هنأ مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، صاحب السمو الشيـخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وشعب دولة الإمارات، وجميع الشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة شهر رمضان المبارك. ودعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة المباركة على شعب دولة الإمارات بالخير والنماء في ظل قيادته الرشيدة، وعلى الأمتين العربية والإسلامية بدوام التقدم.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «أن دولة الإمارات تستمر، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في إرساء مفهوم التسامح الذي أسس قواعده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليس على الصعيد المحلي فحسب، فالتسامح قيمة من قيم أجدادنا وآبائنا المؤسسين، ونجحت دولة الإمارات في نشره في ربوع المنطقة العربية والعالم».
جاء ذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد مساء أمس في قصر الرئاسة، وذلك بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، حيث اعتمد المجلس البرنامج الوطني للتسامح الذي عرضته معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح.
ودوّن سموه عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «هدفنا أن نحمي مجتمعنا من رياح التعصب والكراهية التي تعصف بالكثير من المجتمعات حولنا، وأن نرسّخ نموذجاً يمكن أن تستفيد منه منطقتنا».
وقال سموه: «شهر رمضان فرصة لنشر روح التسامح، وإظهار الصورة الحقيقية للاعتدال واحترام الآخر، فالتسامح أساس بناء المجتمعات وترابطها، ونشر قيم السلام والتعايش فيها، وفي ضوء المتغيرات من حولنا، صرنا بأمسِّ الحاجة إلى أن نكون أكثر تسامحاً وتلاحماً فيما بيننا».
وقال سموه عبر «تويتر»: «أقررنا البرنامج الوطني للتسامح في دولة الإمارات، وقدمت لنا وزيرة التسامح أهم محاور البرنامج الذي يرتكز على ديننا ودستورنا وتاريخنا وقيمنا وعلى المواثيق الدولية التي التزمنا بها».
وأضاف سموه: «ستطلق الحكومة مركزاً لدراسات التسامح وميثاقاً للتسامح والتعايش، وسنرسّخ قيمة التسامح في مجتمعنا عبر برامج وحملات، وسنحميها عبر تشريعات». وأشار سموه إلى أنه «سيكون لدينا برنامج للمسؤولية التسامحية للمؤسسات، لنبذ أي نوع من التفرقة في المؤسسات الحكومية أو الخاصة بناءً على العرق أو اللون أو الدين»، وزاد سموه: «واعتمدنا اليوم (أمس) إصدار قانون لمكافحة الإغراق، للحد من تأثير الواردات المدعومة من دولها وضمان حد أدنى للتنافسية العادلة مع منتجاتناالوطنية، واعتمدنا اللائحة التنفيذية لقانون المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف توحيد التشريعات والآليات والتسهيلات والحوافز للمواطنين من أصحاب هذه المشاريع».
وتفصيلاً، فقد استعرضت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، خلال الجلسة، من خلال البرنامج الوطني للتسامح، أسس قيم التسامح في المجتمع الإماراتي التي ترتكز على 7 أركان رئيسة بعدد إمارات الدولة، وهي: (الإسلام، الدستور الإماراتي، إرث زايد والأخلاق الإماراتية، المواثيق الدولية، الآثار والتاريخ، الفطرة الإنسانية، القيم المشتركة)، مؤكدةً أنه من خلال هذه الأسس المتينة سيواصل المجتمع الإماراتي الأصيل ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية والتعصب فكراً وتعليماً وسلوكاً.
ويأتي البرنامج الوطني للتسامح ليدعم توجه الدولة إلى تنفيذ رؤية الإمارات 2021 والأجندة الوطنية، للوصول إلى مجتمع متلاحم محافظ على هويته، ومن خلال مبادرات وبرامج وطنية هادفة سيتم إطلاقها تباعاً من خلال البرنامج، وعن طريق فرق عمل سيتم تشكيلها بالتعاون مع الجهات الرئيسة ذات العلاقة، مثل إنشاء مجلس المفكرين للتسامح، ومركز الإمارات للتسامح، إضافة إلى إطلاق برنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات، والميثاق الإماراتي في التسامح والتعايش والسلام.
وسيعمل البرنامج الوطني للتسامح ضمن خمسة محاور رئيسة، ترتكز على: تعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح، وترسيخ دور الأسرة المترابطة في بناء المجتمع، وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف، وإثراء المحتوى العلمي والثقافي، والإسهام في الجهود الدولية لتعزيز التسامح، وإبراز الدور الرائد للدولة في هذا المجال.
ويتضمن البرنامج الوطني للتسامح العديد من المبادرات، منها مبادرة «صوت التسامح» التي تقوم عن اختيار أفراد من مختلف شرائح المجتمع لنشر قيم التسامح ونبذ العنصرية والكراهية، وذلك من خلال عدد من الأنشطة والفعاليات الهادفة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الاتصال المتاحة، وبالشراكة مع وسائل الإعلام المختلفة.
