تحل الذكرى الـ 51 لتأسيس المجلس الوطني في الثاني عشر من شهر فبراير 2023م، وهو يحظى بدعم لا محدود من قبل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، ويؤدي دوره الوطني من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، ليكون على الدوام مساهما في المسيرة الوطنية وتحقيق كافة مقومات ومتطلبات مسيرة النهضة الشاملة المستدامة.
وتزامن تأسيس المجلس الوطني الاتحادي، مع انطلاق اتحاد دولة الإمارات على أيدي مؤسسين قدموا من وقتهم وجهدهم الكثير لإنجاح هذه المسيرة، وساهموا في تأسيس علاقة متميزة ومتكاملة بين مختلف السلطات الاتحادية، وحظي بدعم لا محدد من قبل مؤسس الدولة الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، لتعزيز دوره في تمثيل شعب الاتحاد، وتجسيد نهج الشورى وصنع القرار.
وحدد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، في خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس بتاريخ 13 فبراير 1972م، مهام المجلس ودوره، بقوله: “إن جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا، وفي هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر، فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها وبوطنها وبتراثها، تتطلع إليكم واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية”.
وشكل هذا الخطاب في يوم مشهود من تاريخ دولة الإمارات، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس، وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به، لتحقيق المشاركة الأساسية في بناء مستقبل مشرق وزاهر، من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية.
وكان للدعم اللامحدود الذي أولاه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” لأعمال المجلس، وحرصه وإخوانه الحكام على افتتاح الفصول التشريعية المتعاقبة، أكبر الأثر في دعم أركان الاتحاد ومؤسساته وتقويته، وتحقيق المكاسب الفريدة للشعب ورفع اسم دولة الإمارات شامخا عاليا عربيا ودوليا.
ولتمكين المجلس من ممارسة كافة اختصاصاته تضمن الدستور عددا من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر تعبيرا دقيقا عن نهج الشورى في دولة الإمارات، وفي فكر المغفور له الشيخ زايد “رحمه الله”، الذي كان يطالب دائما بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة، ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة، حيث كان يوجه أعضاء المجلس بالتفاني في خدمة الدولة، والتعاون مع جميع المؤسسات الوطنية والوزراء لتعزيز دور وسيادة الدولة.
( المجلس الوطني الاتحادي ودعم لا محدود من قبل رئيس الدولة )
ويواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، نهج الآباء المؤسسين في ترسيخ نهج الشورى، وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار وتمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته الدستورية، من خلال تأكيده على أهمية تعزيز دور المجلس في تبني مختلف القضايا التي تهم أبناء الوطن، وتسهم في تعزيز تطور الدولة وتقدمها.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه معالي رئيس وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي في فصله التشريعي السابع عشر الحالي: ” إننا ندشن مرحلة عمل جديدة من مراحل البناء والتنمية والتقدم في البلاد، وتقع على عاتقكم مسؤوليات ومهام كبيرة تجاه الوطن والمواطن .. متطلعا إلى أن يواصل المجلس مسيرته الوطنية التي امتازت على مدى تاريخها بأنها مسيرة واعية نابعة من خصوصية مجتمع الإمارات وقيمه الأصيلة وظروفه واحتياجاته”.
كما أكد سموه على أهمية التعاون الفاعل بين المجلس ومختلف الجهات الحكومية من أجل الإسهام في رفد مسيرة التنمية، وتكريس القيم الأصيلة التي يتوارثها أبناء الوطن في الولاء والانتماء والتلاحم الوطني، وصون المكتسبات الوطنية التي تحققت على مدى عقود ماضية.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في كلمة افتتاح الدور الثاني من الفصل التشريعي السابع عشر للمجلس بتاريخ 26 نوفمبر 2020م: “الإخوة أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، أنا واثق أنكم ستواكبون بإيجابية مسيرة نهضتنا وطموحات شعبنا، وأدعوكم لتعزيز التواصل مع أبناء وبنات وطننا، والاهتمام بأفكارهم واقتراحاتهم ومطالبهم، ورسالتنا لجميع الأعضاء أن يكونوا خير سفراء لاحتياجات الوطن والمواطنين، وأن أحد أسرار تفوق بلادنا هو روح الفريق الواحد التي تجمع السلطات التنفيذية والتشريعية لخدمة مصالحنا الوطنية العليا”.
