أولت الإمارات منذ تأسيسها اهتماماً خاصاً بأوضاع المرأة ومتطلبات النهوض بها وتمكينها وزيادة مشاركتها في مختلف المجالات في المجتمع، انطلاقاً من قناعتها بأن المرأة متساوية مع الرجل في كافة الحقوق والواجبات وشريك فاعل في عملية التنمية المستدامة للدولة، ما أهلها لتكون في مقدمة دول العالم احتراماً لحقوقها في عملها وأمومتها وحقوقها في التعليم، ووفقاً للبيانات الإحصائية تمثل النساء نحو 32.4% من إجمالي عدد السكان على مستوى الدولة، في حين تشكل النساء الإماراتيات نحو 49% من إجمالي عدد المواطنين في الدولة وتتأثر النسبة على المستوى الإجمالي للدولة بطبيعة تركيبة السكان، والتي تأثرت بشكل كبير بالحجم المتزايد لنسبة الذكور الوافدين لأغراض العمل خاصة في السنوات الأخيرة.
وتعد الإمارات من أعلى النسب عالمياً في تعليم الإناث، حيث تتجاوز نسبة الطالبات 70% من عدد طلاب الجامعات، علماً أن هناك أكثر من 72 جامعة وكلية عالمية على أرض الدولة، كما تؤكد إحصائيات الأمم المتحدة أن الإمارات الأولى في الإقليم حفاظاً على حقوق المرأة، كما تفيد الإحصائيات أن عدد النساء في السلم الوظيفي في القطاعين العام والخاص قد تجاوز العشرة آلاف في المراكز القيادية للمؤسسات، ويشرفن على ميزانيات تتراوح ما بين 12 إلى 15 مليار درهم، كما يشكلن في قطاع البنوك نسبة 37% من العاملين، وأن 66% من الوظائف الحكومية تشغلها نساء.
وبلغت حصة النساء من وظائف الإدارة العليا في الشركات في الإمارات 11%، متفوقة بذلك على اليابان التي تصل فيها النسبة 7%، حسب مسح أجرته شركة «غراند ثورنتون» للأعمال الدولية، حيث أظهرت نتائج المسح الذي اعتمد على 6500 مقابلة مع قادة الأعمال في مختلف دول العالم، أن آسيا تتقدم على باقي مناطق العالم من حيث تولي النساء مناصب في الإدارة العليا، وأشارت النتائج إلى أن النساء يستحوذن على 29% من مناصب الإدارة العليا في منطقة آسيا مقابل 25% في الاتحاد الأوروبي و23% في أميركا اللاتينية و21% في أميركا الشمالية، كما كشف المسح أن المرأة تتبوأ 24% من وظائف الإدارة العليا على مستوى العالم عام 2011، مقابل 21% عام 2010، و20% عام 2009.
يأتي احتفال الإمارات بيوم المرأة العالمي، انطلاقاً من فكر فلسفي ديني وأخلاقي اجتماعي، ووعي بقيمة المرأة ودورها وقدرتها على تأنيث المكان بالحياة وبث عطر النمو في محيطها، فكر مبني على أسس علمية ويحفز المرأة على العلم والتعلم وتطوير المهارات والارتقاء بالذات، لأنها المسؤولة عن المجتمع بأكمله، فإما أن يأخذ دوره في صفوف المجتمعات الراكدة أو يبرز في دائرة التقدم والنهضة والطموح، فكر يؤكد أن المرأة والرجل معاً متناغمان يساهمان في إنجاح أي عمليات النمو الاجتماعي وعمليات التطوير التي تنير المستقبل.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «قرأنا في التاريخ قديمه وحديثه عن الكثير من العظماء ممن تخرجوا من مدرسة الأم وقرأنا أيضاً عن الكثير من النساء العظيمات اللواتي تركن بصمات لا يمحوها تقادم الزمن، المرأة العظيمة في بيتها عظيمة أيضاً في عملها، والمرأة التي تستطيع تخريج قادة كبار هي أيضاً قائدة عظيمة».
ويقول سموه أيضاً: «عندما قلت إن المرأة روح المكان، كنت أعني كل حرف قلته، فالمرأة تمتلك عاطفة جياشة وقلباً رحيماً وعقلاً ذكياً وروحاً طموحة».
