قال معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي: إن بعض المؤسسات الإعلامية غير الحيادية والموجهة في نشر المعلومات المغلوطة والشائعات التي أججت الفتن الداخلية على مستوى المنطقة، وأدت بدورها إلى تصاعد العنف غير المبرر الذي ما لبث أن تحول إلى أزمات أمنية خطيرة باتت عبئاً على المؤسسات الأمنية.
وأصبح تصحيح المعلومات المغلوطة والشائعات أمراً في غاية الصعوبة وعبئاً إضافياً على المؤسسات الإعلامية الحيادية والصادقة التي أضيفت إليها مهام جديدة بجانب مهامها الأساسية التي تتمثل في نشر التوعية والثقافة ونقل المعلومات الصادقة والكاملة للجمهور وتعزيز الهوية، وهذه المهام الجديدة تمثلت في تصحيح الأفكار الهدامة وتوحيد الصف والرد على الشائعات المغرضة التي تنشرها المؤسسات الإعلامية المضللة.
جاء ذلك خلال حضوره فعاليات الملتقى العلمي «القيادات والإعلام أثناء الأزمات» الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ممثلة بمركز الأزمات وتطوير القيادات العليا، وذلك في نادي الضباط بمنطقة القرهود.
بحضور د. جمعان رشيد بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والسفيرة د. هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الإعلام والاتصال، وسميح مسلم المعايطة وزير الإعلام الأردني السابق، واللواء د. فهد بن أحمد الشعلان عميد مركز الأزمات وتطوير القيادات العليا في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وعدد مساعدي القائد العام لشرطة دبي وجمع من القيادات الأمنية والإعلامية.
وانطلقت فعاليات الملتقى بمشاركة قيادات أمنية وإعلامية من 14 دولة عربية و3 منظمات، حيث ستستمر فعالياته إلى الخميس المقبل.
وقال معالي الفريق ضاحي خلفان تميم: إن اجتماع هذا العدد الكبير من الأساتذة والخبراء والمتخصصين والإعلاميين والزملاء من أجهزة الشرطة في العالم العربي في هذا الملتقى الهام للمشاركة بآرائهم وخبراتهم ومناقشة موضوع من أهم الموضوعات المؤثرة في العمل الشرطي وهو«القيادات والإعلام أثناء الأزمات» حيث يمثل الإعلام عنصراً رئيسياً قادراً على تشكيل وتغيير مجرى الأحداث أثناء الأزمات، إذ يمكن استخدامه كأداة للبناء كما يمكن استخدامه كأداة للهدم والتدمير، وما نراه في وطننا العربي في الفترة الأخيرة خير دليل على ذلك.
وأضاف معاليه: يرتبط الأمن والإعلام أثناء الأزمات بعلاقة ثنائية وطيدة، وهذا يعني اشتراكهما واختلافهما في جوانب ذات صلة بالأزمات، ففي أثناء الأزمات يلعب الإعلام دورين لا ثالث لهما، فإما أن يلعب الدور الإيجابي الذي يسهم في طمأنة الناس والقضاء على الاشاعات وتصحيح المعلومات المغلوطة وترسيخ القناعات الإيجابية لدى الجمهور بالإضافة الى كونه أداة فعالة في توجيه الجمهور.
وتقدم معالي الفريق ضاحي خلفان تميم خلال كلمته بالشكر الجزيل إلى مركز الأزمات وتطوير القيادات العليا بجامعة نايف للعلوم الأمنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة على جهودهم الحثيثة في تعزيز العمل الأمني وأيضاً على طرحهم واختيارهم لفكرة الملتقى الذي يعتبر من الموضوعات الثرية التي تهم عدداً من القطاعات والمؤسسات الرئيسية في كل دولة وعلى رأسها المؤسسة الإعلامية والمؤسسة الأمنية.
بدوره، ألقى د. جمعان رشيد بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية قال فيها، نلتقي اليوم حول هذه المائدة العملية الهامة التي أعدتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالتعاون مع معالي الفريق ضاحي خلفان تميم والقيادة العامة لشرطة دبي، لمناقشة موضوع القيادات والإعلام وأثناء الأزمات لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة.
