كشف جوسيبي سابا، المدير التنفيذي للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، أن المدينة بمن فيها من أعضاء ومنظمات إغاثية دولية، تخدم سنوياً أكثر من 100 دولة وتجري ما معدله 1200 معاملة شحن، بقيمة تزيد على 120 مليون دولار.
وقال سابا، إن هذا النمو يتطلب الاستعداد لمواجهة التحديات الجديدة، وخاصة تلك المتعلقة بتغير المناخ وحالات الطوارئ المعقدة.
وأضاف: «منذ 2017 ونحن نقوم بمراقبة حركة المساعدات، وتظهر البيانات باستمرار أن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية تجري في المتوسط أكثر من 1200 إرسالية سنوياً، وتخدم أكثر من 100 دولة كل عام، بقيمة تزيد على 120 مليون دولار، قدمنا المساعدة لجزر المحيط الهادئ ومنطقة البحر الكاريبي، مما يشير إلى نمونا كأكبر مركز إنساني في العالم، ومع ذلك، فإن هذا النمو يتطلب أيضاً استعدادنا لمواجهة التحديات الجديدة، وخاصة تلك المتعلقة بتغير المناخ وحالات الطوارئ المعقدة».
وأكد سابا، أن الحكومة الاتحادية وحكومة دبي دعمتا بسخاء على مدى العقدين الماضيين، الأشخاص المحتاجين، معرباً عن امتنان المدينة «لقادتنا ذوي الرؤية الثاقبة».
وقال: «نفخر بقدراتنا اللوجستية الاستثنائية، بما في ذلك الموانئ والمطارات وخطوط الشحن وشركات الطيران ذات المستوى العالمي، إن موقعنا الجغرافي الاستراتيجي يربطنا بجنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وهي المناطق التي يقيم فيها ثلثا سكان العالم وتشهد، للأسف، حوادث بشكل متكرر، ومع ذلك، فإن كلمة في جميع أنحاء العالم تمثل تحدياً مستمراً، على الرغم من قدرتنا على حشد المساعدات لأي جزء من العالم».
وأشار سابا، إلى أن المدينة مستمرة في التوسع، حيث تحتل الآن مساحة 140 ألف متر مربع، كما تحتضن باستمرار على ما يقارب مليون دولار من المساعدات، وهو دليل واضح على ثقة المجتمع الإنساني في قدرة دبي على التعامل مع حالات الطوارئ.
وقال: على مدى السنوات السبع الماضية، استرشدت بالقانون الذي يحكم المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، مع التركيز بشكل خاص على أهدافها والتي يمكنني تلخيصها على النحو التالي: «تزويد المجتمع الإنساني ببنية تحتية عالمية المستوى ودعم للاستجابة لحالات الطوارئ في جميع أنحاء العالم»، وهذا هو بالضبط ما كرست المدينة العالمية للخدمات الإنسانية جهودها لتحقيقه على مدار العقدين الماضيين، حيث تقدم للمجتمع الإنساني أفضل بنية تحتية التي لا يمكن أن تقدمها إلا دبي.
وأضاف جوسيبي سابا: نجحت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في تنمية مجتمع متنوع يضم أكثر من 80 منظمة مختلفة، مع أكثر من 500 فرد من أكثر من 70 جنسية يسهمون في مدينتنا، لقد مهدنا معاً الطريق للعقد القادم من خلال تعزيز الابتكار والشراكات مع القطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، ومبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات، وأصحاب المشاريع الخيرية، نحن نعمل بشكل جماعي على بناء نظام بيئي سيقودنا نحو المستقبل.
وفي حديثه عن نقاط القوة الرئيسية التي دفعت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية إلى وضعها الحالي من التطور والتوسع والتأثير العالمي، وتصوره لمستقبل العمل الإنساني، والدور المحوري الذي ستستمر المدينة في تشكيله، قال سابا: «بصفتي مديراً لأكبر مركز إنساني في العالم، فإن رحلة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية إلى وضعها الحالي ارتكزت على العديد من نقاط القوة الرئيسية، في حين أنه من الصحيح أن المدينة هي كيان حكومي ويمكنها، من الناحية النظرية، أن تقتصر على تقديم الخدمات للأعضاء المسجلين والمرخصين، إلا أننا اخترنا مساراً مختلفاً، نحن فريدون باعتبارنا سلطة منطقة حرة غير ربحية مكرسة لاستضافة المنظمات الإنسانية، واعتمدنا دور المانح الاستباقي والجهة الفاعلة العاملة في المجال الإنساني».
