ثقافة عالية وخبرة رفيعة تتطلبهما مهمة الكتابة حول مسيرة ومناقب وإنجازات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القائد الاستثنائي والرجل العظيم الذي لم يدخر جهداً أو أي إمكانات في سبيل رفعة وطنه وتحقيق الخير والنجاحات لأهله، بفضل تفرد سمات شخصية سموه وعظمة أفعاله.
ومن المؤكد في الخصوص، أن من يبتغي النهوض بمهام الكتابة عن عطاء وفكر ومنجزات قامة كبيرة مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لا بد أن يكون من الأدباء المتمكنين، ومن الذين عايشوا وخبروا مراحل ومحطات عمل ونجاحات سموه، ذلك كما هي حال الأديب عبد الغفار حسين، الذي اطلع عن قرب على أعمال سموه وجهوده وعرف جيداً كيف أضاء سموه بإشراقة إنجازاته جذوة الإيجابية، وأوجد محفزات النجاح لشعبه.
فجعل الأجيال ترفع الأمل والسعي لتحقيق النجاحات بلا يأس شعاراً ونهجاً حياتياً، حيث يرصد عبد الغفار حسين جميع ذلك بأسلوب أدبي جميل في كتابه الجديد «محمد بن راشد آل مكتوم.. في سباق الزمن»، جامعاً فيه لآلئ منثورة وعطراً فواحاً من مشوار حياة وإنجازات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ملهم القادة ومبدع القيادة.
يفتتح عبد الغفار حسين كتابه، المشتمل على 50 مقالة ثرية وعميقة الدلالات، بإهداء يتناغم مع روحية كتابته عن القائد والفارس والشاعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث يشير فيه إلى أن كتابه يمثل دليلاً للأجيال لبلوغ غد مشرق وحصد النجاحات المتعاقبة واتخاذ التفاؤل شعاراً، عبر ما يحويه الكتاب من شذرات تحكي عن سيرة وشخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الملهم في دروب الأمجاد والوصول إلى المعالي.
إلا أن الكاتب، ومع جهده المبذول في جمع لآلئ هذه السيرة الناضحة بالنجاح والملهمة للأجيال، فإنه -كما يبين في مقدمة الكتاب- يعترف بأنه جهد المقل الذي يغترف من معين لا ينضب، ويستقي من البحر في أحشائه الدر الكامن، فهو لا يدعي أنه «يحتوي احتواء كافياً غير منقوص على كل ما أنجزه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، طوال السنوات التي تولى فيها زمام الأمور في دبي… فإنجازات هذا البنَّاء المعماري الماهر، وبصمات أصابعه المبدعة نجدها في كل حدب وصوب…»، بل إنه يجتهد، وليس أكثر، في جمع مقالات تستعرض صوراً مشرقة من تجارب قائد فذ لم يعرف اليأس إلى تفكيره سبيلاً، ومحا من قاموس معانيه مشتقات المستحيل والإخفاق والفشل، حتى بقي في خضم كل المواقف متفائلاً متطلعاً لا يرضى بغير النجوم مستقراً.
ويتنقل المتصفح لكتاب الأديب عبد الغفار حسين عبر رياض صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وينتقي من أزاهير سيرته الرائعة، والكاتب بذلك أبدع في طريقة العرض التي برع فيها، وبذلك يجد القارئ نفسه يتعرف على نشاط ودأب سموه في مشوار الإنجازات، مصاحباً لفارس العرب في سباقات الخيل، وجالساً في أروقة الاجتماعات التي حضرها سموه في مناسبات متعددة، لينتقل معه إلى مشروعاته الإبداعية والأيقونات الخالدة التي ترجمت فكر سموه النير الذي ألهم القريب والبعيد، وهذا مما وفق المؤلف في عرضه أجمل عرض في منهج جمعه للكتاب.