كذلك تضمنت المبادرات إنشاء مجلس المفكرين للتسامح الذي سيضم الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى نخبة من أهل العلم والخبرة والفكر والاختصاص الذين سيعملون على الإسهام في وضع السياسات والاستراتيجيات التي تعزز التسامح واحترام التعددية الثقافية وتنبذ العصبية والكراهية والتطرف، فضلاً عن دور المجلس في تقديم المبادرات التي ستعزز التسامح وتنشر قيمه ومبادئه محلياً وإقليمياً ودولياً.
ومن ضمن المبادرات أيضاً برنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات الذي يعد البرنامج الأول على مستوى العالم، ويهدف إلى نشر قيم التسامح في الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وذلك من خلال الالتزام بمعايير ومؤشرات محددة تعزز التسامح والتعايش وتروج له، وتنبذ الكراهية والعنصرية والتفرقة على أساس الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو العرق.
كما سيتم إطلاق الميثاق الإماراتي في التسامح والتعايش والسلام، وهو بمنزلة مجموعة من المواثيق المرتبطة بالمواطن والمقيم والمعلم والطالب والموظف التي تهدف إلى تعزيز التسامح والتعايش وقبول الآخر واحترام التنوع الثقافي، ونبذ العنف والتطرف والعنصرية، إضافة إلى إنشاء مركز الإمارات للتسامح الذي سيعنى بإعداد الدراسات والبحوث المختصة التي ترتكز على تأصيل وتعزيز التسامح واحترام الآخرين وضمان استمراريته في المجتمع، بالتوازي مع رصد كل أشكال العصبية والكراهية والتطرف وعدم قبول الآخر، فضلاً عن دور المركز في توفير المحتوى العلمي والثقافي حول التسامح وأفضل ممارسته في حياتنا اليومية.
وفي سياق أجندة الاجتماع، وافق مجلس الوزراء على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014 بشأن المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الهادفة إلى تنظيم وتطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال الوطنية، كما وافق المجلس على التعريف الموحد للمشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهو أحد مرتكزات القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014، حيث تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز تنافسية قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة للدولة، والبدء في تطبيق منظومة متكاملة من حيث التشريعات والآليات والتسهيلات والحوافز للمواطنين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويعد «التعريف الموحد» التعريف الأول والمعتمد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة رسمياً على المستوى الاتحادي، وسوف يسهم وجود التعريف في تبني العديد من الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص السياسات والإجراءات التي تواكب صدور التعريف، وتسرع من تقديم الخدمات، وبناء قاعدة بيانات دقيقة ومتكاملة للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة بالدولة.
كما وافق المجلس في الشؤون التشريعية على استكمال إجراءات إصدار القانون الاتحادي لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية الذي يستهدف الحدّ من التأثيرات السلبية للواردات المغرقة والمدعومة في الصناعات الوطنية، بما يساعدها على مزيد من الاستثمار والنمو، وتطوير قدراتها التنافسية، وضمان الحدّ الأدنى من المنافسة العادلة مع المنتجات المستوردة.
وعلى صعيد الشؤون التنظيمية، وافق المجلس على إعادة تشكيل المجلس الصحي، برئاسة معالي عبد الرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع.
كما وافق المجلس على إعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة الإمارات العامة للنقل والخدمات (مواصلات الإمارات) برئاسة معالي حسين إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، كما وافق على تعيين معالي عبد الرحمن بن محمد العويس رئيساً للهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية. وفي الشؤون الحكومية، وافق المجلس على طلب المجلس الوطني الاتحادي مناقشة موضوع سياسة وزارة التربية والتعليم.
وفي العلاقات الدولية، اعتمد المجلس إنشاء سفارة للدولة في جمهورية غانا في العاصمة أكرا، وصادق المجلس ووقع على عدد من الاتفاقيات، منها 3 اتفاقيات بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب على الدخل مع كل من حكومة جمهورية مقدونيا، وحكومة جمهورية القمر المتحدة، وحكومة بيليز، كما شملت الاتفاقيات المصادقة على اتفاقيتين مع كل من حكومة بيليز ومجلس وزراء جمهورية ألبانيا للتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، إلى جانب اتفاقيتين بشأن خدمات النقل الجوي مع كل من جمهورية مدغشقر وحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية.
كما صادق المجلس على وثيقة انضمام الدولة إلى معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو ذوي الإعاقة البصرية في قراءة المطبوعات، وانضمام الدولة إلى برتوكول عام 1988 للاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 وتعديلاتها، وانضمام الدولة إلى بروتوكول عام 1988 للاتفاقية الدولية لخطوط الشحن للسفن لعام 1966، ويأتي ذلك في إطار حرص الدولة على تعزيز مكانتها الدولية ودعم علاقات الصداقة مع دول العالم.