“جمهورية مصر العربية تتصدر المشاركات بنسبة 23 بالمئة”
لا تزال مبادرة “صناع الأمل” الهادفة إلى تسليط الضوء على مشاريع وبرامج إنسانية واجتماعية وثقافية وبيئية تروم نشر الأمل وتحسين الحياة في المجتمعات المعنية تستقطب آلاف المشاركات من مختلف أنحاء الوطن العربي، حيث تخطى عدد المشاركات خلال أسبوعين فقط من إطلاق المبادرة أكثر من خمسين ألف طلب، سواء من خلال ترشيح أصحاب هذه المبادرات أنفسهم أو من خلال ترشيح آخرين لهم، واجدين فيها فرصةً للكشف عن جنود مجهولين في عالمنا العربي، سلاحهم غرس بذار الأمل في بيئاتهم وتبني قضايا اجتماعية أو تربوية أو صحية أو تثقيفية أو إنسانية بهدف مساعدة الناس والتخفيف من معاناة الفئات المهمشة في مجتمعاتهم أو معالجة المرضى المحتاجين.
وحتى اللحظة، بلغ إجمالي عدد المشاركات والترشيحات في مبادرة “صناع الأمل” نحو 52 ألفاً، حيث تصدرت جمهورية مصر قائمة الدولة العربية من حيث حجم المشاركة، منتزعة نحو 23% من إجمالي قصص الأمل، في حين احتلت المملكة العربية السعودية المركز الثاني في عدد المشاركات بمعدل 16% في المئة، تلتها دولة الإمارات في الترتيب الثالث بنسبة 12%.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد أطلق مبادرة “صنّاع الأمل” مطلع الشهر الجاري، كأكبر مبادرة عربية من نوعها تسعى إلى تكريم المشاريع والبرامج، ذات الطابع التطوعي والإنساني والخيري والخدمي، إلى جانب المبادرات الصحية والتربوية والتثقيفية التي تسعى إلى مساعدة فئات بعينها من الناس، وصناعة الأمل ونشر التفاؤل والإيجابية.
ويستقبل الموقع الرسمي للمبادرة المئات من طلبات الترشيح يومياً، سواء من أشخاص أو من مؤسسات، وسط حرص عدد كبير من على مشاركة قصص إنسانية مؤثرة وملهمة عبر مشاريع ومبادرات يسعى أصحابها من خلالها إلى صنع فرق في مجتمعاتهم والمساهمة في معالجة بعض التحديات إيماناً منهم بأن أي فرق إيجابي، مهما كان صغيراً، من شأنه أن يحدث تغييراً، وهذا التغيير سرعان ما سيغدو تراكمياً ليشمل تأثيره قطاعاً متزايداً من الناس. من المشاريع التي تلقتها مبادرة “صناع الأمل” على موقعها الإلكتروني مبادرات إنسانية لعلاج بعض الأمراض وحلول مبتكرة لتوفير أطراف صناعية بكلفة متدنية أو مجاناً للمحتاجين وتخضير الأراضي وتجميل المدن للمساهمة في القضاء على التلوث البصري بجهود تطوعية مميزة ومبادرات لإيواء أطفال الشوارع وحمايتهم من الاستغلال، وبرامج لتعليم الطلبة المحتاجين واللاجئين وأخرى لإيواء اليتامى ومئات المبادرات والبرامج الأخرى التي تسهم في اتساع رقعة الأمل في عالمنا العربي.
هذا ومنذ إطلاقها، نجحت “صناع الأمل” في خلق تفاعل شعبي وإعلامي كبير، خصوصاً لجهة الطريقة التي تم فيها الإعلان عن المبادرة الرائدة من نوعها، حيث نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد نشر على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً مبتكراً لوظيفة شروطها أن يتقن المتقدم مهارات البذل وخدمة الناس وأن يكون إيجابياً ومؤمناً بطاقات من حوله من أبناء الوطن العربي، وأن تكون لديه خبرة تتمثل في قيامه بمبادرة مجتمعية واحدة على الأقل، وذلك نظير مكافأة قيمتها مليون درهم إماراتي، علماً بأن التقدم لوظيفة “صانع الأمل” متاح لأي شخص من سن 5 إلى 95 عاماً.