«محمد بن راشد وحرية الصحافة»
يستهل عبد الغفار حسين كتابه، الذي جمع فيه مقالات صحفية متنوعة كان قد نشرها في عدد من الصحف المحلية خلال فترات زمنية مختلفة، رصد فيها أعمال وإنجازات ولآلئ فكر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مع حديث عن «محمد بن راشد وحرية الصحافة»، حيث يوضح أن سموه آمن مبكراً بأن حرية الصحافة والكتابة ركن أساسي في عملية النهضة والتطوير، وهو ما يعبر عن وعيه الكبير بأن الإعلام المتطور الحر المسؤول ضرورة على رأس الأولويات في أي تخطيط لخلق الإنسان المتطور في حياته ومع نفسه ومع الآخرين.
ثم يحكي عبد الغفار حسين عن «الشيخ محمد بن راشد وتكريم أهل القلم»، مبيناً مدى دعم ومساندة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للكتاب والمثقفين، وكيف أن سموه يحتفي ويرحب بهم دوماً، انطلاقاً من إيمانه بأنهم أكثر الناس كفاءة في التعبير، كما أن سموه حريص على تكريمهم وتشجيعهم على المزيد من العطاء.
ويقول الكاتب إنه «لا تتوقف حسنات سموه عند البشاشة في لقاء أهل الفكر والقلم فحسب، بل نراه دؤوباً من أجل تكريم هؤلاء وتشجيعهم على المزيد من العطاء الذي ينفع الناس».
فكما نهض صاحب السمو بالإمارات في سلّم التطور المدني المعاصر، لم يغب عن ذهن سموه التشبث بالجذور الطيبة للشعب الإماراتي الأصيل، الذي لم ينفك عن مواكبة النهضة العمرانية والحضارية التي حمل لواءها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وترجمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وكانت محور اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويلفت الكاتب إلى إنشاء سموه نادياً للصحافة «نادي دبي للصحافة» الذي يعمل على استقطاب الصحافيين والكتّاب، وشجع على إقامة جمعية الصحافيين، وأقام مكتباً استشارياً إعلامياً في ديوانه، وتمخض عن هذا النشاط تنظيم منتدى الإعلام العربي، كما يرعى سموه ندوة الثقافة والعلوم، وغير ذلك الكثير.
وبالعودة إلى خيوط النور التي انعكست من كتاب عبد الغفار حسين على هذه السطور، فإننا في مقالته «الشيخ محمد بن راشد وحديث الرجوع إلى القضاء»، نتبين مدى إكباره لشخصية الشيخ محمد بن راشد القيادية الفذة، التي لا تأخذ بالقيل والقال، بل تحترم القانون، الذي يعلو ولا يعلى عليه، وذلك من خلال مقولة سموه الخالدة: «رغم وفرة الأدلة في قضية الفساد الإداري، فإن الكلمة الفصل ستكون للقضاء».
وبذلك ساد الرقي ربوع الإمارات، ويشير الكاتب إلى أنه بأمثال سموه تصدرت الدولة قائمة الدول التي تحترم القانون وتضعه في مكانه، فقد «دلت تجارب الأمم المتقدمة التي تسودها سياسة الإدارة الجماعية، وتتعامل مع الجماعة أكثر من تعاملها مع الفرد، أن الإدارة الخاضعة للرقابة الجماعية أكثر الإدارات نجاحاً وأقلها فشلاً».
ويبين المؤلف في أبحاثه ومقالاته المتنوعة ضمن الكتاب أنه «بجانب حماس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في توفير الجودة والإتقان الإداري والعمراني، أكد سموه في حديث معي في جلسة افتتاح مؤتمر الجودة القرار الخاص بشأن إنشاء المجلس الثقافي في دبي».
ويشرح عبد الغفار حسين أنه لا يخفى على أحد من هو الشيخ محمد بن راشد الفارس، وما هي الفروسية في نظر سموه، إن حبها امتزج -كما يقول سموه- بدم العرب، وكفى بهذا الوصف تعبيراً عن مكانة أم الرياضات التراثية وارتباطها بعشق سموه الذي لا حدود له، وليس سموه في ذلك إلا واحداً من عمالقة التاريخ الذين كانت لهم قدم الرسوخ في القيادة والفروسية والشعر والأدب.
