تبذل دولة الإمارات جهودا متواصلة في سبيل تفعيل وتعزيز دور القيادات الدينية في ترسيخ الوعي والمسؤولية الاجتماعية المشتركة لدى الشعوب تجاه التحديات والقضايا المختلفة التي يشهدها العالم المعاصر.
وتنطلق الإمارات في مساعيها تلك مستندة إلى إرثها التاريخي في التسامح الديني واحتضان التنوع، وتوجهها الاستراتيجي في إحلال السلام ونشر المحبة والخير في أنحاء العالم كافة.
واستضافت الإمارات خلال السنوات الماضية عددا كبيرا من الفعاليات والمنتديات الدولية التي كرست مكانتها كمركز عالمي لجمع القيادات الدينية وفتح قنوات الحوار والتعاون فيما بينها وتعزيز دورها في مواجهة مختلف التحديات التي تهدد سلامة واستقرار المجتمعات البشرية.
واختتمت أمس في أبوظبي أعمال “القمة العالمية لقادة الأديان من أجل المناخ” التي نظمها مجلس حكماء المسلمين بالشراكة مع رئاسة “COP28” وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ووزارة التسامح والتعايش.
وجمعت القمة 28 من قادة الأديان الذين وقعوا خلالها وثيقة “ملتقى الضمير: توحيد الجهود من أجل نهضة كوكب الأرض، بيان أبوظبي المشترك للأديان بشأن COP28″، لتأكيد التزام قادة الأديان بمعالجة تغير المناخ، والمساهمة في رفع سقف الطموح المناخي، استعداداً لمؤتمر الأطراف “COP28” المقرر انعقاده في “إكسبو دبي” خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023، والتي تأتي في أعقاب شهور من التعاون والعمل المشترك بين الجهات المعنية والموقِّعين عليها.
وتشهد الإمارات سنويا مجموعة من الفعاليات الدولية التي باتت تمثل منبرا عالميا للحوار والتقارب بين الأديان، حيث استضافت العاصمة أبوظبي في ديسمبر الماضي فعاليات منتدى الأديان لمجموعة العشرين تحت عنوان “إشراك مجتمعات الأديان في صياغة أجندة قمة العشرين وما وراء ذلك” بتنظيم مشترك بين جمعية منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، وتحالف الأديان لأمن المجتمعات.
وجاء انعقاد المنتدى بهدف إشراك مجتمعات وقادة الأديان، وبلورة رأيهم في أجندة قمة قادة الدول العشرين، ليكون جسراً بين القمة التي عقدت في إندونيسيا عام 2022، وإطلاق أجندة مجموعة العشرين التي عقدت بالهند في العام الجاري.
وتناول المنتدى مواضيع عدة منها التحديات في عالم ما بعد جائحة كوفيد-19، وأهمية تعزيز العمل الدولي العابر للقارات في سبيل الإنسانية، ودور المنظمات لدعم جهود الحكومات في أوقات الأزمات والكوارث، وضرورة مد يد العون لجميع المتضررين والدول الفقيرة للتخفيف من حدة الأوبئة والتداعيات المرافقة لها.
وشهد المنتدى جلسة حوارية أخرى تناولت الإصلاحات التعليمية والصحية حول العالم، وأثرها الإيجابي في النهوض بالتنمية الشاملة في المجتمعات، إلى جانب مناقشة الحماية والوقاية المجتمعية.
وناقش المشاركون في المنتدى أجندة قمة العشرين 2023، واستعرضوا المطلوب من المجتمعات للإسهام في صياغة الثوابت والأولويات الدولية لتكون على أجندة القمة، وجرت مناقشة وجهات نظر المجتمعات وقادة الأديان حول رؤاهم المشتركة للحلول المثلى للتحديات العالمية.
وفي أكتوبر 2022 نظمت جامعة السوربون أبوظبي وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية مؤتمر “الدبلوماسية الدينية.. الفرص والتحديات الدولية” الذي استضاف أكاديميين، ورجال دين، وشخصيات دبلوماسية مرموقة وخبراء في الشؤون الخارجية من مختلف أنحاء العالم، وأتاح فرص مناقشة أهمية الدبلوماسية الدينية والحوار بين الأديان كأداة دبلوماسية تهدف لنشر قيم السلام والتسامح والتأثير على السياسات الخارجية للدول.
وبحث المؤتمر ثلاثة جوانب مرتبطة بالدبلوماسية الدينية بما في ذلك دورها الفاعل في تهدئة النزاعات من خلال تحديد الأطراف التي تشترك في دعم الحوار بين الأديان والتعددية الثقافية، كما سلط الضوء على مفهوم الدبلوماسية الدينية بوصفها بديلاً فاعلاً للدبلوماسية الكلاسيكية وأساليب عملها وأهدافها، إضافةً إلى إبراز دورها كأداة قوية مؤثرة في السياسات الخارجية للدول.
ومنذ نوفمبر 2021 تستضيف الإمارات سنويا فعاليات التحالف العالمي للتسامح والقمة المشتركة للأديان، وذلك ضمن الأنشطة الدولية للمهرجان الوطني للتسامح.
وشكلت الدورتان السابقتان من التحالف والقمة اللتان ضمتا كافة القادة الدينيين حول العالم، إلى جانب المؤسسات الدولية والإقليمية – إضافة حقيقية وطاقة متجددة لمضاعفة الجهود من أجل عالم يعمه التسامح والسلام، باعتباره أمرا حيويا للغاية.
وتبرز أهمية الحدثين السنويين من خلال تركيزهما على تشجيع الحوار المستمر بين الأشخاص والجماعات من ثقافات متنوعة على أساس من القيم الإنسانية المشتركة بهدف تعميق التواصل والارتباط بين الأمم والشعوب مهما كانت اختلافاتها الدينية والثقافية خاصة وأن العوامل المشتركة بين العقائد والديانات كثيرة، ويمكن البناء عليها، مع التأكيد على احترام الحياة الإنسانية والرغبة في السلام والتعايش والأمن.
وفي فبراير 2019 بزغ نور وثيقة الأخوة الإنسانية من الإمارات إلى العالم أجمع بعد أن وقعها في أبوظبي قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وذلك في ختام لقاء الأخوة الإنسانية.
وشكل توقيع الوثيقة التي تجمع الأديان والأعراق والألوان في دول العالم كافة، حدثاً تاريخياً غير مسبوق ليأتي بعد ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع باعتماد تاريخ 4 فبراير من كل عام يوما دوليا للأخوة الإنسانية تتم من خلاله الدعوة إلى التمسك بقيم التعايش بين الأديان والسلام وتكريس مبادئ الحوار والتفاهم وثقافة التسامح بين البشر.
وشهدت الإمارات في عام 2018 انعقاد ملتقى “تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي” الذي حضره نحو 450 مشاركا من مختلف الأديان بهدف إثراء الحوار ومواجهة ومناقشة التحديات الاجتماعية الخطيرة، إضافة إلى تعزيز الجهود المشتركة والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات، لاسيما النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.