حوار : شيرين فريد
في أروقة المعرض العام السنوي الـ45 للفنون التشكيلية، الذي نظمته وزارة الثقافة المصرية وقطاع الفنون التشكيلية، التقينا بالفنانة التشكيلية د. داليا مكاوي، التي شاركت في الدورة الحالية من خلال أحدث أعمالها بعنوان “عناق الأرواح”. في هذا الحوار، تفتح قلبها لنا وتتحدث عن مسيرتها، ورسالتها الفنية، وتجربتها في مصر وخارجها. تستقبلنا بابتسامتها الدافئة وأعمالها التي تعكس مشاعر أنثوية تتأرجح بين القوة والهشاشة، بين الحلم والواقع. إنها الفنانة التشكيلية التي استطاعت أن تخلق لنفسها هوية فنية مميزة تنبع من عمق التجربة المصرية وتفتح نوافذ للحوار بين الشرق والغرب.


س: ما الذي تمثلّه لكِ المشاركة في المعرض العام في دورته الخامسة والأربعين؟
ج: المعرض العام له قيمة خاصة في الوجدان الفني المصري. مشاركتي هذا العام في قاعة الباب سليم بدار الأوبرا تمثل امتدادًا لتجربتي الفنية التي أحرص دائمًا أن تكون صادقة وعميقة. أقدّم في هذه الدورة مجموعة “عناق الأرواح”، التي تمثل رحلة تأمل في جوهر الإنسان وتوقه للاتصال الروحي بعيدًا عن الانقسامات.
س: لماذا اخترتِ عنوان “عناق الأرواح”؟ وماذا تعبّر عنه هذه التجربة؟
ج: لأنني أؤمن بأن الأرواح تحمل شفرات تواصل أعمق من اللغة، وأسمى من كل التصنيفات. “عناق الأرواح” هو تأمل في فكرة أن الحواجز التي يصنعها البشر — من عرق أو طبقة أو دين — لا يمكنها كبح توق الروح إلى اللقاء والتوحد. العمل يتناول هذا الصراع وهذه الأشواق.
س: لو تحدثينا عن خلفيتك الأكاديمية والفنية؟
ج: أنا من مواليد عام 1986. حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 2009، قسم الجرافيك، شعبة التصميم المطبوع، من جامعة حلوان، حيث عُيّنت لاحقًا معيدة. حصلت على الماجستير عام 2014، ثم الدكتوراه في فلسفة الفن عام 2019. شاركت في معارض عديدة داخل وخارج مصر، وأقمت معرضين فرديين: “هي والحداثة” عام 2019، و”عناق الأرواح” عام 2022.


س: ما طبيعة تجربتك الفنية؟ وبأي وسائط تعملين عادة؟
ج: أشتغل بشكل أساسي على تقنيات الطباعة والحفر، لما فيها من قدرة على تفكيك الشكل وبنائه من جديد. أبحث دائمًا عن العمق الإنساني، أفتّش في المشاعر، في لحظات الانكسار والقوة. أعمالي تتميز بالعفوية والانفعال التعبيري، وغالبًا ما تحمل بصمة وجدانية.
س: شاركتِ أيضًا في فعاليات فنية خارج مصر، أبرزها في مملكة البحرين. كيف كانت هذه التجربة؟
ج: البحرين فتحت لي أفقًا جديدًا. شاركت في معارض بقاعات هند جاليري مع المُعلم الفنان البحريني المخضرم علي المحميد، والرواق، ومركز الفنون، وساحة مشق. كما قدمت ورش عمل هناك. وجدت جمهورًا مثقفًا، ومحبًا للفنون البصرية، وتعلمت كثيرًا من التفاعل المباشر معهم.
س: هل هناك جانب فلسفي في تجربتك الفنية؟
ج: بالتأكيد. أؤمن بأن الفن ليس فقط للتزيين أو الترف، بل أداة للتأمل والتحرر. أعمالي الأخيرة تحاول الغوص في مسألة الانقسام البشري، وفي المقابل، الإيمان بأن الروح تبحث عن اكتمالها من خلال اللقاء مع الآخر. “عناق الأرواح” هي بمثابة مرآة لهذا الصراع والسعي إلى السمو.
س: وكيف ترين وظيفة الفن في هذا الزمن؟
ج: الفن ضرورة روحية. هو الوسيلة الوحيدة التي تجعل الإنسان يرى ذاته. في زمن مادي، وسريع، ومزدحم، يجب أن نمنح أنفسنا فرصة للتأمل، والتساؤل، والتصالح مع الذات… والفن هو بوابتنا لذلك.
س: كلمة أخيرة تختمين بها هذا اللقاء؟
ج: “الفن ليس ما نراه على السطح، بل هو ما يوقظه فينا من صمت دفين.. كل لوحة أرسمها هي محاولة لفهم نفسي، ومصافحة روح الآخر ” .



(
(





