية ودولية متخصّصة في جنيف تقدِّم الخدمات للمواطنين. واعتبر أنّ المشكلة التي حدثت في الأمم المتّحدة هي الجانب السياسي، وتكوين مجلس الأمن وهيمنة الدول الخمس الكبرى عليه، إذ أصبح حالة معقَّدة. ورأى أنّنا في العالم العربي نفتقد إلى ما يسمّى بالدبلوماسية المتعدّدة الأطراف. وعن الإصلاح في الأمم المتّحدة، اعتبره الدكتور الحكيم صعباً بسبب هيمنة الدول الكبرى على الأمم المتّحدة، مشدّداً على ضرورة القيام بإصلاحات لمجلس الأمن. ورأى أنّ النظام الداخلي للأمم المتحدة بحاجة إلى تغيير لكنّه صعب أيضاً.