دخلت صناعة المناطق العالمية للخدمات اللوجستية مرحلة جديدة في مسار تطورها الصاعد مع تأسيس شركة تنمية مشتركة بين مجموعة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، حيث تلقت صناعة الموانئ والخدمات اللوجستية العالمية باهتمام منقطع النظير الإعلان عن تأسيس شركة التنمية المشتركة الجديدة بين مجموعة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس باعتبارها تمثل تحالفاً استراتيجياً بين المجموعة الرائدة عالميا وإقليميا في صناعة الموانئ والخدمات اللوجستية والمشروع العالمي الأكبر والأهم في هذه الصناعة العالمية خلال المرحلة الحالية ولعشرات السنوات القادمة، حيث ستنقل مجموعة موانئ دبي العالمية عبر هذا المشروع المتكامل تجربتها الدولية في صناعة تطوير المناطق التجارية واللوجستية المتكاملة، مستندة الى الدور العالمي لإمارة دبي في هذه الصناعة عبر النموذج الرائد الذي قدمته الإمارة إلى العالم في هذا المجال والمتمثل بتطوير وإدارة ميناء جبل علي والمنطقة الحرة لجبل علي «جافزا» بقيادة مجموعة موانئ دبي العالمية، حيث شكل هذا النموذج النواة الأولى لتأسيس مناطق عمرانية وسياحية متكاملة نشأت حولها وأصبحت هذه المناطق من أهم المعالم المميزة لتجربة دبي التي تقدمت إلى صدارة المشهد الاقتصادي العالمي على كافة الأصعدة.
وتم إطلاق الشراكة رسمياً عبر موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على إنشائها كشركة تنمية رئيسية مشتركة لتقوم بتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده أخيراً في القاهرة مع سلطان أحمد بن سليم رئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس.
وجاء هذا الحدث الاقتصادي والاستثماري المهم ليتوج مسيرة التطوير الشامل لمنطقة قناة السويس التي تعد من أهم المناطق العالمية لتطوير خدمات الموانئ والمناطق التجارية واللوجستية ومن أكثر المناطق تميزاً في العالم على الصعيد الاقتصادي، نظراً لقربها من مختلف الأسواق العالمية، واستحواذها على جزء كبير من حركة التجارة العالمية التي تعبر قناة السويس القناة المائية الأهم في العالم التي تمثل عموداً فقرياً للنقل البحري على الصعيد الدولي، حيث ستقوم مجموعة موانئ دبي العالمية التي تتولى تطوير وإدارة أكثر من 78 ميناء ومحطة بحرية وبرية تتوزع على قارات العالم الست بإنشاء منطقة صناعية ولوجستية وتجارية متكاملة تشمل كافة الخدمات والمناطق السكنية والترفيهية في منطقة قناة السويس الاقتصادية.
وقال سلطان أحمد بن سليم: «انطلاقاً من التوجيهات السديدة لقيادتنا الحكيمة والرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تبادر مجموعة موانئ دبي العالمية إلى تأسيس شركة التنمية المشتركة مع الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس لدعم خطط الأشقاء في جمهورية مصر العربية لتنمية الاقتصاد المصري وتطويره من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وسنعمل على مساندة هذا المشروع الحيوي عبر نقل تجاربنا وخبراتنا الإقليمية والدولية في تطوير الموانئ والمناطق الحرة بمختلف مناطق وقارات العالم، متطلعين إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الأشقاء في مصر بما يخدم المصالح المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية».
ويعتبر ميناء جبل علي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط، كما يعتبر ميناء محورياً لأكثر من 90 خدمة ملاحية أسبوعية تربط أكثر من 140 ميناء في أنحاء العالم، وبطاقة استيعابية تصل إلى 22.1 مليون حاوية نمطية قياس 20 قدماً مع إنجاز مشاريع التوسع الحالية للميناء بحلول عام 2018، حيث تم تزويد الميناء بأحدث الرافعات والمعدات الذكية التي يتم تشغيلها آلياً لضمان تقديم أفضل خدمات المناولة للسفن التي ترسو في الميناء، ولتتويج النجاح منقطع النظير الذي حققه ميناء جبل علي أُنشئت المنطقة الحرة لجبل علي «جافزا» في العام 1985 لتصبح المركز الأكثر كفاءة عالميا وإقليميا في تقديم الخدمات اللوجستية نظراً لموقعها الاستراتيجي بين أكبر كيانين لوجستيين في المنطقة، وهما ميناء جبل علي ومطار آل مكتوم الدولي بما يسمح بسهولة حركة البضائع، وتستحوذ جافزا على 32% تقريباً من مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تساهم بـ21% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي سنوياً، ويعمل في المنطقة الحرة لجبل علي أكثر من 144 ألف موظف.
