افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، منتدى الإعلام العربي أمس في دبي بمشاركة نحو 3000 من القيادات الإعلامية العربية والأجنبية والمعنيين بالشأن الإعلامي في المنطقة.
وقال سموه في تدوينة عبر الحساب الرسمي لسموه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «افتتحنا فعاليات الدورة السابعة عشرة من منتدى الإعلام العربي الذي ينظمه نادي دبي للصحافة.. رسالتنا لوسائل الإعلام محلياً وعربياً واضحة وهي تسخير كل الجهود لخدمة الوطن والمواطن أينما كان ودعم المسيرة التنموية والالتزام بمبادئ ومواثيق المهنة».
حضر الافتتاح، سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومعالي سلطان أحمد الجابر، وزير دولة، ومنى غانم المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي.
وتحدث خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين وحاورته الإعلامية بقناة العربية منتهى الرمحي، وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نجح في بناء مدينة عالمية بكل المقاييس يشار إليها بالبنان، وهي مدينة دبي، لتصبح المدينة الرابعة التي تحظى بتوصيف المدينة العالمية، بعد أن كان هناك ثلاث مدن فقط توصف بذلك وهي لندن وباريس ونيويورك ما يعد مصدر فخر واعتزاز لكل أهل المنطقة. وتطرق إلى عمق ومتانة العلاقات البحرينية الإماراتية، مشيداً بالتطور الكبير الذي حققته دولة الإمارات وجعل منها مصدراً يتعلم منه الجميع كيفية صناعة المستقبل بالعمل الجاد والالتزام اللذين كانا سببا في تحقيق هذا النجاح.
وتناول وزير خارجية البحرين في حديثه حركة التطوير القوية التي تشهدها المملكة العربية السعودية وقال: إنها تحمل معها الخير للمنطقة كلها، منوها بأن علاقات البلدين تؤطرها المصلحة المشتركة والتنسيق والتشاور المستمران، في حين تحدث أيضا عن الأزمة الراهنة في المنطقة مشددا على أنه لا مجال للتقارب مع النظام القطري الحالي في ظل مواقفه الصادمة مستبعدا فرص المصالحة في ظل النظام القائم.
وتطرق الحوار إلى علاقة مملكة البحرين بإيران، حيث قال وزير الخارجية البحريني إن النظام الإيراني الحالي يشكل تحديا كبيرا للمنطقة بكل ما يتبعه من سياسات التدخل في شؤون دولة المنطقة، وأن الشعب الإيراني يعاني هو الآخر من هذا النظام، وفيما يخص العلاقات الأميركية الخليجية فقد وصفها بأنها قديمة وتصل إلى مستوى التحالف القائم على أساس استقرار المنطقة، وقال إن هذه العلاقة لا ترتبط بأشخاص بعينهم، بقدر ما ترتبط بالأسس التي قامت عليها في حين وصف العلاقات الأميركية الخليجية في الوقت الراهن بـأنها في أحسن حالاتها وتبشر بالخير.
وتفصيلا، بدأ الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة حديثه بتأكيد أنه لا يرى تحديات كبيرة وملفتة في الإعلام العربي حالياً، في ظل المتغيرات الكثيرة التي تفرض نفسها على واقع ومقدرات المنطقة وخاصة في بعدها الخليجي، موضحا أنه رغم ذلك فإن الإعلام العربي يتعامل مع كافة قضاياه بشكل رصين ومسؤول ومحترف أيضا وملتزم بالجانب الأخلاقي، وأنه إذا نظرنا لمجموع الجهات الإعلامية في منطقتنا، فسنجد أنه لا يخرج عن هذا السياق سوى جهة أو اثنتين على الأكثر، كان خيارها التضليل وترويج الأكاذيب والتلفيق.
وتابع إن التحدي الحقيقي هو كيفية مواجهة هذه القلة المروجة لأكاذيبها، خاصة أن دول الخليج تعيش مرحلة ازدهار وتطور وتنمية، وأنه لا مجال لوجود معاول للهدم، ولفت إلى أن دول المنطقة قادرة على مواجهة الإعلام الكاذب، خاصة أن حبال الكذب قصيرة ولذلك فإنها لن تستمر رغم ترويجهم لفكرة الحرية، وأن رده عليهم هو أن دول الخليج العربية تمارس حرية التعبير منذ القدم، وتتيح المجال أمام الرأي والرأي الآخر وأن هذا شيء يعود إلى البدايات وتلقته الأجيال الحالية عن الآباء وليس بالأمر الجديد، مشيرا إلى القانون هو سيد الموقف وأن من يخرج على أحكامه أيا كان يكون عرضة للمساءلة القانونية.
