مشكلة عالم «البيض» أنه لم يستطع التعرف على شعوب العالم الأخرى، أو بالمعنى الذي يتحدثون عنه «العوالم الأخرى» التي تختلف عنه في أشياء كثيرة، رغم أن البيض غزوا «السمر والسود والصفر والحنطيين» واحتلوا بلدانهم، واستعبدوهم عشرات السنين، وفي بعض المناطق وصلوا إلى مئات السنين، وهم -أي البيض- يدعون بأنهم باحثون ودارسون لعادات الناس وتقاليدهم وسلوكياتهم، وفكرهم وثقافتهم ومعتقداتهم، وقد ألفوا الكتب، ودرسوها في كبريات جامعاتهم، وأظهروهم بالمظاهر التي يريدونها، وسخروا منهم بعد أن اعتبروهم متخلفين.
هذه المشكلة ما زالت مسيطرة على الفكر الأبيض، ولن أقول الغربي، لأن الثابت بأن هؤلاء ما زالوا يحملون بذرة العنصرية في داخلهم، وها نحن نشهد سقطاتهم بين حين وآخر، في كلام السياسيين، وفي ملاعب الكرة والرياضة بشكل عام، وحتى في تعاملاتهم كدول مع البلاد التي كانوا يستعمرونها، فأغلبهم ما زال يعتقد بأن تلك البلاد قد كتب عليها البقاء تابعة لمستعمرها القديم، ذلك المستعمر الذي لم يخرج من أرضهم إلا بعد دفع سكانها الأصليين ثمناً غالياً تمثل في الأرواح التي أزهقت والثروات التي نهبت، بلاد كانت ممنوعة من التعليم، ولا تعرف شيئاً عن الخدمات الصحية، ولا يسكن أهلها في بيوت صالحة، ويعملون بنظام «السخرة»، وهي تعني «العبودية»!
هؤلاء البيض وجدوا أنفسهم يتراجعون أمام الأعراق الأخرى، فتذكروا عهداً كان جبروتهم فيه طاغياً، فاختاروا وسائل جديدة لتدمير المجتمعات المستقرة والآمنة في ظل ما يؤمنون به، وسائل مغلفة بمسميات براقة، داخلها مغريات، بدأت بنشر المسكرات، ومرت على المنبهات المذهبة للعقل، حتى وصلت إلى دس سم الانحراف داخل كل بيت، بإشراف مباشر من دعاة التحضر وحقوق الإنسان والمساواة بين البشر، وهم لا يتمتعون بهذه الصفات!
بقلم: محمد يوسف