|  آخر تحديث فبراير 2, 2016 , 2:31 ص

الثروة والسلطة


الثروة والسلطة



بقلم: أحمد فتحي العيساوي – (ليبيا)

الثابت إن تاريخ ليبيا الحديث قد عرف تغيراً كبيراً باكتشاف النفط، هذا الاكتشاف الذي غير الكثير في حياة الليبيين، تاريخياً واقتصادياً واجتماعياً لقد أحدث النفط قفزة كبيرة في البلاد، خاصة وإن ليبيا في ذلك الوقت كانت دولة فقيرة، منهكة من تاريخ طويل مليء بالحرب والدمار، آخره الحرب العالمية الثانية. كان الاستقلال حديثاً، والليبيون لا يعرفون ما هو النفط، إلا كونه مفتاح الثروة التي ستعود على الشعب، لكن الواقع يقول، إن الشركات الأجنبية، والأمريكية بشكل خاص، كانت هي المستفيد الأكبر من هذه الثروة، وأنها ستفعل أي شيء لضمان استمرار هذه الاستفادة، كان يمكن لهذا النفط أن يكون نعمة، لكن واقع ما نعيشه يؤكد بأنه نقمة، فهو من جاء بالشركات الأجنبية (الطامعة) وبلادها إلى ليبيا وهي من عملت من خلال مخابراتها على إحداث التغيير على ثورة القذافي العسكرية 1969، بثورة 2011 للتحكم بالنفط الليبي، ويحوله إلى مصدر لتنفيذ مشاريعهم وأحلامهم، وعندما عادت الفرصة للأجانب لرد ما فعله القذافي بهم والمتضرر هو الشعب، ويبدو أنه كتب على الشعب ألا يستفيد من ثروته الوحيدة، وأن يظل يبحث عن البدائل، ودفع ابناء الشعب الليبي افرادا للمؤتمر الوطني وافرادا لمجلس النواب وافرادا للجنة صياغة الدستور وافرزوا هؤلاء قذارة من الحكومات آخرهما الحكومة الليبية المؤقته وحكومة الإنقاذ وكانوا كلهم في جعبة واحدة ولم ارى ولم اسمع في حياتي شجع كجشع هؤلاء جشع على بؤس ومعاناة الشعب الليبي الذي لم يبالوا به وهو في أدنى معيشة ارضية، وانفتحت شهواتهم الدونية، البهيمية على طلب مبالغ مالية شهرية، شاهقة ومزايا وعطايا على البؤس الذي يعيشه هذا الشعب من مرتبات دونية او مرتبات قطعت عنه وغلاء معيشة وتهجير وتشريد وغيرها، وآخر الجشع، مرتبات ضخمة والشعب لازال على قانون رقم15 لعام 2010 يعني هذا ان اقل مرتب قيمته500 د.ل لا غير، وقبل أيام على انقضاء المهلة الممنوحة لرئيس حكومة «الوفاق» التي ولدت برعاية أممية، لتشكيل حكومة، من المتوقع أن يفتح الهجومان، اللذان يعد أحدهما الأكثر دموية في ليبيا ، والأعنف منـذ سقوط نـظام معمر القذافي، وكذلك معركة «الهلال النفطي»، والنقاش يشكل أكثر إلحاحاً لدى الغرب حول التدخل الدولي مجدداً في البلاد، بغض النظر عن طبيعته وحجمه، بعدما أصبحت ليبيا ملفاً ملحاً لأوروبا، المهددة بالإرهاب وتدفق اللاجئين، وفيما تكتفي واشنطن بضربات جوية تستهدف قادة للتنظيم في ليبيا، وبعمليات كومندوس، فإنها لن تسمح على الأرجح بالمساس بأمن المنشآت النفطية، بالرغم من ضعف احتمال أن يتمكن «داعش» من بيع النفط الليبي حتى لو سيطر على منشآته، في وقت كانت فرنسا قد قامت بطلعات استكشافية في نهاية العام الماضي فوق ليبيا، واعتبرت أن الملف الليبي سيكون الأكثر إلحاحاً في العام الحالي، وفي الوقت الذي أبدت بعض الدول حماسة لمنحى التدخل العسكري، كإيطاليا، التي اشترطت طلباً ليبياً رسمياً ومباركة من الأمم المتحدة، وبريطانيا التي تفكر بنشر حوالي ألف عنصر لتدريب عناصر أمن ليبيين، والمجتمع الدولي سيعطي الأطراف الليبية المتصارعة بعد التصعيد الذي طرأ على المشهد الليبي خلال الأسابيع القادمة ، فرصة أخيرة للتوحد، قبل التحرك عسكرياً، والظلم العظيم في هذا الأمر ان مصدر اموال الساسة هي ثروة طبيعية عامة وهو النفط الليبي ولا حق لأحد ان يخصص منها نصيباً لنفسه بل هي حق لكل من ينتمي لهذه الارض ولو كان مصدر هذه الاموال جباية او رسوم او ضرائب حكومية لجاز تخصيصها لان في تحصيلها جهد حكومي ولكنها ثروة كل الليبيين فمن اين لهؤلاء تخصيصها لأنفسهم وحرمان اصحاب الحق منها، مايقهر النفوس الوطنية ويلقيها إحباطا ويؤججها غضبا، ويتوهها صوبا وحدبا، وان تجد هؤلاء الحكام التنفيذين والتشريعيين عجزة ومقعدين ومعاقين امام انهيار ليبيا وبصفاقة وبحماقة وعقول معاقة، يطالبون بمرتبات عالية ومزايا ملكية رئاسية بل وينشرون الحسرة في نفوس هذا الشعب الذي يعلم جميعه ان وزراء عهد القذافي الذي لن يعود بما يعرف باللجان الشعبية ونوابهم بما يعرف بالمؤتمرات الشعبية كانوا يتقاضون مرتبات لا تتعدى (1200) دينار ليبي وهو مرتب متقارب مع مرتب الدرجة 11 وكانوا اكثر نشاطا وحيوية من جميع الحكومات بعد الثورة المباركة التشريعية والتنفيذية وكانوا اكثر فائدة لليبيا من هؤلاء، طبعا مع الظلم والاستبداد الذي كان في ليبيا.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com