تتنحى السياسة جانباً عندما تكون الإنسانية حاضرة، الشعور بمعاناة الأشقاء يمسح كل ما راكمته الخلافات والاجتهادات، ويزيل الشوائب العالقة بالروابط التي تجمع الدول.
هذه أمة تنبض بالحياة، فإذا حدث زلزال، وسقط الآلاف قتلى ومصابين ومشردين، لا يسأل أحد عن علاقته بنظام أو رئيس أو درجة العلاقات الدبلوماسية القائمة، قطرة الدم أغلى من كل المواقف وما تنتجه التشنجات السياسية، فتخرج قوافل المساعدات جواً وبراً حاملة العون، دون استئذان، ودون قنوات اتصال، من الدول الغنية والدول التي تعاني من الأزمات الاقتصادية، الكل غني في مساعيه، والكل لديه فائض عندما يكون الأخ الشقيق أكثر حاجة منه للغذاء والدواء والإيواء.
اتركوا أوروبا والغرب جانباً، وانظروا إلى الروح التي سادت أمتكم منذ صباح الاثنين، تابعوا مواقف البلاد العربية والإسلامية، كأنها على قلب واحد، وكل واحد يقدم ما يسره الله له، فالذين يعانون منا ونحن منهم، ولا تهنأ نفس، ولا يطيب خاطر، ولا تنام عين، وإخوتنا يعيشون وسط ذلك المصاب الجلل.
عمل الخير، والوقوف مع الأخ، وتخفيف الآلام، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فرض واجب، والواجب مقدم على كل شيء، اللقمة تقتسم، والضرورة لها الأولوية، ولا ينظر إلى من بدأ، ولكن يشكر ويدعى لمن بادر، فهذا هو السباق، اليد الممدودة ولو بالقليل تسابق نفسها، وقليل يضاف إلى قليل يسد حاجة الذين كتب عليهم أن يعانوا بين أنقاض ذلك الزلزال.
تحية للفارس الشهم، ذراع أهل الشهامة المبسوطة بأعمال الخير، وللرجال، كل الرجال الذين يقفون خلف ذلك الجسر الجوي المنطلق من الإمارات نحو سوريا وتركيا، الرجال الذين يلبون أمر قائدهم ورئيس دولتهم، الفارس الإماراتي الذي يهب ليمسح دمعة طفل، ويخفف من أنين مصاب.
تحية لوطننا الذي يحتضن أمته، وتحية لأمة وفية لأبنائها وقت الشدائد.
بقلم: محمد يوسف