يلفت المبحرَ في صفحات الكتاب تسليطُه الضوء على قيمة العلم والمعرفة في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المستنير، إذ يتحدث عن «حملة محمد بن راشد.. محاربة الفقر بالعلم» التي تبرز لنا سعة أفق سموه، وحمله هم الأمة جمعاء لنشر رغد العيش في ربوعها، عن طريق حملات محاربة الفقر بالعلم، فسموه يدعو إلى أن «يواكب العلم والتعليم هذه الحملات، لأن تعليم الطفل الفقير هو السبيل الأساسي لإنقاذه من براثن الفقر، وشحذ ذهنه للخروج من الحالة التي هو فيها».
كما يصحبنا الأديب عبد الغفار حسين إلى المتابعات النوعية الواعية التي تحظى بها الثقافة في حياة الشيخ محمد بن راشد ومبادراته.
ويستعرض عبد الغفار حسين «مشروع محمد بن راشد.. الكتاب للجميع» الذي يندرج ضمن مبادرات سموه الخلاقة لدعم العلم، وخدمة «خير أنيس في الأنام»، هذا المشروع الذي أشرف سموه عليه بنفسه «لينضم إلى المشروعات ذات القيمة النفعية المضافة للإنسان في إقليمنا الجغرافي هذا الإقليم وخارج هذا الإقليم».
ولا ينسى الكاتب أن يضم إلى عقد مقالاته جوهرة من أعظم مآثر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي مبادرة «رعاية مخطوطات الأزهر» التي تأتي «لحفظ المخطوطات في الأزهر الشريف بمصر، وصيانتها، ونشرها على المواقع الإلكترونية، ليجسد مبادرة ثقافية كبيرة، ويؤكد حرص سموه على دور الإمارات في الإسهام في كل ما من شأنه دعم الثقافة».
وفي محطة أخرى، يتعرض الكاتب في مقال «لقاءات محمد بن راشد مع أهل المعرفة» للقاء سموه بنخبة أهل العلم، الذين كانت لهم قيمة الاحترام والتقدير في نفس الشيخ محمد بن راشد، فلا يخفى عن سموه، وهو الأديب المثقف الكاتب، قيمة أهل العلم ورفعتهم.
وبين أروقة الكتاب التي تتلألأ بالحكمة والمعرفة، يأخذ عبد الغفار حسين بأيدينا في جولة بصحبة «محمد بن راشد في معرض الشارقة للكتاب» في الزيارة التي «تؤكد لذوي الشأن في قيادة هذه الأمة وعاء المعرفة عند الإنسان الإماراتي، فكلما كبر هذا الوعاء واتسع كبر الفهم والذهن عند هذا الإنسان».
ويحدثنا الكاتب في مقالة «تكريم الرواد» عن أن تكريم سموه للراحل خلفان الرومي هو لمسة وفاء للأدب وعرفان للثقافة، من يد القائد الكبير لعلم من أعلام العمل النهضوي في الإمارات، والمربي الفاضل والسياسي الحكيم والرجل المتواضع، صاحب المسيرة الحافلة بالإنجازات، الذي يقف في مقدمة أعلام الإمارات من الرعيل الأول.
إن هذه الوفرة في الوقفات الرائعة التي حط الكاتب رحاله عندها يؤكد معها أن سلاح العلم والمعرفة في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم له النصيب الأوفر، وأن نقطة التقاء كل التوجهات في قيادة سموه هي العلم، وهكذا ينتقل أديبنا العملاق انتقالاً رشيقاً ماهراً متقناً من جمال مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، العلمية، التي ما فتئت تواكب بكل زهو نهضة دولة الإمارات على أيدي قيادة رشيدة واعية دأبت على الارتقاء والريادة.
ولنا هنا وقفة دقيقة عند استخلاص عبد الغفار حـــسين المواقف واستعراضها، وأسلوب عرضها، فخلاصات كتاباته التي جمعها تقع ما بين الصفحتين والثلاث صفحات غالباً، وهذا ما يمنح القارئ متعة أثناء القراءة، وفهماً دقيقاً يمهد للفكرة بالدخول دون عناء، ناهيك عن طريقة استعراضه العذبة التي تحمل الكلمات على بساط السهولة، وتبعدها عن التعقيد اللفظي والمعنوي الذي قد يقف حاجزاً بينها وبين القراء.