تندرج مبادرة “صُنّاع الأمل” تحت مظلة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، حيث تترجم أهداف “عام الخير” بناء على إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، العام 2017 عاماً للخير، ورؤية محمد بن راشد كقائد يتبنى فلسفة صنع الأمل وبث الإيجابية ونشر التفاؤل وتكريس قيم العطاء في وطننا العربي، خاصة وسط الأجيال الشابة التي تمتلك طاقات كبيرة يمكن أن تفيد دولها بما تملكه من خبرات ومهارات ومواهب استثنائية. وتهدف “صناع الأمل” إلى تكريم أهل الخير وناشري الأمل أينما كانوا في العالم العربي، ممن يحرصون من خلال جهودهم الفردية أو ضمن عمل مؤسسي تطوعي أو محدود الدعم إلى مساعدة مجتمعاتهم وبيئاتهم كي تكون أفضل وأجمل وأرقى، والاحتفاء بهم، خاصة وأن معظمهم يعملون بعيداً عن وسائل الإعلام وضمن إمكانات مادية محدودة، وبعضهم بتمويل ذاتي، لصنع فرق إيجابي في حياة من حولهم.
ولا يزال التقدم لجائزة “صناع الأمل” مفتوحاً من خلال تلقي الترشيحات والطلبات حتى الثالث من إبريل المقبل، وذلك على الموقع الإلكتروني للمبادرة: www.ArabHopeMakers.com، مع تدعيم الطلب بالصور والفيديوهات وكل المعلومات ذات الصلة بتجربة صانع الأمل، علماً بأنه يحق لصانع الأمل أن يرشح نفسه أو يمكن لآخرين أن يرشحوه. وسوف تتم مراجعة كافة الترشيحات ودراستها وفرزها والتحقق من المعطيات من قبل لجنة تحكيم مختصة، ومن ثم اختيار الترشيحات النهائية، على أن يساهم الجمهور مع لجنة التحكيم في اختيار الفائز النهائي، الذي سيتم الإعلان عنه في حفل كبير يُقام في دبي.
مختارات من قصص الأمل لصناع الأمل في العالم العربي
منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري، نجحت مبادرة “صناع الأمل” في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة “صناع الأمل” أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.
سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.
القصة الأولى:
صناعة الأمل بتقنية مبتكرة على طريقة بلال اسماعيل وفريقه
“بيونيك ليمبس”.. أن تمد يداً حقيقيةً لمن يحتاجها
بدأ بلال اسماعيل صناعة الأمل من سؤال: كيف تجعل شيئاً مكلفاً جداً وغير متوفر متاحاً لكل من يرغب وبسعر معقول جداً؟
قد يكون السؤال عادياً، لكن الإجابة عنه تكشف شغف صاحبه بصناعة فرق كبير في حياة الناس والمجتمع.
بلال مهندس معدات طبية، شارك في تأسيس شركة “بيونيك ليمبس” في القاهرة لتصميم وصناعة الأطراف الصناعية، مدفوعاً في الأساس بهاجس أساسي: إحداث تغيير جوهري في حياة فئة من الناس وبأقل قدر من التكلفة. انضم له مجموعة من الشباب الطموحين الذين قاسموه الحلم والرغبة في إحداث فرق، وذلك من خلال تصميم وصناعة أطراف صناعية تعويضية غير مكلفة والأهم أنها عملية، ومتينة، وسهلة الاستخدام والحركة. هذه الأطراف المبتكرة تستهدف بالدرجة الأولى العمال الذين يتعرضون لحوادث وإصابات عمل قد تتسبب في بتر أطرافهم، ولا يملكون كلفة تركيب طرف صناعي. مثل هذه الحوادث قد لا تقعدهم عن العمل فقط، وإنما قد تجعلهم يقضون ما تبقى من حياتهم عاجزين عن القيام بأي عمل أو نشاط بديل، بالنظر إلى الكلفة العالية للأطراف الصناعية التقليدية المتوفرة حالياً في سوق المعدات الطبية.
مؤخراً، بدأ فريق بلال في “بيونيك ليمبس” بتصميم يد صناعية متطورة الحركة من خلال تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي لا تحتاج إلى إلكترونيات. وحرصاً من الفريق على الوصول إلى أكبر عدد من ذوي الإعاقة، تم تحويل المشروع إلى “مصدر مفتوح” Open source، بحيث يستطيع المستخدم تحميل التصميم وطباعته بنفسه أو الاستعانة بفريق “بيونيك ليمبس” للقيام بذلك.