وقال إن إعلام هذه المرحلة مطالب ببعض الاحترافية في كيفية تقديم المعلومة للشعوب العربية، ومواجهة الكذب والخداع، لافتا إلى أن الإعلام التقليدي لم يتراجع أمام منصات التواصل الاجتماعي، وأن الجميع الآن أصبح يتعامل من خلال هذه التقنيات الحديثة لتأثيرها وفاعليتها في عقول الشعوب، وربما كان ذلك يدعم الإصلاح والتطور و«ليس هناك ما يقلقنا منه على الإطلاق».
وتطرق إلى الأوضاع السياسية التي تمر بها منطقة الخليج العربي، مستعرضا التطور الكبير في العلاقات السعودية البحرينية، والتي وصفها بأنها تتسم بالشراكة والاستفادة المتبادلة في كل المجالات، وقال إن من ينظر لتاريخ البلدين يجد ما يؤكد هذا الحديث وبقوة، ويعكس التحالف الموجود بينهما منذ القدم.
ولفت إلى الأزمة القطرية مستبعداً وجود أية فرصة لنجاح أية مصالحة في ظل النظام القائم هناك حاليا، خاصة أن المعطيات الموجودة من جهته الآن لا تبشر بأي خير مستقبلا، وطالما لا يوجد احترام للالتزامات المبرمة والتعهدات السابقة، فإنه لا يجب التعويل على هذا النظام كثيرا، مدللا على ذلك بالالتزامات التي تعهد بها النظام القطري في حضور الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، تغمده الله بواسع رحمته، في العامين 2013 و2014، حيث أفضى عدم التزام الجانب القطري بتلك التعهدات إلى وأد أي فرص لخوض المجال لإبرام تعهدات جديدة مع النظام هناك.
وأكد وزير الخارجية البحريني قوة التحالف القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي وأنه لا توجد منظومة بديلة يتم الترتيب لها، مشيرا إلى أهمية الدور المصري وتوحد مواقفه معهم، في حين لا تمثل الأزمة مع النظام القطري أي تأثير حقيقي على هذا التعاون، حيث تظل دول المجلس قادرة على التعامل مع الأزمة التي قلل من شأنها حيث إنها لا تمثل تحديا حقيقيا لمجلس التعاون.
وتطرق الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى الدور الإيراني في المنطقة الخليجية، وأنه على المستوى الشعبي فإن العلاقات جيدة ولا مجال للمزايدة عليها، لافتا إلى أن النظام الإيراني الحالي يسعى للتدخل في كل شؤون دول المنطقة، وأن ايران كدولة هي أكبر من النظام الذي يحكمها، ولذلك فإن التحديات الماثلة حاليا تتركز بمحورين هما أولا احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، والثاني التدخلات ومحاولات الهيمنة والسيطرة ومحاولة إسقاط الدول، وأوضح أن إيران إذا ما اختارت التخلي عن تلك التوجهات فإن المنطقة لن تتردد في مد جسور معها.
وأشار إلى أن العلاقات الاقتصادية مع الشعب الإيراني مستمرة، على الرغم من محاولات النظام الإيراني، الذي يعاني الشعب منه هناك، لإفساد هذا الواقع مع اكتشاف السلطات البحرينية أن أحد البنوك الإيرانية في البحرين هو أكبر مصدر لتحويل الأموال للإرهابيين في المنطقة، لافتا إلى أنه طالما كان النظام الإيراني فاشيا يريد الهيمنة ما يستدعي الحذر في التعامل معه، وأن الإيرانيين الموجودين على أراضي البحرين يلقون كل الترحيب والود طالما كانوا أشخاصا لا يضمرون السوء للمملكة، وأنهم لا يتم التعامل معهم بأي نوع من العنصرية، خاصة أن كل الأجناس يتواجدون في دول الخليج ولا توجد أية سلبيات في التعاطي معهم.
وعرّج في حديثه إلى حركة التطوير القوية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، وقال إنها تطورات مهمة جدا وستنقل مستقبل المنطقة لآفاق أرحب وأفضل، وأنه شخصيا مرتاح كثيرا لهذه الخطوات، كونها مبنية على أساس متين وتستهدف مصلحة الجميع، فضلا عن أنها تطلق طاقات الشعب السعودي الكامنة، وأن هذه التغيرات هي الأهم على الإطلاق في هذا التوقيت من تاريخ المنطقة.