ونلحظ في مقالة «محمد بن راشد والنظر للصالح العام» ما تمتعت به مرحلة صاحب السمو حاكم دبي من حكم رشيد، وسياسة قل نظيرها، وعلى رأسها -والكلام للكاتب- المتابعة الدقيقة التي اتبعها سموه للأشخاص الذين أسند إليهم إدارة الأعمال، «فهو دائم الحضور، وقد يفاجئ موظفاً عادياً في مكتبه بالزيارة… وفي حكومة محمد بن راشد وقيادته، يلاحظ الجميع أن الفساد الإداري ينحدر نحو الانكماش وتضيق دوائره، وتحل محله الشفافية والوضوح، لأن المحاسبة والتحفز للمحاسبة في أية ساعة واردة ومتوقعة… ولعمري فإن هذين المعيارين لو وضعا في ميزان التأهيل لتبوأ مكانة في المجتمع…».
ثم يصل الأديب عبد الغفار حسين السابق باللاحق، في حديثه عن «محمد بن راشد والجودة في الرؤية والعمل»، فالشعارات الجوفاء لا مكان لها في سياسة الإمارات عموماً، ولدى الشيخ محمد بن راشد، على وجه الخصوص، بل هي ركائز وأسس تبنى على أرض الواقع، في الوقت الذي تمتلئ فيه مشارق الأرض ومغاربها بالمثاليات المبتورة عن العمل، والأفلاطونيات التي لا قيمة لها على أرض الواقع، وذلك ما أثبتته سياسة صاحب السمو حاكم دبي في أطر ثلاثة: الأول يتعلق بمشروع محمد بن راشد للإسكان.
والثاني هو المسلك الحضاري الرائع الذي سمح سموه من خلاله لأي شخص بأن يدعي ضد أي سلطة يشعر المدعي أنه قد تعرض منها لإجراءات غير عادلة، و«هذا المسلك الحضاري يحقق مبدأ مهماً من مبادئ حقوق الإنسان، ويحقق التميز والجودة في إدارة الحكومة».
وأما القرار الثالث، فهو قرار إنشاء الرقابة المالية، ومحاسبة أوجه الدخل والصرف، «ليضفي على التميز الذي ينشده الشيخ محمد في إدارته لدفة الأمور عملاً من الأعمال المحاسبية والرقابية، والحيلولة دون هدر المال العام وصرفه إلا في أوجهه الصحيحة والسليمة».
لم تكن سياسة الإمارات التي تسلكها يوماً سياسة استئثارية أبداً، فالعطاء والإنسانية هما محور مبادراتها وتطلعاتها، من هنا فإن الكاتب لا يغفل أن ينثر بين طيات كتابه محطات وصوراً من وحي سيد العطاء ومحب الخير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وذلك تحت عنوان «الشيخ محمد بن راشد ومكرمة دبي العطاء» الذي يحمل خير الإمارات إلى العالم، بغض النظر عن الانتماءات والاعتقادات، فالإنسان هو محور الحياة وغايتها في فكر الشيخ محمد بن راشد.
وهذا ما يتابعه المؤلف تحت عنوان «الشيخ محمد بن راشد ورعاية حقوق الإنسان» الذي يبرز فيه أن «هذا التوجه الإنساني جزء من شخصية هذا القائد الذي ما فتئ يعمل بجهد وعزيمة على الرقي بالإنسان ثقافياً وحضارياً، وتوقير الحياة الكريمة لكل من يعيش على أرض هذه الدولة».
وأما عنوان «عامان زاهيان في تاريخ الإمارات»، فإنه يلج في إنجازين مهمين تمثلا في دخول دبي في منافسة تجارية وعمرانية مع بلدان أكبر في الإمكانيات البشرية والمادية. كما يستفيض أديبنا الكاتب في التأريخ لولاية العهد في الإمارات، التي يعود فيها إلى التاريخ العربي الإسلامي العام، وما مرت به ولاية العهد، والحاجة الملحة إليها في توطيد الاستقرار والرقي بالبلاد.
وتحت عنوان «المتحف النبوي الإسلامي.. مشروع حضاري»، يسلط عبد الغفار حسين الضوء على قرار صاحب السمو حاكم دبي، رعاه الله، بتأسيس متحف إسلامي تكون آثار النبوة جزءاً أساسياً من محتوياته.