يتطلع بلال وفريقه في “بيونيك ليمبس” إلى إيصال منتجهم مجاناً لكل شخص يحتاج إليه في العالم، مع التركيز على قارة أفريقيا التي تسجل فيها نحو 80% من الإصابات التي تتسبب في فقدان أطراف الجسم. لكن ثمة عقبة تحول دون تطوير المنتج وتوسيع دائرة الاستفادة منه، تتمثَّل في توفّر التمويل الكافي، فحتى الآن يعتمد المشروع على التمويل الخاص ما يحدّ من آفاقه.
أما الحلم الأكبر بالنسبة لبلال، فهو إقامة مؤسسات صغيرة في المدن والقرى بحيث يتم تدريب عدد من العاملين فيها على أخذ مقاسات الأطراف بدقة واستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد. لتكون هذه الأطراف متاحة لمن يحتاجها.
يقول بلال في هذا الخصوص: “نؤمن بالحكمة القائلة إنه إذا أعطيت رجلا سمكة فسوف تسدّ جوعه ليوم، أما إذا علّمته كيف يصطاد فسوف تطعمه مدى الحياة”. وعليه، فإن الأمل الذي يصنعه فريق “بيونيك ليمبس” أوقع أثراً، وحتماً يصنع فرقاً يدوم أطول، ليس لأنهم يساعدون الآخرين في الحصول على أطراف بديلة فقط، وإنما لأنهم يساعدون الناس في المجتمعات الأقل حظاً على العمل، فيخدمون أنفسهم ويخدمون غيرهم.
القصة الثانية:
تحويل بعض الجدران في الكويت إلى لوحات فنية نابضة بالجمال
فريق “جداريات” التطوعي ينشر رسالة الأمل بالألوان
الصدفة كانت وراء تأسيس “جداريات”، كفريق تطوعي هدفه نشر الجمال. كان سليمان الروضان في طريقه لحضور اجتماع عمل في أحد المباني الحكومية في الكويت، حين لاحظ عبارات غير لائقة على المبنى التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث التقط عدة صور للجدار المشوّه ونشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لمشاركة الناس آراءهم بهذه الظاهرة، فتواصلت معه وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية هند الصبيح بهذا الخصوص للتحقق من الموضوع، واقترحت عليه أن يؤسس فريقاً تطوعياً يتألف من شباب موهوبين بالرسم على الجدران لتزيين المبنى ومبانٍ أخرى، وهذا ما حصل.
انطلق فريق “جداريات” التطوعي في شهر يناير 2016، بهدف تزيين الجدران المهملة والمُساء استغلالها وتقليل التلوث البصري في بيئة الكويت العمرانية وإضافة قيمة جمالية إلى الأماكن العامة، بالإضافة إلى تشجيع الإبداع والفن وتشجيع الشباب للانخراط في هذا النشاط الإبداعي، وإتاحة الفرصة للشباب لممارسة هواياتهم وإبراز مواهبهم وإبداعاتهم الفنية.
مشاريع عدة نفذها فريق “جداريات” من خلال مجموعة من الفنانين الموهوبين الذين يعملون تطوعاً دون مقابل، إيماناً منهم برسالة العمل كقيمة تعزز مكانة دولتهم الحضارية، عبر لوحات تحول شيء مسيء إلى قيمة جمالية.
لا يهدف مشروع “جداريات” إلى تكريس قيم الجمال في المدن الحديثة فقط، وإنما تعزيز ثقافة العمل التطوعي والمساهمة في تحسين البيئة وتجميلها على نحو يجعل المجتمع مكاناً لحياة أجمل وأرقى.
حتى اللحظة، نجح فريق “جداريات” في تنفيذ عدة مشاريع أحالت العديد من المباني في الكويت إلى لوحات نابضة بالجمال، وبعضها أصبحت علامات فارقة، وسط تشجيع عدد كبير من الناس ودعمه لعمل الفريق، مع إعراب عدد كبير من الشباب عن رغبتهم في المشاركة في المشروع، سواء أكانوا فنانين محترفين أو هواة أو حتى أشخاص عاديين يمكن أن يشاركوا في أعمال الصباغة الأولية.