( خليفة بن زايد ومسيرة تمكين المجلس الوطني الاتحادي )
وتميز عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ” رحمه الله “، راعي مسيرة التمكين، بانطلاق مسيرة تمكين المجلس لتفعيل دوره وتكامل اختصاصاته الدستورية وتجسيده للثوابت والروح الاتحادية، حيث أعلن في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين في الثاني من ديسمبر 2005م، ” أن المرحلة القادمة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلب تفعيلاً أكبر لدور المجلس الوطني الاتحادي، وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية، وسنعمل على أن يكون مجلسا أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، تترسّخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم، قررنا بدء تفعيل دور المجلس الوطني عبر انتخاب نصف أعضائه من خلال مجالس لكل امارة وتعيين النصف الآخر، بادئين مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن”.
وتضمن البرنامج السياسي الذي أعلنه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان “رحمه الله” لتمكين المجلس الوطني الاتحادي، عددا من المرتكزات من ضمنها: التعديل الدستوري رقم “1”لسنة 2009م، وتعزيز مشاركة المرأة عضوة وناخبة، وتنظيم انتخابات لعضوية المجلس التي جرت خلال الأعوام 2006 و2011م و2015م و2019، ورفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس إلى “50 بالمائة”.
وقال المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في أول خطاب له في المجلس في افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر بتاريخ 12 فبراير 2007 م :” نفتتح اليوم الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلسكم الموقر، في انطلاقته الجديدة، بعد أن خاضت بلادنا أول تجربة انتخابية في تاريخ المجلس الوطني الاتحادي، وهو الآن أكبر تمثيلاً، وأعظم قدرةً، صيانةً للمكتسبات، وتعزيزاً للمسيرة الاتحادية المباركة التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، والمغفور لهما إخوانه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، وأصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، الذين رفدوا حياة هذا الوطن بجهدهم، وفكرهم، ورعايتهم، وصبرهم، وأسهموا بتفانٍ، وإخلاص في بناء هذه الدولة التي نعتز بالانتماء لها، ونفاخر بها الأمم”.
( حصاد المجلس الوطني الاتحادي التشريعي والرقابي على مدى واحد وخمسين عاما )
وعمل المجلس الوطني الاتحادي خلال “51” عاما في تناسق تام وتعاون فعال مع الحكومة، في مناقشة كل ما من شأنه خدمة الوطن والمواطن، وتحقيق رؤية القيادة وتطلعات المواطنين في إطار فريق وطني واحد وضع إسم الإمارات، وتحقيق المصالح الوطنية هدفاً ثابتا، وساهم في تعزيز الركائز الأساسية لمشروع النهضة الذي تتطلع له القيادة الحكيمة، وتتبناه بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وأصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.
وللمجلس الوطني الاتحادي دور وطني رائد تجسد بعقد “655” جلسة على مدى “17” فصلا تشريعا، ساهم خلال مسيرته البرلمانية في تحديث وتطوير التشريعات بمناقشة “655” مشروع قانون، وطرح الموضوعات العامة للقضايا الواطنية للمناقشة وتبنى التوصيات بشأنها، وذلك بمناقشة “337” موضوعا عاما، فضلا عن توجيه “1117” سؤالا إلى ممثلي الحكومة تناولت مختلف القطاعات، ووافق على “7 ” تعديلات دستورية، ووقع على “48” مذكرة تعاون مع برلمانات إقليمية ودولية.