على أن المواقف السياسية والدولية كانت أيضاً حاضرة في الكتاب، ومن ذلك ما تضمنته مقالة «قراءة في خطاب محمد بن راشد إلى الرئيس أوباما»، التي نستشف من خلالها أن سموه يحمل كغيره من الزعماء الوطنيين في هذه المنطقة هموم المشكلات والصعاب التي تواجه الأمة، ويتطلع إلى الخلاص من هذه الهموم أو الإقلال منها، لأنه رجل بناء ويسعى إلى التشييد.
ويشرح الكتاب أن التحدي والإصرار لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، سمات اتخذت لوناً براقاً، ولا عجب في ذلك، وهو يتحدث عن قائد شجاع مثل سموه، حيث بث، كما يبين المؤلف، الطاقة الإيجابية في نفوس شعبه، ووضعها نهجاً في صنع النهضة الإماراتية، ولم تنقطع مشاريع التحدي عن الإبداع في شتى المجالات، سواء كانت عمرانية أم نفعية أم أفكاراً ومبادرات خلاقة، تأخذ حيزها من التطبيق دون أن تبقى مشاريع ورقية تتخذ من أدراج الإهمال مستقراً لها.
من هنا كان لـ«برج خليفة» الذي تحدث عنه الكاتب، وعن دلالته الحضارية والإنسانية، نصيب بين صفحات الكتاب، وما يحمله هذا الاسم من دلالات الاتحاد والقوة التي يتمتع بها الإماراتيون.
إن تمتع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالتواضع احتل ركناً ركيناً من كتابنا، فهو يشارك الناس شؤونهم، كما يبين المؤلف، ويسعى حثيثاً دائماً إلى بناء جسور التواصل مع قلوب الآخرين، ولا يفصله عنهم كونه قائداً، فهو من الناس وإليهم، يتواصل معهم، ويشاركهم أفراحهم ويعزيهم في أتراحهم، فهو القائد العمري القريب من الشعب، الذي لا يهنأ براحة إلا إذا كان كل أفراد شعبه سعداء.
ومن الجوانب التي يرصدها الكتاب حيثية «الصفاء والتصوف عند محمد بن راشد»، إذ يستعرض من خلال هذه المقالة، الصفاء الذي تميز به شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، موضحاً أن سموه بذلك يدخل في محراب التضرع والابتهال، بأبيات صوفية وجدانية يتحف بها الناس في شهر رمضان الفضيل.
وفي المقالة المعنونة بـ«قصيدة فتنة الإرهاب»، يقدم الكاتب قراءات تحليلية لقصيدة الشيخ محمد بن راشد التي تندد بالإرهاب والظلاميين الذين وصلت بهم الجرأة حد محاولة تلويث الحرم النبوي الشريف.
كما نجد أن الأديب عبدالغفار حسين يركز على موضوع الإيجابية في شخصية الشيخ محمد بن راشد، فتحت عنوان «محمد بن راشد.. والطاقة الإيجابية في صنع النهضة»، يقف على سيرة زعيم وقائد بنّاء يؤمن بأنه في سباق مع الزمن، وأن عليه إذا أراد أن يسابق الزمن ويلحقه ويتعداه، أن يسرع من خطواته، ولا يؤجل عمل اليوم إلى الغد.
ثم يدخل الكتاب في موضوع «محمد بن راشد ومشاريع التحدي»، تلك المشاريع والمبادرات التي تميز بها سموه، لافتا إلى أن المتتبع لو أراد أن يحصي خطوات كل مشروع وإنجاز صاحبهما الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لصعب عليه ذلك، كونها عديدة ومتنوعة جداً.
«محمد بن راشد يرسم بالكلمات»
يرسم لنا الأديب الكبير عبد الغفار حسين في ختام مضامين كتابه، لوحات من صنع ريشة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تتمثل في حكم ومقولات لسموه تنير دروب النجاح والخير والمحبة والإخلاص للوطن، حيث عنون هذا الفصل بـ:«محمد بن راشد يرسم بالكلمات»، ومن أقوال سموه التي تضمنها هذا الفصل:
– تعرفت إلى الكثير من زعماء العالم السياسيين والاقتصاديين، فلم أشاهد أكثر بساطة من زايد.
