يحكى أن فتاة كانت تعيش حياة بسيطة وهادئة وجميلة ، قضت طفولة رائعة مثلها مثل أي طفلة.
تلعب هنا ، وترقص هناك ، وتغامر في ذاك المكان ، وتجري إلى ذاك المكان …
محبوبة بين أصحابها ومعلميها وزميلاتها ، لا تتردد بالمساعدة أبداً ، روح الإيثار ما يميزها عن بقيتها …
ما إن يطلب منها طلب ، إلا ولبته بالحال ، حتى وهي على كرسي الدراسة ، إيثارها لا يتوقف …
تدخل المعلمة وتسأل ؛ من قام بهذا العمل ، الذي ستعاقب عليه الطالبة ، فتقول وبحب : أنا ؟! ويتم معاقبتها وهي لم تقم به أصلاً ، ظناً منها أنها تساعد صديقتها ، وهذا سيزيد من رصيد حبها ومكانتهاعند تلك الصديقة التي أبت أن تعترف بخطأها ، وراق لها ذلك الموقف ، وأكتفت بالصمت …
تكبر تلك الطفلة ، وتكبر عواطفها معها حباً وإجلالاً لمن هم بحياتها ، تساعد هذه وتقف مع تلك …
تعبت إحدى زميلاتها مما أدى إلى دخولها المستشفى ، وكالعادة ، روح الإيثار تتفجر لديها وتقول لذويها ، أنا سأكون معها ولا تخشون شيئاً ..
وفي ذاك اليوم وفي ميدان العمل ، طلبت الإدارة من موظفيها مشروع يبرز تلك المؤسسة ، طلبت منها إحدى زميلات العمل مساعدتها ببعض الأفكار ، ولم تتردد تلك الفتاة وهي بالحقيقة طفلة بالداخل ، قامت بوضع خطة جميلة وأفكار خيالية ، مما أدى إلى نجاح المشروع وحصوله على المركز الأول ، فرحة الفتاة بنجاح صديقتها ، وصدمت بنفس الوقت .
نعم ؛ صدمت لأنه تم تكريمها ولم تذكر أسمها معها ، لا يهم يا صديقتي أو بمن ظننتك يوماً صديقتي ، لا تذكري أسمي بالملاء ، يكفيني منك بسرد كلمة أو وردة تشكريني بها بيني وبينك لأشعر بوجودي .
وفي يوم من الأيام ظنت تلك الفتاة منها ، أنها تعيش قصة حب جميلة ، هكذا ما كانت تظن ، تلتمس لمحبوبها الف عذر عند تقصيره لها ، ولم تتوقع يوماً ، ما هو إلا كمثل البقية ، تراه يوماً عاشقاً ويوماً كارهاً .
كانت تتحمل الكثير من أجلهم ، ولكي لا تخسرهم .
ظنت من نفسها ، هذا هو الحب الحقيقي ، إيثار وتضحية ، ونست وتناست نفسها من ذلك .
توقفت قليلاً ، وأخذت نفس عميييييق جداً ، وأسترجعت شريطا بذاكرتها ، منذ طفولتها ، لهذه اللحظة ، وسألت نفسها ، أين أنا من هذا كله ؟!!!
هنا فقط ؛ صرخت بأعلى صوتها وعند البحر ، أنفضي غبار الماضي ، لا تعيشي من أجل غيرك ، بل لذاتك ، أين أنتِ من هذا كله ؟! ماذا فعلتِ بنفسكِ ؟ أهذه هي الصداقة التي تحلمين بها؟! أهذا الحب الذي سمعتي عنه ؟ ورضيتيه لنفسك ؟!!!!
لااا وألف لااااا ، لن أعيش بذاك العالم ، ولن أرضخ لأحد من بعد هذا اليوم ، أنفضي ذاك الغبار الذي ظننتيه يوماً شيئاً جميلاً ، فأنتِ تستحقين الجمال والحياة .
أنطلقي إلى عالمك الجميل ، أجعلي عامك ليس له شبيه ، عام الحب والخير .
أبدئي بنفسك ، ومن ثم ذويك ، وبعدها الآخرون .
أخرجي من ذاك المستنقع ، فهو ليس لك ، أنهضي بنفسك وأنطلقي إلى الحياة وبكل حب .
أنا اليوم والآن ومن هنا ، وليدة اللحظة ، لن أكون بذاك الرداء مطلقاً ، سأرتدي أجمل وأزهى وأنظف الأثواب التي تليق بي أنا ، فذاتي تستحق الكثير من الحب والإهتمام ، وها أنا الآن بحلتي الجديدة ، ولن أرضخ لماضي ظننته حياتي ، بل كان رمادي .
عالمي جميل ، عالمي يعتني بي ، هذه هي نيتي .
بقلم: خولة الطنيجي – ( الإمارات )