( الفصل التشريعي السابع عشر مرحلة تاريخية متجددة في مسيرة تطور العمل البرلماني )
وبدأت مرحلة تاريخية متجددة في مسيرة تطور العمل البرلماني في الدولة، بما أثمرت عنه التجربة الانتخابية الرابعة لاختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في فصله التشريعي السابع عشر الذي انطلق بتاريخ 14 نوفمبر 2019م، مسيرة رسخت رؤية القيادة الرشيدة بنهج الشورى سبيلاً لتمكين المواطنين، وإشراكهم في تحمل مسؤولية العمل الوطني، ورفع نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات البرلمانية سيما الشباب، وتطبيق قرار القيادة الحكيمة برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس إلى خمسين بالمائة من عدد الأعضاء، لتؤكد دولة الإمارات مكانتها في مقدمة الدول من حيث تمثيل المرأة برلمانياً.
وحرص المجلس الوطني الاتحادي خلال الفصل التشريعي السابع عشر على مواصلة دوره الوطني عبر طرح ومناقشة جميع القضايا التي تهم الوطن والمواطنين على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث واكب رؤية الدولة وخططها باستمرار منظومة عمله بعقد سبعة جلسات عن بعد في دور انعقاده الأول خلال جائحة كوفيد-19 في سابقة برلمانية هي الأولى من نوعها منذ تأسيسه، كما واصلت لجانه الدائمة عقد اجتماعاتها لدراسة مشروعات القوانين والموضوعات العامة، وأقر المجلس على مدى “47” جلسة عقدها خلال الفصل التشريعي السابع عشر الحالي “46” مشروع قانون، وناقش “14” موضوعا عاما، وجه “131” سؤالا إلى ممثلي الحكومة.
وحققت الدبلوماسية البرلمانية خلال المشاركة الفاعلة في الاتحادات والمؤتمرات الإقليمية والدولية نتائج إيجابية كبيرة ونجاحا بارزا على جميع الصعد، بما يواكب توجهات الدولة وسياستها الخارجية، حيث استندت الشعبة البرلمانية الإماراتية خلال مشاركاتها في الفعاليات البرلمانية الإقليمية والدولية، عبر ممارستها لأرقى معايير الدبلوماسية البرلمانية التي تواكب خلالها سياسة الدولة الخارجية، إلى مرتكزات وطنية ثابتة ترتكز على قيم ونهج التسامح والتعايش والاعتدال والحوار واحترام جميع الشعوب والأديان، ومبادئ تعزيز الأمن، والسلام والتنمية المستدامة، وبناء علاقات فعالة ومتوازنة مع المنظمات والاتحادات البرلمانية والهيئات المعنية بالعمل البرلماني.
وقد شاركت الشعبة البرلمانية الإماراتية في “235” نشاطا على مستوى الاتحادات الإقليمية والدولية والزيارات البرلمانية والمؤتمرات المتخصصة، ساهمت خلالها في تعزيز التواصل وتقوية علاقات الأخوة والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في المجالات كافة لا سيما البرلمانية، والتعبير عن مواقف الدولة إزاء مختلف الأحداث والقضايا الوطنية والإقليمية والدولية، والمشاركة الإيجابية في أعمال ومشاريع الاتحادات والمؤتمرات البرلمانية، وتقديم المقترحات للقضايا المطروحة على جداول أعمالها، إدراكا من الشعبة لأهمية ما تضطلع به المؤسسات البرلمانية من مسؤولية وما تقوم به من نشاط، وما تمتلكه من آليات عمل.
( تميز في الأداء المؤسسي والإلكتروني )
ويعد المجلس الوطني الاتحادي من أكثر برلمانات دول المنطقة تنفيذا لمستهدفات التحول الرقمي في أعماله، ترجمة لسعي أمانته العامة في بذل الجهود الدؤوبة نحو التميز في الأداء المؤسسي، وتقديم خدمات برلمانية إلكترونية ذات جودة عالية، حيث تطبق الأمانة العامة أحدث البرامج والممارسات في مجالات التكنولوجيا الحديثة وتقنية المعلومات، لإنجاز جميع ما يتعلق بعمل المجلس إلكترونيا، وتعزيز تواصل المجلس مع الجمهور والبرلمانات الأخرى والمؤسسات المختلفة في الدولة.
كما للأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي تجربة رائدة في مجال البحوث والدراسات البرلمانية وذلك بتطبيق أحدث المناهج البحثية، تعتمد فيها على البحث العلمي وإدارة المعرفة البرلمانية.