– من السهل أن تحكم الناس بالخوف، ولكنّ قلة نادرة من الزعماء الذين استطاعوا أن يحكموا الناس بالحب.
– البناء أصعب من الهدم، والسلام أصعب من الحروب، والإقناع أصعب من الفرض، لكن الثلاثة أدوم وأطول عمراً.
– الحياة السهلة لا تصنع الرجال ولا تبني الأوطان.. التحديات هي التي تصنع الرجال، وهؤلاء الرجال هم من تبنى بهم الأوطان.
– هل رأيت الصخرة إذا اعترضت ماء يجري؟ هل يقف الماء؟ لا يقف، بل يذهب يميناً ويساراً ليتجاوزها، وهكذا الإنسان صاحب الطاقة الإيجابية.
– لا توجد قوة أكبر من قوة الأمل بحياة ومستقبل أفضل.
«رؤيتي» و«ومضات من فكر»
يضيء الأديب عبد الغفار حسين، في محطات تسجيله ورصده منجزات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على ما حققه في حقل العلم والمعرفة والمبادرات اللامعة، فهذه مقالة «محمد بن راشد والدعوة إلى القراءة» تسلط الضوء على نتاجين علميين من آثار سموه التي أهداها للمكتبة العربية، وهما كتابا «رؤيتي» و«ومضات من فكر» اللذان شكّلا منجماً مشحوناً بكنوز تجارب سموه الحياتية التي ترجمها في كتابين يتجلى فيهما «فكر محمد بن راشد وثقافته وسعة اطلاعه».
«دبي.. محمد بن راشد في مسيرة البناء»
لئن حضرت في الكــتاب بقوة محطاتُ اضطلاع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالثقافة والتراث، فإنه لم يغب عن خلد أديبنا وصل الماضي بالحاضر والحديث بشيء من الاستفاضة عن «دبي.. محمد بن راشد في مسيرة البناء»، وهي المادة التي أثراها بالمهام الصعبة التي تحملها صاحب السمو حاكم دبي، وكيف تابع مسيرة البناء التي أرسى دعائمها والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، فسموه «أضاف بعداً ورصيداً جديداً لمسيرة التألق في دبي، وهذا الرصيد والبعد سيتمثلان في تقوية المؤسسات المحلية والهيئات المدنية.. لكي تكون دعائم تساند ما أنجز وما سينجز من المشاريع التي يخطط لها حاكم دبي…».
عزيمة الحرث في البحر
تضاف مقالة «الشيخ محمد بن راشد وعزيمة الحرث في البحر» في الكتاب، إلى أخواتها اللائي ينهضن للحديث عن تألق دبي، وروعتها، وتميزها وانتفاء المستحيل من قاموسها، مهما تعالت أصوات المحبطين، وفغروا أفواههم بعبارات الرجوع للخلف، وفي ذلك يلخص لنا سموه رؤيته للمستحيل في رده على أحد المثبطين، فيما ينقله عنه أديبنا عبد الغفار حسين: «إن رؤيتي تختلف عن رؤيتك السلبية، وأؤمن أنه مادام عندي التفاؤل والعزيمة على المضي قدماً في ما أريد عمله، فإن النجاح لن يخذلني، وسوف يبعدني عن الفشل، وسوف أتغلب على الصعاب، وسوف أحرث البحر، ونحن فعلاً كنا نحرث في البحر عندما كنا نستخرج من قاعه اللآلئ، وننشئ اليوم الجزر والعمران فيه».
«تحية وافرة لمحمد بن زايد»
كان مسك الختام في الكتاب مع «تحية وافرة لمحمد بن زايد»، إذ يركز المؤلف في هذه المقالة على تحية الشكر التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إشارة واضحة إلى عمق العلاقة بين قيادات دولة الإمارات، «والدلالة البارزة أن الإمارات تقف على أرض صلبة، وأن المستقبل مقبل على الخير وعلى المسرة، وأن كلا الزعيمين عازم على الاستمرار في المسيرة الخيرة من أجل العمل على توفير الحياة الأفضل للإمارات وأبنائها ولمن يتخذ من هذا البلد مكاناً ووطناً».