وأشاد بعمق ومتانة العلاقات الإماراتية البحرينية والتي تجعل من الدولتين بلدا واحدا يجمعهما مصير مشترك ومستقبل واحد، منوها بأن التجربة الإماراتية أصبحت مصدر إلهام يتعلم منه الكثيرون دروسا مستفادة في مضمار التطوير والتنمية، وأن العلاقات بين البلدين متجذرة منذ عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. إن النجاحات التي حققتها دولة الإمارات بصفة عامة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة لجهود كبيرة وعمل جاد استمر لسنوات طويلة، وهو الأمر الذي يسعد مملكة البحرين قيادة وشعبا.
وفي ختام الجلسة، وردا على سؤال حول مدى مساهمة الإدارة الأميركية الجديدة في تحقيق مصالح المنطقة، أجاب وزير الخارجية البحريني بالتأكيد على مدى عمق العلاقة التي تجمع الولايات المتحدة بمنطقة الخليج، مشيرا إلى أن تلك العلاقة أكبر وأفضل من أي وقت مضى، لكونها تقوم على ركيزة تحالف قديم بين الطرفين أساسه استقرار المنطقة ولا تقوم على أساس أشخاص بعينهم، مؤكدا أن العلاقات الأميركية الخليجية اليوم طيبة وتبشر بالخير.
منى المري: هدفنا الارتقاء بالدور البنّاء للإعلام في دعم مسيرة التنمية العربية
أكدت منى غانم المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة، الجهة المنظمة لمنتدى الإعلام العربي، أهمية الموضوعات المطروحة على طاولة النقاش والتي تدور حول علاقة الإعلام بالمتغيرات الحاصلة في محيطنا العربي والتي كان الإعلام حاضراً فيها تأثيراً وتأثّراً.
وأشارت منى المري، خلال كلمة رحبت خلالها بضيوف المنتدى في دورته السابعة عشرة، إلى محاولة المنتدى التوصل إلى تصورات واضحة لأبعاد علاقة التأثير والتأثر بين الإعلام ومجريات الأحداث في عالمنا العربي، حيث ساهم الإعلام في أوقات كثيرة في تحديد مسار تلك الأحداث بما لها من تبعات كانت هي الأخرى ذات تأثيرات عميقة في صفحة الإعلام، لافتة إلى أن الحاجة أصبحت ملحة اليوم لإيجاد صيغ جديدة يمكن بها صون دور الإعلام كأحد محركات الدفع الرئيسة لحركة التطوير والتنمية، ويعزز مساهمته في تثقيف العالم عما تحمله المنطقة بين ثناياها من معطيات التميز.
وقالت رئيسة نادي دبي للصحافة: «خلّفت التطورات السريعة التي مرت بها المنطقة خلال السنوات العشر الماضية بصمات واضحة على إعلامنا العربي… واليوم، نحاول معاً تحديد مدى مسؤولية إعلامنا في سياق تلك التطورات.. وصياغة تصورات موضوعية لما تستدعيه هذه المرحلة من خطوات للحفاظ على التأثير الإيجابي للإعلام كشريك في مواجهة التحديات المحيطة… ومصدر يتعرّف منه العالم على ما نملكه من مقومات تؤكد جدارتنا بالإسهام في بناء مستقبل أفضل للإنسانية».
وأكدت منى المري أن الوصول بالإعلام العربي إلى منتهى الإبداع والتميز كان هدفا أصيلا للمنتدى منذ انطلاقه، وقالت: «الهدف الاستراتيجي الذي سعينا إليه منذ البدايات الأولى لمنتدى الإعلام العربي هو كيفية الارتقاء بالدور البنّاء للإعلام وتهيئة البيئة التي تضمن مشاركته في دعم مسيرة التنمية العربية»، مشيرة إلى أن هذا الهدف تزداد أهميته في ظل الأوضاع التي نشهدها من حولنا حيث إن هناك كل يوم مئات الأخبار التي تبدل الحقائق وتزيف الواقع، ليأتي دور الإعلام النزيه للتصدي لأصحاب الأجندات الخاصة والوقوف في وجه هذا التزييف.
ووجهت الدعوة للمجتمع الإعلامي للمشاركة في وضع تصورات لمستقبل دور الإعلام وقالت: «ندعوكم من أرض الإمارات، أرض التسامح والتعايش والانفتاح على الثقافات، للمشاركة بأفكاركم لرسم صورة لما يجب أن يكون عليه إعلامنا العربي خلال المرحلة المقبلة، ليكون مُعبِّراً عن طموحات الناس وملهماً لهم نحو مستقبل يحمل كل التفاؤل والخير لمنطقتنا العربية».