يطمح “جداريات” إلى أن يضع بصمته في كل مكان وكل جدار، مدفوعاً بشغف كبير لنشر رسالة الجمال… فالجمال وجه آخر للأمل والسعادة، وصناعة الجمال هي بوجه من الأوجه صناعة الأمل.
القصة الثالثة:
كيف ألهم طفل نائم في الشارع فكرة المبادرة؟
“طفل بارع مش طفل شارع”.. حملة في الاسكندرية لدمج أطفال الشوارع في المجتمع
لم يكن أحمد ليتخيل أن حياته سوف تتغير بسبب حادثة وقعت صدفة في يوم شتائي قبل نحو أربع سنوات؛ ففي ذلك اليوم وبينما كان في محطة القطار في طريقه للسفر، وقعت عينه على طفل نائم في الشارع، شبه عارٍ، وقد انكمش على نفسه، في الوقت الذي كان فيه أحمد يرتعش من البرد رغم تدثّره بملابس ثقيلة. يعترف أحمد أنه شعر بالخجل والعجز، ولم يستطع أن ينفض صورة الطفل من رأسه فقرر أن يقوم بشيء من أجله ومن أجل زملائه من أطفال الشوارع.
بمساعدة مجموعة متحمسة من الشباب في الإسكندرية، أطلق أحمد مبادرة “طفل بارع مش طفل شارع”، حيث تهدف إلى مساعدة “أطفال الشوارع”، وإعادة دمج الأطفال المعرضين للخطر في المجتمع، حيث تشمل المبادرة كل الأطفال الموجودين في الشارع طول اليوم، سواء أكانوا أطفالاً عاملين، وغالباً في مهن تستغلهم أبشع استغلال، أو أطفالاً لا مأوى لهم.
أدرك أحمد ورفاقه في المبادرة أن أهم خطوة لدمج هؤلاء الأطفال ومساعدتهم على تغيير واقعهم هي من خلال تعليمهم القراءة والكتابة، إذ كان معظم هؤلاء الأطفال أميين. كما تسعى المبادرة إلى تنمية مواهب الأطفال وصقل مهاراتهم، والعمل من خلال حملات منظمة على تغيير صورة المجتمع النمطية إزاء هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للنبذ والإهمال والمعاملة القاسية.
يؤكد القائمون على مبادرة “طفل بارع مش طفل شارع” أن مساعدة الأطفال على إخراج طاقاتهم المكبوتة وتوفير البيئة المناسبة التي تساعدهم على العطاء والإبداع كي يفيدوا مجتمعهم من شأنه أن يحميهم من تبعات الشارع وتأثيراته السلبية، كما قد ينجيهم من الوقوع في فخاخ الانحراف أو الانخراط في الجريمة.
وتنظم “طفل بارع مش طفل شارع” برنامجاً تأهيلياً للأطفال ضمن إمكانات بسيطة جداً، حيث يعتمد هذا البرنامج بالدرجة الأولى على تنمية مهارات ومواهب الأطفال الذين يتمتع عدد كبير منهم بالذكاء مظهرين براعة وسرعة كبيرة في التعلم. وتعلِّم المبادرة الأطفال في البداية القراءة والكتابة في الفترة الصباحية، في إحدى دور الرعاية، كما يتم تقديم ملابس ووجبات طعام لهم لتوفير بيئة مريحة. كذلك، يشمل برنامج المبادرة تنظيم عدد من الأنشطة الفنية والترفيهية التي تساعد الأطفال على استعراض مواهبهم وإبراز طاقاتهم.
لكن أحمد وزملاءه من صناع الأمل يطمحون إلى توسيع دائرة نشر الأمل، حيث يتطلعون إلى إنشاء مؤسسة كبيرة لها فروع في كل محافظات مصر لرعاية أطفال الشوارع وإعادة تأهيلهم سلوكياً، وتوعية المجتمع بحقوق هؤلاء الأطفال المعرضين لكل أنواع الخطر في الشارع، وتوضيح الأسلوب الأمثل للتعامل معهم، والعمل على معالجة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة “أطفال الشوارع” ووضع الحلول للقضاء على هذه الظاهرة تماماً.
اصنع أملاً… اصنع فرقاً