وأضاف في هذا المحور: «أدى هذا التحول في العقلية إلى تغيير الطريقة التي ننظر بها، كما أسهم بشكل أساسي في تشكيل روح موظفينا المتفانين، نحن ثابتون في التزامنا بالحفاظ على جميع مبادئ العمل الإنساني، وفي السنوات الأخيرة، أصبح الابتكار رفيقنا الدائم، وكان نظامنا البيئي قوة دافعة للتغيير، فبنك البيانات اللوجستية الإنسانية الخاص بنا، وتطبيق الذكاء الاصطناعي، وجهودنا للسيطرة على انبعاثات الكربون سواء داخل مبانينا أو أثناء نقل المساعدات، كلها ترسل رسالة واضحة: نعمل جنباً إلى جنب مع مجتمعنا لتعزيز نهج أكثر استدامة إلى العمل الإنساني، ويظل المبدأ التوجيهي الرئيسي لدينا هو «العمل معا»، بينما نواصل تعزيز التعاون والشراكات داخل المجتمع الإنساني».
كما كشف المدير التنفيذي، عن أن المدينة تستعد لتنظيم فعاليات تزامناً مع اجتماع المؤتمر الدولي للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، مدركين أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجهنا هو معالجة حالات الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ، ولذلك نستعد بجد للانتقال إلى العقد المقبل بينما نواصل مهمتنا لخدمة المجتمع الإنساني وجعل العالم مكاناً أفضل.
حلول فعالة
وفي سؤال حول الحلول الأكثر فعالية لمواجهة تحديات الأحداث الزلزالية الأخيرة في المغرب وتركيا وسوريا، والمزيد من الأزمات التي تفاقمت بسبب تغير المناخ في ليبيا، وتعزيز التأهب والاستجابة، قال جوسيبي سابا: «تؤثر التغيرات المناخية بشكل كبير على عملياتنا، مما يستلزم اتخاذ تدابير استباقية لمعالجة الطلبات المتصاعدة على جهود الاستجابة التي نبذلها، وكمجتمع عالمي، من الضروري أن نتخذ إجراءات حاسمة للحد من انبعاثات الكربون لنتمكن من التصدي لهذه التحديات بفعالية، ويتطلب تزايد وتيرة حالات الطوارئ زيادة كبيرة في الموارد والتزاماً استثنائياً من جميع المعنيين».
وأضاف: «لقد أثرت الزلازل في تركيا وسوريا والمغرب، والتي تحدث في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، بشدة على أعداد كبيرة من السكان، وعلى نحو مماثل، دعت فيضانات العام الماضي في باكستان والفيضانات الأخيرة في ليبيا، إلى اتخاذ إجراءات عالمية عاجلة، أتيحت لنا فرصة المشاركة في مهمة جسر جوي إنساني لتوصيل الإمدادات الطبية الحيوية إلى السودان، ولسوء الحظ، يعاني السودان حالياً من أزمة سياسية، مما أدى إلى لجوء جزء كبير من سكانه إلى البلدان المجاورة مثل تشاد ومصر، وهذا يؤكد مرة أخرى الحاجة الفورية لمساعدة اللاجئين، وقد أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوضوح إلى أن عدد اللاجئين يمثل الآن نسبة كبيرة من سكان العالم، حيث يتجاوز 117 مليون شخص».
التحدي الأكبر
وفي رده على سؤال حول التحدي الأكبر في العمل الإنساني وما إذا كان يتمثّل في الاستجابة لعواقب النزاعات المسلحة أم معالجة الكوارث الطبيعية وتأثيرات تغير المناخ، أجاب المسؤول: «نكافح في أعقاب الأزمة المالية التي أحدثتها جائحة كوفيد 19 وتفاقمت بسبب الصراع في أوكرانيا، وتثير هذه الضغوط المالية مخاوف بشأن مدى كفاية الموارد اللازمة للاستجابة بفعالية لجميع حالات الطوارئ، والمساهمة بشكل مفيد في التنمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومع استمرار تقلص الموارد المالية، أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه في المجال الإنساني، لا يوجد مجال للمنظمات أو الكيانات التي تعمل بمعزل عن غيرها، حيث إن نجاحنا يعتمد على قدرتنا على التعاون والعمل معاً، ولن نتمكن من تحقيق النجاح وزيادة تأثيرنا إلا من خلال تجميع جهودنا من خلال الموارد المحدودة المتاحة».
خطط توسعية
وتوقف جوسيبي سابا، عند نقاط التركيز الأساسية والتوجهات الاستراتيجية التي تعطيها الأولوية في العام الحالي، عطفاً على الخطط التوسعية، حيث قال: «تعطي المدينة العالمية للخدمات الإنسانية حالياً الأولوية للعديد من التوجهات الاستراتيجية الرئيسية، وفقاً لما وافق عليه مجلس إدارة، ومنها «الابتكار في البنية التحتية»، حيث ينصب تركيزنا الأساسي على ابتكار بنيتنا التحتية للتكيف مع المتطلبات الجديدة، بما في ذلك القدرة على تخزين وإدارة كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، ونعمل على تعزيز قدرتنا على إدارة الخدمات اللوجستية الإنسانية، مع التركيز بشكل خاص على الخدمات اللوجستية الصحية، ويتضمن ذلك إنشاء مركز امتياز مخصص للخدمات اللوجستية الإنسانية والصحية، الأمر الثاني هو الاتصال العالمي، إذ نعمل بجد على ربط المدينة بالمراكز الإنسانية الأخرى في جميع أنحاء العالم، والهدف هو التعاون وتنسيق الجهود بشكل أكثر فعالية، من أجل تقديم خدمة أفضل للمحتاجين، إضافة إلى ذلك، نهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الاستجابة لحالات الطوارئ من خلال الاستفادة من هذه الروابط العالمية، أما النقطة الثالثة في هذا الجانب فهي الابتكار المستمر، فنحن ملتزمون بعمليات الابتكار المستمرة داخل المدينة، وبدلاً من التركيز على التوسع، ينصب تركيزنا على تحسين الشبكة الحالية للمراكز الإنسانية لضمان قدر أكبر من الكفاءة والفعالية في مهمتنا».
