بقلم الكاتب: أحمد فتحي العيساوي – ( ليبيا )
رغم تغير الظروف والأزمان بداية من عصر الخلفاء الراشدين, وحتى زوال الخلافة, إلى يومنا هذا لا تزال الفرق, والجماعات والأحزاب, وتيارات الإسلام السياسى بنزقها, وصلفها كماهي،تتغير المسميات والهدف واحد, وهو الصراع على السلطة تحت ستار الدين تقنن الفتن, وجميع الموبيقات لنفسها ولأنصارها, وتزينها لغيرها،فالحرام فى شرعها حلال, والحلال حرام. والكذب مباح, والرجوع عن الحق فضيلة, وسفك الدماء وسيلة،ومن أجل الغرض, والسلطة تستحل الأموال,والأعراض، ويصبح «جهاد النكاح» جائزا, ومستحبا فى عرف, وأدبيات شيوخ المدعين،وتوصف المذاهب, والفرق والجماعات المتطرفة المنتسبة للإسلام بالمتأسلمين الجدد, أو الإسلام السياسى, وهو أمر متعارف عليه, ومتكرر فى التاريخ الإسلامى،وغالبا ما يصاحب ظهورها فترات ضعف الدول بما يسمح بانشقاق فئات, وطوائف من المسلمين, واعتزالهم الناس, ومجالس العلماء, وخروجهم عن الإجماع بالتشكيك في الفكر, لإحداث فتنة فى المجتمع «وجر شكل» السلطة, لاستنزافها فى مواجهات مسلحة بدعوى حماية الدين والشريعة،وللأسف هم دائما أداة طيعة فى يد أعداء الدين, وأجهزة مخابرات القوى الخارجية لتفتيت وحدة المسلمين،بداية تمهيدية قبل الدخول فى حلقات, حركات الإسلام السياسى،مرتزقة الحروب, وأمراء الفتنة فى إزكاء الصراعات المناطقية والجهوية على مر العصور، نشير إلى أن النبش فى التاريخ, واستدعاء التجارب المظلمة فيه, ليس مضيعة للوقت, أو وسيلة للتباكى, وتقليب المواجع. فالتاريخ الإسلامى على امتداده مضيء وناصع مليء بالشخصيات, والمواقف, والعبر, والذكريات،وإن مرت به بعض العثرات, والفترات الحزينة المؤلمة فى مسيرة الحضارة الإنسانية للشعوب, والمسلمين على وجه الخصوص،وفى حالات التشابه, والتكرار, لا مفر من المقارنة والقياس كوسيلة متاحة للتدليل, وإصدار الأحكام وبالنسبة لي هو مبرر واقعى للربط إن أمكن بين بدايات بروز ظاهرة فرق وجماعات العنف, والتطرف الديني فى القرن الأول للهجرة, وأصداء دعوتها ومعاركها, وما آل إليه الحال الآن بعد أكثر من 14 قرنا،وقد تكون فرصة لكشف أسباب إعادة تكرار الظاهرة بملامحها, وأهدافها،دون أي تغيير سوى فى الأشخاص, والعصور وكأن التاريخ يعيد سيرته الأولى،ومن الشواهد الملفتة فى التاريخ الإسلامى تكرار ذكر مصطلح «الخوارج» بين الحين والآخر،ووصف, أو مصطلح الخوارج يطلق على الفرق, والجماعات, والأحزاب المنتسبة للإسلام, التى تؤمن بالعمل السري, وترفع السلاح على أولى الأمر, وتتخذ العنف, والاغتيالات وسيلة, لإرهاب من يخالف أفكارها،وهي تضم مذاهب, وفرقا, وجماعات شتى، ترفع لواء الدين والشريعة فى خطابها،فى حين تضمر كل الشر للإسلام, والمسلمين، وإن إدعت غير ذلك، والخوارج سياسيا وتاريخيا كما جاء فى كتب السيرة والسنة النبوية, هى فرق إسلامية كانت لها آراء أحدثت شرخا سياسيا فى بناء الدولة، وأعضائها, أو دعاتها فى الأغلب الأمم كانوا من «القراء» حفظة القرآن الكريم. ويطلقون على أنفسهم المؤمنين, وجماعة المؤمنين, والجماعة المؤمنة، على إعتبار أنهم أوصياء على الدين.