|  آخر تحديث فبراير 1, 2023 , 16:51 م

الفرصة الضائعة


الفرصة الضائعة



روسيا بالنسبة لأوروبا واقع لا يمكن الفرار منه، وهي دولة عظمى، لا تقبل بأن تعامل وكأنها دولة عادية يحكمها نظام غير متوافق مع «حلف الشمال الأطلسي» أو ما يسمى اختصاراً «الناتو»، هذه ليست من «جمهوريات الموز التي تدخلوا كثيراً في شؤونها، وغيروا قياداتها وحكوماتها، وأصروا على أن تعيش على حافة الفقر حتى لا تمد بعدها بعيداً».

روسيا منحتهم فرصة سلام واستقرار بعد أن فككت الاتحاد السوفييتي، الذي كان يقف في وجههم وصواريخه النووية العابرة للقارات مصوبة نحو عواصمهم، وغيرت نظامها بالكامل، تحولت إلى دولة ديمقراطية تطبق مواصفات وضعها الغرب، وفتحت اقتصادها في اتجاه الرأسمالية، قضت على الديكتاتورية الحزبية، وتخلت عن الاشتراكية الاتكالية، وعادت إلى الأديان بعد عمر مديد من الإلحاد، وقبلت بخفض ترسانة الأسلحة النووية التي ورثتها، ووقعت اتفاقات مع الولايات المتحدة للتخلص من أغلب الأسلحة، وعاشت فترة انتقالية صعبة، ولم يمد الغرب يده نحوها، لم يساعدها، ولم يخفف من أزماتها، بل مارس ضغوطاً كادت تحولها إلى دولة فاشلة!

الغرب لم يستثمر الفرصة، صنع نوعاً من العداء مع روسيا بدلاً من احتوائها، ولم يقبل الروس الوضع الذي أصبحوا عليه فأعادوا ترتيب أوراقهم، وداسوا على جراحهم، حتى استعادوا مكانتهم، والضغط الغربي لم يتوقف، فكانت حرب أوكرانيا الحالية نتيجة لتلك التصرفات التي جعلت من الصديق عدواً، بعد أن اقتربوا أكثر من اللازم من حدود روسيا، وما زال الغرب مستمراً، وكأنه يضحي بشعب أوكرانيا مقابل تحويل روسيا إلى دولة فقيرة وعاجزة، وهذا لن يحدث، فالتاريخ تحدث عن روسيا الممتدة في أوروبا، ولم يتحدث عن أوروبا الممتدة في روسيا، ولهذا تراجعت وزيرة خارجية ألمانيا عن تصريحها الأخير، واستبدلت مقولتها بأن «أوروبا في حالة حرب مع روسيا»، إلى عكسها، عندما قالت «إن أوروبا ليست طرفاً في الحرب الأوكرانية»!

ومع ذلك، فإن الطريق الذي تسير عليه أوروبا قد يجعلها في لحظة «طيش» تخوض حرباً هي غير مستعدة لها.

 

 

 

بقلم: محمد يوسف 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com