وقد سجلت موانئ دبي العالمية تحسناً جيدا في إجمالي دخلها عام 2016 على الرغم من أنه كان عاماً صعباً لقطاع الملاحة البحرية، وبلغت أرباح الشركة، مسجلة، على أساس التقارير المحاسبية، نمواً في العائدات بنسبة 4.9%، فيما نمت الأرباح المعدلة قبل استقطاع الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بنسبة 17.4%، وبلغ هامش الأرباح المعدلة قبل استقطاع الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك 54.4%.
وتنطلق مجموعة موانئ دبي العالمية إلى إنشاء المنطقة الصناعية واللوجستية والتجارية المتكاملة في قناة السويس من خلال الشركة المشتركة الجديدة مستندة إلى خبرتها الكبيرة وتجربتها في تطوير وإدارة الموانئ في جمهورية مصر العربية، حيث تتولى مجموعة موانئ دبي العالمية تشغيل ميناء العين السخنة المصري القريب من المدخل الجنوبي لقناة السويس على البحر الأحمر، ما يمنحه ميزة استراتيجية للتعامل مع البضائع العابرة لأكثر الممرات المائية التجارية استخداما في العالم، فضلاً عن أنه يعد ميناء رئيسياً لعبور البضائع للموانئ المصرية الأخرى وكذلك إلى وسط القارة الأفريقية.
ويعد ميناء العين السخنة ومنطقة العين السخنة من أهم مكونات مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تشمل خطط تطوير الميناء مشروعات للتوسع في العمل بمحطات الحاويات الجديدة ومحطات البضائع العامة والشحنات الجافة والشحنات السائلة مع توفير الخدمات اللوجستية ومراكز التخزين والتوزيع وإنشاء ميناء جاف، فيما تمثل منطقة العين السخنة محورا صناعيا ولوجيستيا رئيسيا عند المدخل الجنوبي لقناة السويس، يجمع بين مرافق الموانئ والمناطق الصناعية والمناطق السكنية، والطرق الممهدة والسكك الحديدية ويربطهم بالقاهرة ومدينة السويس، وتخصص المنطقة لاستيعاب الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، فضلاً عن المرافق التجارية والمجمعات السكنية ومنشآت بناء السفن وإصلاحها.
ويشمل مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كذلك تطوير ميناء شرق بورسعيد ومنطقة شرق بورسعيد وميناء غرب بورسعيد، حيث تتضمن التوسعات المقترحة لميناء شرق بورسعيد إضافة 26 كم مربع توفر مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية والتنموية لتصل المساحة الكلية للميناء إلى 70 كم، فيما يجري تطوير منطقة شرق بورسعيد حاليا لتصبح مركز إعادة شحن رئيسي، بالإضافة إلى مركز لوجستي متعدد الوسائط.
كما يضم مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تطوير منطقة غرب القنطرة وميناء الأدبية وميناء العريش وميناء الطور ومنطقة شرق الإسماعيلية.
تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الضرورية
تستكمل مجموعة موانئ دبي العالمية عبر مشاركتها في تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جهودها لاستباق تطور صناعة الموانئ والمناطق اللوجستية العالمية عبر استشراف المستقبل والبدء بتنفيذ المشروعات الاستراتيجية الضرورية لاستيعاب متطلبات التطورات القادمة على صعيد الاقتصاد الدولي والتجارة العالمية استعدادا لتنفيذ خطة مئوية الإمارات 2071 وتطبيق مبادرة دبي X10 التي تهدف إلى تطبيق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد 10 سنوات، حيث تواكب موانئ دبي العالمية مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها جمهورية الصين الشعبية وتعتبر من أبرز مشاريع تطوير التجارة في القرن الـ21، حيث ستشكل المنصة العالمية الأكبر للتعاون التجاري الإقليمي وستحدث تحولا جذريا في اقتصادات الدول الواقعة على امتداد طريق الحرير القديم خلال العقود القليلة القادمة، علما بأن مجموعة موانئ دبي العالمية تدير نحو أكثر من 20 ميناء على هذا الطريق، ولتطبيق مبادرة «الحزام والطريق» بادرت المجموعة إلى إطلاق أول قطار تصدير من المملكة المتحدة إلى الصين، عبر «موانئ دبي العالمية – لندن غيتواي» يحمل على متنه عدداً كبيراً من الحاويات المليئة بالسلع البريطانية، انطلق من محطة السكك الحديدية المتطورة في ميناء «لندن غيتواي» في منطقة «ساوث إسيكس» نحو مدينة «ييوو» بمقاطعة تشيجيانغ شرقـي الصيـن.