وتابع: أثناء الأزمات يبرز الدور الأهم للإعلام وينتظر المجتمع دور قياداته في وضع الحلول لذلك لمسنا في «جامعة نايف» أهمية دور القيادات والإعلام أثناء الأزمات لذلك تم الإعداد لهذا المؤتمر منذ عدة أشهر.
وتبادل معالي الفريق ضاحي خلفان تميم ود. جمعان رشيد بن رقوش، عقب الكلمات الافتتاحية الدروع التذكارية بمناسبة الملتقى، فيما تم عرض فيلم تعريفي عن مسيرة انطلاق جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية استعرض نشأتها والتخصصات التي تحتوي عليها وأهدافها ورؤيتها للمستقبل.
وتناولت الجلسة الأولى للملتقى موضوع «ثنائية الأزمات والإعلام» وتحدث فيها كل من: معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، واللواء أ.د فهد الشعلان، ومعالي د. هيفاء أبو غزالة، ومحمد التونسي رئيس تحرير صحيفة الرؤية.
وقدم معالي الفريق ضاحي خلفان تميم ورقة عمل بعنوان «الثنائية بين الأمن والإعلام في الأزمات»، مبيناً أن الثنائية بين الأمن والإعلام في الأزمات تمكن في خمسة جوانب هي: أولاً أن الأمن حريص كل الحرص على أن يتعاطى مع الأزمة بكل دقة وحذر وتأنٍ في حين أن الإعلام يهدف إلى «السبق والاستعجال بالنشر».
ثانياً: أن الإعلام لا يكتفي بالتصريحات الرسمية للجهات الأمنية ولكنه يحاول تصيد الأخبار من مصادر أخرى ذات صلة بالأمن، ثالثاً الأمن يحاول أن يكون متحفظاً إلى درجة كبيرة من السرية على المعلومات قبل نشرها، رابعاً ينقسم الإعلام إلى قسمين إعلامي إيجابي وآخر سلبي في التعامل مع الأزمة في حين أن الأمن يبقى جهة بين جهتين متضاربتين في تصدير الخبر، وخامساً: بوجود إعلام التواصل الاجتماعي أصبحت المسألة أكثر تعقيداً حيث إن الخبر «يفلت» من السيطرة عليه والتحكم فيه.
وبين معاليه أن الأمن يريد من وسائل الإعلام خلال الأزمة عدة أمور تتمثل في: عدم نشر أي معلومات إلا من خلال ما تصرح به الجهات الأمنية، وما يدلي به المتحدث الرسمي المُكلف بالحديث عن تلك الأزمة، والأمانة في نقل المعلومات التي يُدلى بها وعدم تفسيرها بأكثر مما تحتمل، ألا تكون الشفافية على حساب «الأسرار» الشخصية أو العائلية التي تكون قد حدثت للضحية أو ذات الصلة بأسرار أمن الدولة فالمصلحة العليا تعلو ولا يعلى عليها، والمصلحة الشخصية لها حقها من الصون الرعاية.
من جانبه، تحدث اللواء أ.د فهد أحمد الشعلان عن إدارة الأزمات من المنظور الإعلامي، مؤكداً أن الأزمات لا يمكن التنبؤ بها من قبل الدول لذلك يجب عليها الاستعداد دائماً لإمكانية وقوع أزمة ومواجهتها بطريقة علمية وإدارية.
وقدم اللواء الشعلان شرحاً حول مفهوم الأزمة، مبيناً أنها عبارة عن «حالة وتوتر تتطلب قراراً ينتج عنه مواقف جديدة سلبية كانت أو إيجابية تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة».
ومن جانبها، أكدت الدكتورة هيفاء أبو غزالة أن الدول العربية تواجه العديد من الصراعات والأزمات التي تهدد الأمن القومي للدول العربية لذلك يتطلب العمل الجماعي لمواجهة الأزمات المختلفة في مختلف مراحلها.
وبدوره، قدم محمد التونسي شرحاً حول تناول وسائل الإعلام للأزمات، مقدماً مقارنة عن تعامل وسائل الإعلام مع أزمة عام 1990 فيما يتعلق بالغزو العراقي للكويت وتبعاتها والأزمة الحالية المتعلقة بمقاطعة قطر.