ثم يضيف سموه: «نحن تجاوزنا مرحلة تمكين المرأة. فنحن نمكن المجتمع عن طريق المرأة».
ثم يؤكد سموه: «وظيفتنا توفير بيئة لإطلاق قدرات المرأة وبالمقابل أنا متأكد أنها ستصنع لنا المعجزات».
ويتابع سموه: «المرأة سر توازن الحياة، وسر جمال الكون، ومصدر المحبة والرحمة في هذا العالم».
ويتساءل سموه: «هل يستطيع أحدنا أن يحيا بغير أم أو أخت؟، وهل تملأ الرحمة البيوت بغير بنت أو زوجة؟ وهل تحلو الحياة بغير روح الحياة؟».
إن اعتزاز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالمرأة غير مسيرة التاريخ الاجتماعي، لأنه نابع من فلسفة الأدوار المتعاقبة ما بين الرجل والمرأة، وإيمان سموه بضرورة فتح جميع النوافذ والأبواب في وجهها، لا سيما وأن المرأة التي فطرت على العطاء وتحملت مسؤولية الحمل والرضاعة والتربية، جديرة أيضاً بتحمل مسؤوليات جسام والمشاركة في صنع القرار والبناء والتنمية، خاصة وأن تجربتها الأسرية وارتباطها الحميم بتفاصيل هذه التجربة، يرافقانها حتى عندما تناط بها أعظم المهمات الوظيفية، حيث تعد نفسها في بيتها ومسؤولة عن الجميع، ولا تجد غضاضة في مواجهة أعباء العمل الوظيفي وتقوم بواجبها الوطني على أكمل وجه، ما يؤكد أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام دون أن يكون للمرأة حضور وصوت، ودون أن يسعى المجتمع نفسه إلى تمكينها وتوفير بيئة مناسبة لتطور ملكاتها العقلية ومكوناتها النفسية.
بعبقرية القائد ويقين المفكر والفيلسوف وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بتناغمه الذاتي وقوة بصيرته ووعيه النافذ وتجربته الثرية الواسعة وذهنه المثقف الاستثنائي، الأساس المتين لتمكين المرأة، وحصنها من أي معوقات قد تقف في طريقها، ودمجها في شبكة العمل القيادي والإداري والثقافي والاقتصادي والسياسي، لأنه على قناعة تامة بأن بنات الإمارات بارات بتراب الوطن وجديرات بالاهتمام والدعم، ويمتلكن قدرة هائلة على استيعاب المواقف الصعبة والتعامل معها، فهو الذي يقول إن في الحكومة تشكل المرأة أكثر من 65% من إجمالي العاملين ويتقلدن 30% من مناصبها القيادية، ويقول حتى أنا شخصياً في عملي اليومي لا أستغني عن عمل المرأة، لأن 85% من فريق العمل في مكتبي هم أيضاً من بنات الوطن.
ومهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الطريق أمام المرأة لتنطلق نحو الآفاق وتحقق طموحاتها وذاتها وأهدافها معتمدة على طاقاتها الكامنة وبراعتها في قفز الحواجز في وقت قياسي، كما ضمن لها علاقة متكافئة مع الرجل وحريات مصانة، وهذا ما جعل الإماراتيات الأكثر حضوراً في القطاع الحكومي بشكل خاص، وباستعراض نتائج قائمة السيدات الأكثر تأثيراً في العالم العربي في القطاع الحكومي والشركات العائلية، التي أطلقتها مجلة «فوربس الشرق الأوسط» .
وتفوق المرأة الإماراتية لم يقف عند هذا الحد، حيث منحت جوائز الريادة العالمية 2013 التي ينظمها اتحاد تنمية القيادات الأميركي بالتعاون مع الأمانة العامة لاتحاد الغرف الخليجية و«انترناشونال ليدر» الماليزية، سيدة الأعمال الإماراتية بدرية الملا، رئيسة مجلس إدارة المجموعة العالمية الإماراتية للأعمال «أي ئي بي جي» جائزة الشرف لأفضل رئيسة تنفيذية في القطاع الخاص على مستوى العالم.