كتبت: فاطمة الحمادي
أصدرت دار شعلة الإبداع كتاب جديد للباحثة فاطمة الحوسنية ويدور الكتاب عن التفكير الإبداعي.
إن الاهتمام بالتفكير ليس حديث العصر فقد أرسى أسسه ديننا الإسلامي الحنيف ورسخ مهاراته في عقول أبنائه،فلقد دعانا إلى التفكير والتأمل والتدبر وحثنا عليه وهناك الكثير من الآيات القرآنية الدالة على ذلك ومن هذه الآيات قوله تعالى : { كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون } ( سورة البقرة : 219) وقوله جل ثناؤه {قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون } ( سورة الأنعام: 50).
ويعد التفكير مصدرا لتزويد الأفراد بمجموعة من الاستراتيجيات يستطيعون من خلالها التفاعل والتعامل مع البيئة التي ينتمون إليها بشكل أفضل، وهو من أرقى العمليات النفسية التي نستطيع من خلالها الوصول إلى مستويات مجردة وأكثر تعقيدا لمعاني الأشياء والأحداث والعلاقات الموجودة بين هذه الأشياء والأحداث، وذلك للتغلب على الصعوبات التي تواجهنا.
ويدين العالم للمبدعين من أبنائه، بكل ما أحرزه من تقدم في العلوم والفنون والآداب، وما توصل إليه من حضارة إنسانية شامخة. وفي ظل التقدم الحضاري المطرد، تتسابق المجتمعات في جميع الميادين، ووسيلتها في ذلك استثمار كلطاقاتها وإمكاناتها وثرواتها، وعلى رأسها الثروة البشرية، فهي المحرك لكل القوى الأخرى، وبدونها تصبح الثروات والإمكانات الأخرى عديمة القيمة، فالبترول والمعادن موجودة في باطن الأرض منذ آلاف السنين، والشمس موجودة منذبدء الخليقة. ولم تتحول هذه المصادر إلى تلك الطاقة الهائلة التي تدور بها عجلة التكنولوجيا إلا عندما وُجِدَ الإنسانالقادر على اكتشافها واستغلالها، ولم يكن ذلك وليد الصدفة، ولكن نتيجة لإعمال الفكر، والجهد الذي بذله الإنسانبشكل منتظم ومحسوب، إلى الحد الذي جعل التقدم العلمي في الوقت الحالي لا يحدث كل فترة – كما كان من قبل – وإنما كل يوم هناك جديد، يضيفه الإبداع العقلي للإنسان، من أجل تطوير الحياة الإنسانية، وتحقيق التقدم والرخاء .
وتؤكد الحوسنية أن التفكير الإبداعي يزود المجتمع بالأفكار التي يفتقر إليها دائما والتي يتطلـع إليهــا بهدف نقله من التقليديــة إلــى المعاصرة والتحديث والسير والاتفاق على معايير المجتمعات الحديثة، فالإبداع هو القدرة على خلق البديع الذي قد يكون رسما أو نغمة أو فكرة أو نظرية أو تمثالا أو اختراعه، والعمل المبدع لا يصدر إلا من شخص خلاق مبدع، له خصائصه وتفكيره. ويتميز الإنتاج في التفكير الإبداعي بخصائص فريدة تجعله يتمتع بالجدة المبتكرة“الأصالة” أو بالتنوع الثري للأفكار ” المرونة “أو بالتعدد الشامل للأفكار المتصلة بالموقف “الطلاقة” أو بالتحسين والتطوير والتوسيع الإفاضة“، فالمبدعون أمل الأمة والقادرون على النهوض بذواتهم ومجتمعاتهم إلى أرقى درجاتالتقدم والرقي الإنساني، ويرى البعض أن الإبداع وسيلة فاعلة لتقليص الفجوة الحضارية والعلمية بين الأمم، وهو أيضا عامل حاسم في تقدم المجتمعات في كل مجالات النشاط الإنساني، لأنه يمثل شكلا راقية للنشاط الإنساني، ويساعد على تحقيــق الذات وتنميــة الشخصية ويساعد على تكوين العديد من العلاقات والأفكار، ويوفر بدائل عديدةلحل المشكلة ويتجنب التتابعية المنطقية، وعملية المفاضلة والاختيار، والبعد عن النمط التقليدي الفكري وتعديل الانتباه إلى مسار فكري جديد، فاهتمام المجتمعات البشرية بالإبداع يرجع إلى عدد من العوامل منها ما يتميز به العصر الحالي من ثورة علمية وتكنولوجية وتفجير في المعرفة وتطور سريع وتنامي حاجات الفكر الأساسية والاجتماعية إلى حاجات تقديم الأفكار الجديدة غير النمطية، وما يحمله المستقبل في طياته من احتمالات غير منظورة على الإنسان أن يواجهها بإبداع، وأن يتعامل معها بأصالة، ويتناولها بمرونة.
ويتألف هذا الكتاب من خمسة فصول، يتناول الفصل الأول التفكير من حيث مفهومة، ومهاراته المختلفة وأهميته. في حين تناول الفصل الثاني الإبداع والمبدعين. بينما جاء الفصل الثالث تحت عنوان التفكير الإبداعي الماهية والتعريف. بينما تطرق الفصل الرابع لأساليب تنمية التفكير الإبداعي.