خطط مقبلة
وإذا ما كانت لديه أي خطط أو مبادرات قادمة تثير اهتمامه بشكل خاص كرئيس تنفيذي للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية، قال جوسيبي سابا: «في وظيفتي السابقة، أسست مستودع الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية والتي تقوم بعمل استثنائي منذ 23 عاماً حتى الآن، وفي المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، نعمل بجد على مبادرات لوضع أنفسنا كرائدين في رقمنة المخزونات الإنسانية الدولية، هدفنا ربط منصتنا اللوجستية الإنسانية بسلاسة مع المنصات الأخرى التي تدير المخزونات الوطنية والعمليات الجمركية، إضافة إلى ذلك، نركز على تعزيز اتصالاتنا مع المراكز الإنسانية واستخدام هذه المراكز لتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الاستجابة لحالات الطوارئ، فهدفنا الأساسي إعادة تركيز جهودنا على الأشخاص المحتاجين، والاستماع إلى أصواتهم واقتراحاتهم وتوصياتهم، وفي النهاية نؤكد التزامنا بخدمة المجتمعات المحلية واستعادة كرامتها».
دعم جهود
وتحدث المسؤول عن مدى إسهام مؤسسات القطاع الخاص في دعم الجهود الإنسانية والآليات الموجودة لتقييم التزامها بالمساءلة والمسؤولية تجاه المجتمعات المتضررة، قائلاً: «تعتبر كيانات القطاع الخاص والأكاديميين ورواد الأعمال الشباب وأصحاب الأعمال الخيرية والمنظمات العاملة في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) والجمعيات الاجتماعية مثل and Rotary Lion كمساهمين جدد في القطاع الإنساني، إنهم حريصون على المشاركة بنشاط في الجهود الإنسانية ويلعبون دوراً محورياً في تعزيز الابتكار، وتوفير التمويل، وتقديم الخبرة الفنية، وتوليد حلول جديدة».
«كوب 28»
وعن التحولات التي يتوقعها في مجال العمل الإنساني نتيجة مؤتمر «كوب 28»، والنتائج المحددة يأمل تحقيقها، قال جوسيبي سابا: «أتوقع التزاماً بشكل رئيسي من شركائنا الذين يتعاونون مع المجتمع الإنساني، وهذا يشمل الشركات المصنعة للمساعدات الإنسانية».
سابا: هدفنا معيار جديد بخطوات قابلة للتنفيذ
عقدت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي مؤتمراً، تمهيدياً حول الاستدامة في سلسلة الإمداد والتوريد الإنسانية، بالتعاون مع شركاء رئيسيين، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي، ومستودع الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية، ومجموعة الخدمات اللوجستية.
ويأتي الحدث تحضيراً لمشاركة المجتمع الإنساني في مؤتمر المناخ، وهو يمثل علامة بارزة ومحطة مهمة في التزام المجتمع الإنساني المستمر بمعالجة ومواجهة تداعيات أزمة التغيير المناخي.
وقال جوسيبي سابا، المدير التنفيذي للمدينة خلال كلمة له في المؤتمر: «هذا المؤتمر التمهيدي بمثابة أرض خصبة للحلول العملية في عالم يواجه أزمة مناخية، وتكييف سلاسل الإمداد الإنساني أمر بالغ الأهمية، ومن خلال توحيد القوى والجهود ومشاركة وتقاسم نجاحاتنا، فإننا لا نتكيف مع التغيير فحسب، بل نقوم بدفعه وقيادته».
وأضاف: «هدفنا هو أن يضع مؤتمر «الاستدامة في سلسلة الإمداد والتوريد الإنسانية» معياراً جديداً في المشهد الإنساني من خلال رؤى وخطوات قابلة للتنفيذ تُقلل من انبعاثات الكربون بشكل كبير على مستوى عالمي، ويشكّل المؤتمر شهادة بارزة ومتقدمة على التزام القطاع الإنساني بتلبية الاحتياجات المتزايدة على المساعدات الإغاثية، فيما نسعى جاهدين لضمان تنفيذ عملياتنا بطريقة مسؤولة بيئياً.