|  آخر تحديث أبريل 9, 2016 , 15:26 م

غرّة رجب بمكالمة المجهولة


بقلم الكاتب: أحمد إبراهيم ( الإمارات )

غرّة رجب بمكالمة المجهولة



العجب كل العجب أنّ المجهولة إتصلت بي ليلة غرة رجب.! ..

تدعوني إليها على غير معرفة سابقة سوى معرفة القلم (كما تدّعي..!)

دعتني على أثر قصيدةٍ كنت قد نشرتها قبله بيوم بمناجاة افتراضية (أياعماه..!) مقاطعها لاتدعو الى دمج إتجاه الحاضر بالماضي، بل إحلال الإصلاح في الإتجاهين:

 

أيا عماه

بتاريخ : 1975/12/28

image002

 

يشرفني خطبتها كريمتكمْ

أتعطوننا وعداً

أتينا الله داعينا,,!

…………………

فإن وافقت يا عماه,!

المهر نفصّله

وخير البرِّ عاجله

ونحن البرَّ راجينا,,!

……………………

فقال تشرفنا ياولدي

نعم الأهل من ربّاك

وأنت الخير يُمناك

والعلم يُسراك

وإن(العلم)يغنينا.

…………………

أنسى المهر ياولدي

ولاتسأل, فإنا نشتري

رجلاً بالعلم,

وليس المال يعنينا,,!

………………………

ولكن العرف ياولدي,!

وإن العرف

يحميكم ويحمينا,,!

……………………

مليونٌ مقدّمها

ونصفُ مليونٍ مؤخّرها

وضع في البنك للتأمين

تسعيناً وتسعينا,,!

……………………

وفلة فاخرة بإسم إبنتنا

وملبوسا وفستاناً

من أحلى الفساتينا,,!

……………

وأمّا العرس يا ولدي.!

بشييييراتوووون”,..

فبنتي لاتقل شأنا

من سعادٍبنت خالتها,..

وهندٍبنت عمتها,..

ولاجــارتها بنت شيرينا,,!

……………………..

فإن وافقت,؟

باركناك ..

وقل اللهم آمينا.،!

………………….

فقلت حمّضها ياعماه وخلّلها,

وأربطها بنخل الحوش في بيتك,

وازرع حولها

زيتوناً وطينا,,!

………………………………

ورجّعها لباب البيت ياعمّاه,

يرموها شباب السيايير

شرايط “أحبج

بالدّرازينا,,!

……………………………

وألعن أبوجدك,

وأبوبنتك يعمــّاه,

ويابن الــــ

أبوبنت الملاعينا

تقول المجهولة المتصّلة:

“تعال، إني وجدت عمّك الحقيقي(الموجود) في الميدان، لا الإفتراضي(المفقود) في القصيدة..!

 

وأردفت تقول ببرودٍ وإزدراء:
إنه أبي الظالم يا الكاتب العظيم،! .. يامن كفاكَ كتابةً لمن تُرثيها بحرقة إفتراضية، .. تعال إطفأ الحريق الحقيقي .. تعال إمسح دموعي الحقيقية، ..  فأنا تلك النخلة المُخلّلة المنصوبة بفناء البيت (التي وصفتها خيالاً بقلمك الجارح وأنا الواقع..!) .. تعال بمنديلٍ تمسح به دموعي، لا بقلمٍ تُدمي به جروحي … لأني أحب دائماً أن أمسح دمعة المحزون قبل أن تسقط على خديه، ولعله لأني دائما بدموع الأحزان..!

 

تعال إلى صديقةٍ لك لا تخون..!”

من تكون هذه,؟!
تُرى هل كان قُدّر عليَّ أن أحمل القلم لأبكي يوما إمرأة لاأعرفها لاتعرفني؟!
كدت أذهب إليها والشفق يضرم ناره لهيبًا هنا، وأنوارًا هناك, .. ألوانًا هنا وأحزاناً هناك…!!

تُرى من هذه المجهولة؟!
وأية نفس لا ترتعش إغتباطًا على المكالمات المجهولة.؟!

خاصةً من مدينتي، حيث أبرع جمالاً وتشويقا عن أي قطر آخر أو مدينة أخرى, وخاصةً إذا كنت ممن يسترقّ السمع للمكالمات، وأنت مدمنُ التعارف للشعوب والقبائل، وخبير اللهجات تُميّزها بحنكة من المحلية ثم الخليجية, ثم العربية وثم الأجنبية, وما أكثرها تلك اللهجات مُكدّسةً على بعضها هنا في (دبي) العامرة, حفظها الله ورعاتها العظام بأبنائها وضيوفها الكرام..!

كدت أدخل سيارتي خلسة كطير الليل دون أن تشعر زوجتي ,! .. ورغم أني لا أخرج بمثل هذا الوقت من بهيم الليل, في مثل هذه المرحلة من خريف العمر.

لكن مساء إليوم يُلهيني بما يؤيني من جديد من غريب.!
سأجتمع بشخص غريب! .. أسمع صوتها للمرة الأولى, .. ونحن بطبعنا نميل إلى الغريب, ونميل عن الغريب في آن واحد.!
وبعد تردد قصير، إتصلت بنفس الرقم, لأطرح عليها سيلا من الأسئلة:
ترى لوجئتك الآن ..!

هل يتفاهم الروحان بلغة الروح، تختلف عن لغة الشفاه.؟
أم نحن إذا التقينا، تدور بنا عقارب الساعة للوراء، يلوم ويعاتب كل منا الآخر، ليجزم بأننا لسنا من وطن واحد, ولم نلبس ثوبا وطنيا موحدا فلن.؟!
ونجزم أننا بمزاجين مختلفين بينهما(هوّةٌ) لا يزيدها هذا اللقاء إلا تباعداً ونفوراً,,؟!

لم ترد على أسئلتي، ولا حتّى على سؤال واحد.!

فأدركت الأجوبة عنها جميعًا تنحصر في النظرة الأولى التي يتبادلها الغريبان (عادةً) في اللقاء الأول، رجلين كانا أو إمرأتين, أو رجلاً وإمرأة…!!
وتلك النظرة تسفر دائمًا عن عاطفتين لاثالث لهما، إما (إنجذاب) وإما (تقلّص)  .. والإنجذاب ميلٌ والتقلص نفور.!

وتعمدت التظاهر بالتفكير بصوت غاضب ومسموع وبلهجة محلّية: (من وين جبتي رقمي؟ ومن متى  تعرفيني..؟!)

فتح الباب في وجهي فجأةً، وكان قد تزركش رداء الليل, اذ تلوح لي بين الشبابيك بعض الغيوم وبعض النجوم والكواكب, .. فتح الباب بعنف، ودخلت المجهولة المتحدثة بالجوال لتحدثني وجها لوجه .. وماكانت تلك المجهولة إلا…..

زوجتي تستخدم شريحة جديدة برقم جديد, أرادت أن تتأكد من تأهّل زوجها لعضوية النادي الجديد: ( نادي الشوّاب والمراهقون..!)

فقالت لي بسخريةٍ: “أنت غيرمؤهل  لأندية المراهقين وحسب, بل تستحق فيها كرسي الرئاسة..!)

وغادرت الغرفة ولم تعد إلى الآن.. 🙁


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com