توقع الدكتور وائل النحاس، خبير الاقتصاد وأسواق المال، ارتفاع سعر الدولار خلال الربع الأول من العام الجاري إلى مستوى بين 50 و52 جنيها، والذي يراه أنه نقطة التعادل مع السعر في السوق الموازية، بهدف سرعة السيطرة على السوق السوداء لتجارة العملة، وعدم حدوث قفزات جديدة غير متوقعة للسعر.
وأضاف أنه مع ذلك فإن الخفض المتوقع للجنيه مقابل الدولار إلى هذه المستويات، لن يساهم في تحقيق استقرار سوق الصرف، لكنه مستوى تستطيع من خلاله الحكومة تحقيق الاستقرار في أسعار السلع والسيطرة على السوق الموازية للدولار.
ويتداول سعر الدولار في السوق السوداء عند مستوى 54 و55 جنيها في بعض الحالات بسبب قصور النقد الأجنبي في البنوك مقابل زيادة الطلب على شرائه، بما أدى إلى اتساع الفجوة بين السعر الرسمي وغير الرسمي بنحو 24 جنيها، حيث يتداول بالقطاع المصرفي قرب 31 جنيها وهو سعر مستقر من مارس الماضي.
وتواجه مصر قصورا في توافر النقد الأجنبي خلال آخر عامين بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار خلال النصف الأول من العام قبل الماضي بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية. وأوضح النحاس أن المستويات الحالية لسعر الدولار في السوق السوداء بين 53 و54 جنيها مبالغ فيه وغير واقعي، وكذلك سعر الذهب، “وهي مجرد مضاربات شرسة من المتلاعبين”.
وأضاف أن لجوء مصر إلى مرونة سعر الصرف يتطلب اتخاذ حزمة متزامنة من الإجراءات والضرب بيد من حديد على كبار المتلاعبين بالسوق بهدف توحيد سعر الصرف واستقرار أسعار السلع المختلفة. وإذا لم تعود مصر إلى مرونة سعر الصرف خلال الربع الأول من العام الجاري قد تشهد انفلاتا سعريا بعد وجود أسعار متعددة لصرف الدولار منها الذهب، وبعض السلع والخدمات بخلاف التفاوت الكبير بين أسعار العملات بين السوق السوداء والبنوك، وفق ما قاله النحاس.
كان بنك HSBC رفع توقعاته لسعر الدولار مقابل الجنيه في الربع الأول من عام 2024، إلى بين 40 و45 جنيها، وذلك مع خفض الجنيه المتوقع، كما توقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز”، في تقرير لها، أن يرتفع الدولار إلى بين 40 و45 جنيها في نفس الفترة، فيما رجح بنك مورجان ستانلي الأمريكي وصول الدولار إلى 39 جنيها.
وأدى لجوء مصر إلى سياسة مرونة سعر الصرف من مارس 2022 للقضاء على الدولرة وتزامنا مع مفاوضات ثم الاتفاق على برنامج إصلاح اقتصادي مدعوم بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 96% مقابل الجنيه منذ ذلك الحين. وأكد النحاس أنه لا يوجد حل آخر أمام الحكومة المصرية للخروج من الأزمة وتغطية عجز الموازنة إلا من خلال خفض سعر العملة بسبب صعوبة فرص الاقتراض الحالية وتكلفته بسبب ارتفاع أسعار الفوائد العالمية وتراجع بعض الموارد الرسمية للنقد الأجنبي.
ورجح النحاس استمرار انخفاض الجنيه خلال العامين القادمين ليصل إلى 75 جنيها خلال 2025 على أن يصل إلى 100 جنيه خلال 2026، بحسب توقعاته. ورغم تحمل الدولة قرابة 165 مليار جنيه عن كل جنيه يرتفعه سعر الدولار، بسبب التزامات الدين الخارجي لمصر الذي سجل 165.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي لكن لا يوجد حل بديل لحل الأزمة، وفقا للنحاس.
كانت بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة التخطيط أظهرت تراجع الدين الخارجي لمصر للمرة الثانية على التوالي بنحو 206 ملايين دولار خلال الربع الثالث من العام الماضي ليسجل 164.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي. وتسدد مصر عن خدمة الدين الخارجي- أقساط وفوائد القروض- نحو 33 مليار دولار خلال العام الجاري، وفق تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر على البنك المركزي.